أبو الغيط: أزمات المنطقة طال أمدها.. والأزمة تكمن في عدم إدراك استحالة الحل العسكري
قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن أزمات المنطقة العربية طال أمدها وتعقدت مساراتها إلى حد أن إحدى تلك الأزمات، وهي الأزمة السورية، قد أصبحت أزمة اللاجئين الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن الأزمة اليمنية صارت الكارثة الإنسانية الأكبر والأشد خطرا في عالم اليوم.
وأضاف أبو الغيط في كلمته أمام الاجتماع غير الرسمي لأعضاء مجلس الأمن مع الجامعة العربية، اليوم الأربعاء، أن الوضع الحالي يمثل مرحلة غير مسبوقة انفجرت خلالها أزمات متتابعة ومتلاحقة ومتداخلة في المنطقة العربية، موضحا أن الجامعة العربية لا زالت ترى أن لا حل عسكريا لأي من الأزمات القائمة، موضحا أن تجربة السنوات العشر الماضية أثبتت استحالة الحل العسكري واستحالة فرض واقع جديد بالقوة والإجبار على السكان، ومن ثمّ حتمية الحل السياسي.
وذكر أن المشكلة هي أن الأطراف جميعها لم تصل بعد إلى هذا الإدراك، وأنه ما زال لدى البعض أوهامٌ باحتمال تحقيق حسم عسكري ما، وترجمته إلى واقع سياسي جديد، متابعا: “هذا هو واقع الحال في اليمن على سبيل المثال، إذ لا زال الطرف الحوثي يُصر على مواصلة القتال برغم ما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية والصحية والغذائية في هذا البلد من تردٍ كارثي”.
وتابع أن جماعة الحوثيين لم تستجب لمبادرات مختلفة، بعض هذه المبادرات أطلقتها الأمم المتحدة (مثل عملية استوكهولم وما نتج عنها من اتفاق الحُدَيدَة)، وبعضها أطلقه تحالف دعم الشرعية وآخرها في مارس الماضي، حيث جرى الحديث عن وقف شامل لإطلاق النار والدخول في محادثات سياسية تستجيب لشواغل كافة الأطراف، بمن فيها الطرف الحوثي نفسه، ولكن للأسف فإن هذا الطرف ما زالت تحركه أجندات غير يمنية، ويتصور أن بإمكانه فرض سيطرته الكاملة على اليمن كله بالقوة.
وتطرق إلى الوضع في سوريا، قائلا إنه بعد عشر سنوات من حربٍ أهلية مدمرة ومئات الآلاف من الضحايا وملايين اللاجئين والنازحين ما زالت التسوية السياسية تُراوح مكانها والجهود المتواصلة للمبعوث الأممي من أجل عقد لجنة دستورية، تجمع الحكم والمعارضة، لا تُحرز اختراقا واضحا.
وأكد أن التسوية السياسية المطلوبة في سوريا تقتضي، توافقا دوليا بين الأطراف ذات التأثير في الأزمة، مشددا على موقف الجامعة العربية، بأن بقاء سوريا كدولة موحدة، ذات سيادة على كامل ترابها الوطني، يُعد مبدأ أساسيا في أية تسوية، كما لا يُمكن، ولا ينبغي، أن تتجاهل هذه التسوية المفترضة تطلعات وآمال وطموحات كافة أبناء الشعب السوري، سواء المقيمين داخل الوطن أو المشتتين خارجه.
وعن الأوضاع في ليبيا، أشار إلى أن هناك تاريخ حاسم هو 24 ديسمبر القادم، تاريخ عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في البلاد، مؤكدا أن الجامعة العربية تُثمن حالة التوافق الدولي والإقليمي التي جعلت مسار التسوية السياسية ممكنا في ليبيا، وتتطلع إلى استكمال المسار، الذي يجب أن يعتمد في الأساس على إرادة الليبيين أنفسهم، أصحاب البلد الذين يملكون مسار ومصير العملية السياسية، ونشير هنا إلى ما تُمثله تجربة العمل الدولي بشأن الأزمة الليبية من نموذج إيجابي لتعاون بنّاء بين شركاء أربع: الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى محورية عملية برلين، وتأييد الجامعة لعمل حكومة الوحدة الوطنية وجهودها وكذلك تأييد مجلس النواب وجهوده، مطالبا الجميع بإعلاء المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، مؤكدا أن المسار السياسي لا بد وأن يُرافقه ويُصاحبه تطور في الأوضاع الأمنية يضمن إنهاء التواجد العسكري الأجنبي وخروج كافة المقاتلين الأجانب والمرتزقة والقوات الأجنبية، باعتبار ذلك ضمانة أساسية لاستكمال المرحلة الانتقالية في ليبيا، وأيضا للاستقرار الشامل في هذه المنطقة.