حكاية عم صبري.. من صديق مقابر سيدي جلال لمدرس إنجليزي
يظهر البناء الخرساني من بعيد، معلنا وجود مقابر، لكن مع الاقتراب منه، يتضح أن مراقد الموتى أصبحت مأوى لمن لا ملجأ له من أهل الدنيا من المشردين والباعة التي تحيط بهم القمامة من كل الجوانب، رغم أنها مخصصة لإكرام الموتى.
هدوء المنطقة وانعزالها جعلها بيئة خصبة لـ عم صبري، الذي ظهر على ملامحه الشقاء، يرتدي جلبابًا رثا قديم، لا يبدل ثيابه واتخذ من مقابر سيدي جلال في السيدة عائشة ملجأ له، بعدما تقطعت به كل السبل لسنوات عديدة، ولم يهب الحكاوي التي اعتدنا على سماعها عن الجن والعفاريت والأرواح الشريرة والأشباح التي تتجسد في صورة الموتى.
سنوات طويلة لم يتجرأ أحد على تقديم المساعدة له، حتى تقدم شاب يدعى طه عبيد، في عقده الثاني بتقديم المساعدة له ومنحه فرصة أخرى ليبدأ حياته من جديد، وشراء ملابس جديدة له، والتخلص من الشعر الطويل الذي يغطي وجهه بطريقة جعلت المارة يخافون منه، بجانب شراء كتب تدريس له ليعود لعمله الذي اعتاد عليه قبل سنوات، وهو أن يصبح مدرس إنجليزي لجيران المنطقة.
لتتحول ملامح عم صبري الذي عفا عليها الزمن، لشبيه «عمر الشريف» كما زعم طه، معلقا على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «احنا كلنا زي عم صبري، لما الظروف بتيجي علينا بنبقى مش كويسين وبنضعف ونستسلم لنفسنا، والنفس هنا زي البحر الواسع بتغرق صاحبها من غير ما يحس، وهنا واجب الإنسان تجاه اخوه الإنسان، ولازم لما تشوف حد بيغرق تقرب منه وتنقذه وتديله طوق النجاة».