سيد حجاب.. حلواني العامية المصرية وصياد المعاني
سيد حجاب، شاعر مصر كبير، صاحب المعاني العميقة، والرسائل النبيلة، والذي نمر اليوم بذكرى ميلاده التي توافق 23 سبتمبر من العام 1940، ويُعد حجاب أحد أهم شعراء العامية المصرية، حيث يتمتع بموهبة ضخمة مكنتّه من احتلال مكانة رفيعة بين شُعراء العامية المصريين.
وُلد سيد حجاب في مدينة المطرية بالدقهلية، وتأثر بوالده، وجلسات السمر التي كانت تُقام في بيته، كما تأثر بالبيئة المحيطة به، حيث كان أهل بلدته يعملون بالصيد، فطبعت عاداتهم في عقله، وترجّم ذلك في ديوانه الأول صياد وجنية الذي أصدره في 1964.
ارتبط حجاب عند المصريين بتأليفه تترات المسلسلات الهامة، حيث كان تتر حجاب لا يقل أهمية عن المسلسل نفسه، إن لم يطغ على المسلسل أحيانًا، وأشهر ما قدمّه في هذا الميدان، تتر المال والبنون، بوابة الحلواني، وليالي الحلمية، وهي أعمال لا تستطيع أن تفصل بينها وبين تتر حجاب المُعبّر بدقة عن محتوى العمل.
تترات سيد حجاب ورصده الدقيق لجوهر العمل
في تتر بوابة الحلواني الذي غناه علي الحجار، ولحنّه العبقري الموسيقي بليغ حمدي، يقول بتعبير بليغ: راصد يُطوعه العقل بين الحقيقة والمجاز، وهو «اللي بنا مصر كان في الأصل حلواني» فباني مصر القديمة التراثية التي نعرفها، هو جوهر الصقلبي، وكان قبل قدومه إلى مصر، يعمل في صباه بمحل لتصنيع الحلويات مع والده، وهنا تجد المعنى حقيقيًا تمامًا، وتستطيع أن تقول أنه حلواني بالمعنى الدارج للعصر، أن مصر تبلغ مبلغًا كبيرًا من الجمال، فكأنها بتعبيرنا المحلي، تُشبه قطعة الحلوى، وتتلاقى معها في عذوبتها، فيقول: وعشان كده مصر يا ولاد حلوة الحلوات.
من أهم التترات التي كتبها سيد حجاب، تتر «الأيام» للمسلسل الشهير عن حياة عميد الأدب العربي طه حسين، وعبّر فيه بدقة غريبة ببضع جُمل عن مشوار العميد الصعب: «أيام ورا أيام، لا الجرح يهدا ولا الرجا بينام، ماشي في طريق الشوك ماشي، لكن قلبي مطرح ما يمشي يبدر الأحلام»، حيث اضطر طوال حياته أن يمشي على شوك، بداية من طفولته وفقدان بصره مرورا بمعاناته مع التعليم، إلى فصله من الأزهر، وتكفيره، وأشياء كثيرة من شأن إحداها إنهاء الحياة العلمية لأي أحد، رغم ذلك، أصبح طه حسين صاحب الأمل وبقلبه الذي يبدر الأحلام، أن يصبح أحد أكثر الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإنساني.
من أشهر تترات حجاب على مدار حياته، تتر أرابيسك، أبنائي الأعزاء شكرًا، أوبرا عايدة، والوسية، كما له 7 دواوين شعرية، هما: قبل الطوفان الجاي، صياد وجنينة، نص الطريق، في العتمة، تاتا خطي السبعين، أصوات، ووسط الطوفان، ورحل سيد حجاب عن عالمنا في 25 يناير من العام 2017 عن عمر ناهز الـ 76 عامًا.