تحت رماد الذكرى.. قصيدة لـ سيد عبد الرازق
الشاعر سيد عبد الرازق له عديد من الأعمال الشعرية، منها: يرسمها الدخان، نيرفانا، أخيرا تصمت الزرقاء، يقامر شعره، وهو طبيب بيطري من مواليد محافظة أسيوط.
حصل سيد عبد الرازق على عِدة جوائز، منها جائزة الفيصل في الشعر، وهذه واحدة من قصائد الشاعر بعنوان تحت رماد الذكرى.
في دفترِهِ
صورةُ حلمٍ خبَّأهُ
وحمامٌ زاجلْ
يحملُ تاريخًا أبديًّا
قدريًّا من زمنِ الصدفةِ
وملاذًا للقِطِّ العاشقِ
في وهجِ الخوفِ المتربِّصِ
خلفَ حواجزِهِ الخمسينْ
في دفترِهِ
صورتُها
قارورةُ عطرٍ
نكهتُها
ولهيبِ الأنثى
شِعْرٌ يستَلُّ خناجرَه
يطعنُ خصلَتَها البيضاءْ
أرَّقَ نومَ ترابِ القلبِ
وأيقظ محكمةَ التفتيشْ
كيفَ ؟
وأينَ؟
وهل أخبرَها بامرأةٍ أخرى يسكُنُها
مزَّقَ خاتَمُها يسراهْ
هل أخبرَ يومًا نهديْهَا
كيف يوازِي
بين صهيلِ النَّهدِ الحُرِّ
وبين عِواءِ الشيبِ المُرِّ
وغرفةِ أخرى
ضيَّعتِ العمْرَ لتلقاهْ
هل أخبرَها أنِّي طولَ العمرِ عصاهْ
كان يُسَخِّرُنِي مُتَكَأً
ثم يسخرني كالحيَّةِ
أتلوَّى ليلا لهواه
أنِّي كنتُ نخيلَ الدارِ
أُثَبِّتُ أرجوحةَ خُطوَتِهِ
حين يُضَيِّعُهُ مسعَاه
أني كنتُ ضحيَّةَ حبِّي
أتركُ دربي
أتراجَعُ مِتْرًا للخلفِ
ليبدوَ في الصورَةِ مُنْفَرِدًا
دونَ عصاهْ
يُعلنُ في زهْوٍ شرقيٍّ
هذا ما صنعتْ يُمْنَايَ
وما صنعتْ يومًا يُمنَاه
تنمو أسئلةٌ وتطولُ
ويتسلَّلُ وخزٌ للقلبِ
لينزفَ آخرَ قطرةِ عشقٍ
تبسُمُ في وجعٍ أوَّاهْ
الآن سترتاحُ قليلًا
تخرجُ من مسرحِهِ الوغدِ
ودفترِهِ وصقيعِ البردِ
وتمحو - حين يصيرُ رمادًا -
آخرَ طيفٍ من ذكراهْ
