لبى مطالب القراء.. أبو تمام شاعر التجديد في العصر العباسي
يعد أبو تمام أهم شعراء الدولة العباسية، صاحب ديوان الحماسة، الذي استطاع أن يلبي صيحة التجديد في الشعر العباسي، حيث عرض المقطوعات الشعرية القصيرة التي حازت على إعجاب الجمهور آنذاك.
ويستعرض القاهرة 24 أبرز المعلومات عن الشاعر العباسي أبو تمام صاحب ديوان الحماسة.
ولد أبو تمام بمدينة جاسم، وهي من قرى حوران بسوريا أَبو تمام عام 231هـ، واسمه بالكامل حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أحد الشعراء المرموقين في الدولة العباسية وخاصة في عصر المعتصم، ورحل من سوريا إلى مصر، لكن المعتصم استقدمه من مصر إلى بغداد.
أبو تمام اشتهر بفصاحته الشعرية عن المتأخرين، حيث إنه سعى في عهده إلى الوصول إلى جذب المزيد من شرائح النقاد والجمهور العاشق للشعر، وعرف ديوانه باسم الحماسة وفقًا لأول باب به، ويليه أبواب أخرى هي: المراثي، والأدب، والنسيب، والهجاء، والأضياف والمديح، والصفات، والملح، ومذمة النساء.
أشهر قصائد أبو تمام
من أشهر القصائد التي كتبها أبو تمام تلك القصيدة التي كتبها بعد الانتصار الكبير الذي حققه الخليفة المعتصم في فتح عمورية وهي المعركة التي جاءت ردًا على اعتداء الروم على بلدة عربية تسمى زبطرة وقتل من فيها، وأثناء ذلك صرخت امرأة تستغيث قائلة وا معتصماه فعجل المعتصم بحملة لرد هذا العدوان وتلبية لاستغاثة المرأة المسلمة، ورغم أن المنجمين حذروا المعتصم وأكدوا له أنه سيهزم في هذه الحملة لكنه لم يستجب لهم واستمر في حملته وانتصر وفتح عمورية، ما جعل أبو تمام ينظم هذه القصيدة التي يسخر فيها من المنجمين وكذب توقعاته ويشيد فيها ببطولة المعتصم.
وجاء في القصيدة:
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في
مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً
بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما
صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ
تَخَرُّصًا وَأَحاديثًا مُلَفَّقَةً
لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
عَجائِبًا زَعَموا الأَيّامَ مُجفِلَةً
عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ
وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ مُظلِمَةٍ
إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ
وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا مُرَتَّبَةً
ما كانَ مُنقَلِبًا أَو غَيرَ مُنقَلِبِ
يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ
ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي قُطُبِ
لَو بَيَّنَت قَطُّ أَمرًا قَبلَ مَوقِعِهِ
لَم تُخفِ ما حَلَّ بِالأَوثانِ وَالصُلُبِ
فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ
نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ
فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ
وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ
يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت
مِنكَ المُنى حُفَّلًا مَعسولَةَ الحَلَبِ
أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ
وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ
أُمٌّ لَهُم لَو رَجَوا أَن تُفتَدى جَعَلوا
فِداءَها كُلَّ أُمٍّ مِنهُمُ وَأَبِ
وَبَرزَةِ الوَجهِ قَد أَعيَت رِياضَتُها
كِسرى وَصَدَّت صُدودًا عَن أَبي كَرِبِ