الكاريكاتير جمعة فرحات.. 66 عاما من مشاكسة السلطة في بلاط صاحبة الجلالة
يعد رسام الكاريكاتير جمعة فرحات، رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير، والذي رحل عن دنيانا اليوم عن عمر ناهز الـ80 عامًا أبرز رسامي الكاريكاتير في الوطن العربي كما يعد عميد رسامي الكاريكاتير في مصر وهو رسام الكاريكاتير السياسي الأول في مصر كما يصفه أصدقائه.
كان جمعة يرى: أن بداية الكاريكاتير في مصر كانت سياسية، وقبل يوليو بفترة قليلة كانت فترة تموج بتيارات سياسية ومعارك مختلفة مليئة بالزخم السياسي، وظهرت شخصية غني الحرب، وسكران طينة باشا وابتكر رخا شخصية بنت البلد ورد بها على أغنياء الحرب في هذه الفترة لأن كل شيء كانوا يقولون عليه بلدي، وبعد ثورة يوليو ظل الكاريكاتير سياسيا أيضا لكنه كان يؤيد أهداف الثورة وخطواتها، وحتي مصطفي أمين كان أحد الذين يدعون ويروجون للثورة لأنه كان أحد المبشرين بها قبل قضية التجسس وعبرت الأخبار عن ثورة يوليو وقضاياها السياسية سواء كانت قضايا داخلية، وعربية.
جمعة من الرسامين الذين مروا على صحف مختلفة بداية من الصحف الحزبية وحتى القومية إلى أن وصل للعالمية وكان كلما تضيق السلطة عليه وعلى رسومه يلجأ إلى وسائل إعلامية بديلة فقاد حملاته سواء في عهد السادات الذي هاجم خلاله سياسة الانفتاح الاقتصادي كما هاجم وزير المالية الأسبق حسن الرزاز وهاجمه بسبب سياسته المالية في عهد حسني مبارك، كما هاجم يوسف بطرس غالي والذي وصفه بأنه أسوأ وزير مالية في مصر كما هاجم عاطف صدقي ولم يترك وزيرا في عصر مبارك إلا ورسمه في الكاريكاتير ولأن الكاريكاتير يحتاج إلي مناخ من الحرية فكان يعمل بحرية شديدة فإذا جاءته الفكرة قوية وجريئة كان ينشرها في جريدة الوفد وقتها حيث كانت تتسم في ذلك التوقيت بخط سياسي وتحريري جرئ وكان يوزع باقي الرسومات على الأهرام ويكلي والأهرام الاقتصادي ومجلة صباح الخير كل حسب توافق الجريدة ومدي الحرية التي بها وهذا كان يعرفه من واقع خبرته الطويلة.
ولجمعة موقف شهير مع فنان كاريكاتير إسرائيلي يدعى لورى وهو رسام كاريكاتير إسرائيلي وعلم جمعة أنه سيعمل بصحيفة الأهرام وأرسل بالفعل إبراهيم نافع أعماله إلي صلاح جاهين المسئول وقتها عن الكاريكاتير في جريدة الأهرام، وطلب جاهين جمعة لمناقشته في الأمر وقال له لوري الرسام الذي تعجبك رسوماته سيعمل في الأهرام، فأخبره أنه إسرائيلي الجنسية فرفض صلاح جاهين أن يعمل لوري في الأهرام، لأن الجماعة الصحفية ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وانتهي الموضوع برفض صلاح. ولكن بعد عشر سنوات بنشر الأهرام رسومات له دون الإشارة إلي جنسيته فتكلم جمعة مع الكاتب الصحفي عادل حمودة ووافق على طرح الموضوع في روزاليوسف وكتب جمعة مقالة ورسم كاريكاتير ضد رسومات لوري في الأهرام، ولكننه فوجئ بنشر رد في الأهرام وهو ما اعتبره جمعة مخالف للتقاليد المهينة إذ كيف يكون الرد علينا في الجريدة المخالفة لنا؟
فقام بعمل رد على الرد، وقابل وقتها محمد عبداللاه الصحفي بالأهرام وقال: إن سبب نشر خطاب الرد بسرعة أن إبراهيم نافع كان في فرنسا وقال لي: تصرف، وبالفعل نشر الرد في الأهرام، وخاض جمعة معركة ضد رسومات لوري في الأهرام وكانت فضيحة بالمستندات، وانتهز جمعة فرصة أن إبراهيم نافع كان نقيب الصحفيين وقال له سنلجأ للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين التي أقرت بعدم التطبيع وحينها أوقفت الأهرام نشر رسومات الإسرائيلي بقرار من نافع.
ولد جمعة في 24 أبريل 1941 في القاهرة، وهو حاصل على بكالوريوس التجارة عام 1964، وهو نفس العام الذي التحق فيه بمؤسسة روزاليوسف، التي عمل بها على مدار 35 عاما، كما رسم لمجلة الأطفال الإماراتية ماجد من عام 1972 حتى 1979، كما كان يرسم لصحيفة الأهرام ويكلي منذ إصدارها الأول عام 1990، ثم بدأ بنشر أعماله بصحيفة الأهرام اليومية منذ عام 1999.
عالميا، نُشر لجمعة فرحات رسومات في صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية، ويوميوري اليابانية وغيرهما، وبعض أعماله معروضة في المتحف الألماني في بون والمتحف الدولي للكاريكاتير في فلوريدا، كما عُرضت أعماله في المعارض الأوروبية في بلغاريا ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا.
جمعة فرحات حاصل على جائزة علي ومصطفى أمين، وجائزة نقابة الصحفيين مرتين عامي 1986 و1989، واتحاد الصحفيين عامي 1985 و1989.