السم الأبيض.. القاهرة 24 يكشف: الملح الفاسد الطريق إلى الموت البطيء
الحديث عن انتشار ملح فاسد لم يكن وليد اللحظة، ولكنه يشهد من وقت إلى آخر جدلا حوله من كثير من المواطنين، وذلك بسبب شائعة انتشاره في مختلف الأسواق، الأمر الذي دفع المركز الإعلامي لمجلس الوزراء للتواصل مع المركز مع الهيئة القومية لسلامة الغذاء، والتي نفت تلك الأنباء، مؤكدة أنه لا صحة لانتشار ملح طعام فاسد في الأسواق على مستوى الجمهورية.
ومن خلال هذا التقرير، يتناول القاهرة 24، مخاطر الملح الفاسد على صحة الإنسان، وعقوبة التجارة في الملح الفاسد وطرحه في الأسواق، وأهم مصادر استخراج الملح بمصر.
عامل ملاحات: الكلوريد والرطوبة سبب فساد الملح
في هذا السياق، قال المهندس أحمد أسامة أبو عيسى، العامل في ملاحات وادي النطرون، إن الملح يتم استخراجه من العديد من الأماكن ومنها، ملاحات الإسكندرية، وملاحات وادي النطرون، وملاحات سيوة، وملاحات منخفض القطارة، وملاحات العريش، وغيرها من الملاحات على مستوى الجمهورية، ولكن التفضيل في استخراج ملح الطعام يكون لملاحات سيوة والإسكندرية، لأنه الأنسب في ملح الطعام لأن نسبة الكلوريد فيهما مناسبة للغاية، بينما الملح الناتج من ملاحات وادي النطرون والعريش ودمياط، يكون الأفضلية لهم في الصناعة لارتفاع نسب الكلوريد، به وتسبب الضرر للجسم.
وأضاف أسامة في تصريحاته لـ القاهرة 24، أن له أنواعا كثيرة ومتعددة ولكن يمكن تقسمها إلى ملح طعام وملح تصنيع مثل المستخدم في ذوبان الثلوج وغيرها من الصناعات.
أوضح أن استخراج الملح يعتمد على الملاحات نفسها، مبينًا أن هناك ملاحات تحتاج استخراج الملح بـ البلدوزر، مبينًا أنه في بداية الأمر تكون الملاحات عبارة عن مياه مالحة ونتيجة لتعرضها للشمس، ويتم تبخير المياه وتتحول الملاحات إلى الملح، ويتم استخدام الحفارات في الملاحات العميقة وفي الملاحات السطحية يتم استخدام البلدوزر، ويكون ذلك على حسب نوع التربة ونوع المكان.
وأشار إلى أنه عقب استخراج كميات الملح من الملاحات يتم فرده بنظام "مراود" وهو شكل طولي لفرد الملح، لتصفية المياه والوصول تهوية التامة، حتى يصبح الملح جاف من المياه على الإطلاق.
وأكد أن الملح يختلف حجمه على حسب نوع الملاحة، مبينًا أن الملح في ملاحات سيوة يكون شديد الخشونة، ويكون حجمه أكبر من حجم الملح الخارج من ملاحات وادي النطرون بـ4 مرات، حيث يكون الملح في ملاحات وادي النطرون أكبر من حجم حبة الأرز 3 أضعاف.
كما أفاد بأنه بعد تجفيف الملح يتم العمل عليه، ففي حالة استخدامه في التصنيع يمكن استخدامه بخشونته وفي حالة استخدامه كملح طعام يتم طحنه في المطاحن وغسله وإعادة تكريره أكثر من مرة، لكي يكون صالح للاستخدام.
وأكد أن الطريقة التي تكشف فساد الملح، هي التحاليل التي إجراءها، مبينًا أنه في بعض الأوقات يوجد ملح في ظاهره جيد ولكنه بعد عدة أيام يتصلب مرة أخرى لذلك تكشف التحاليل مدى صلاحيته، التي تكشف نسبة الكلوريد ودرجة الرطوبة التي تعرض لها الملح.
وأشار إلى أن الملح الذي لا يصلح للاستخدام الآدمي يتم استخدامه كأرضية لوضع الملح الصالح عليه بدلًا من الوضع على الرمل.
تاجر ملح: الملح الفاسد يسبب الفشل الكلوي
وفي السياق ذاته، قال عصام عبد المنعم، أحد تجار الملح، إن ملح الطعام المحدد للاستخدام الآدمي يكون مغسول ومكرر ومضاف إليه نسبة اليود المناسبة، وهو الملح الصحي الواجب استخدامه.
وأضاف عبد المنعم لـ القاهرة 24، أن الملح الفاسد، هو الملح الذي لا يتم تكريره ولا غسله كما أنه لا يضاف إليه يود، وهو غير الصالح للاستخدام الآدمي، ولكنه يستخدم في الصناعات.
وبين أن اكتشاف الملح الفاسد من السليم يكون من خلال الحصول على عينات وتحليلها، وهو ما يكشف صحة وسلامة الملح، وفي حالة العثور على ملح فاسد، يتم تحرير محضر وتشميع المحل.
وأوضح أن المخاطر الفاسد يمكن أن يسبب فشل كلوي والتهابات في المعدة وغيرها من الأمراض.
كما كشف الدكتور أحمد ناصر، استشاري التغذية والمناعة، أن الملح يسبب الكثير من المخاطر على صحة الإنسان، ومنها "ارتفاع ضغط الدم"، مبينًا أنها المشكلة الأولى من الأضرار التي يتعرض لها الإنسان، حيث يؤدي إلى خلل في توزان المعادن في الجسم، وزيادة كمية الصوديوم قد يؤدي إلى احتباس الماء في الجسم.
أضاف "ناصر" لـ"القاهرة 24" أن الارتفاع في ضغط الدم بشكل مستمر، يمكن أن يؤدي للعديد من الأمراض مثل "أمراض القلب والسكتات والجلطات الدماغية والقلبية".
وتابع استشاري التغذية والمناعة، أن الملح يشكل مخاطر على الكلى، مبينًا أن زيادة الملح والصوديوم، يزيد العبء على الكلى، وهو ما يتسبب في تكون الحصى بالكلى، والإضرار بشرايين الكلى الدقيقة، ما يشكل خطرًا على كفاءتها.
وأوضح أن الملح يحدث أيضًا مشاكل في القلب، ويؤدي إلى الإضرار بالشرايين، وزيادة تضخم القلب، بالإضافة إلى مشاكل الجهاز الهضمي، الذي يحدث نتيجة وجود الصوديوم، لذلك يرتبط تناول الكميات الكبيرة من الملح بالإصابة بسرطانات المعدة.
استطرد الدكتور أحمد ناصر أن الصوديوم الزيادة في جسم الإنسان نتيجة تناول الملح بكميات كبيرة، يؤدي إلى الإصابة بالجفاف وزيادة الشعور بالعطش في الجسم، لتناول السوائل التي تعيد الأمور إلى توازنها.
وأكد أن تناول كميات كبيرة من الملح يتسبب في الإصابة بهشاشة العظام، نتيجة لترسب الصوديوم في الجسم، ومنع امتصاصه في الجسم والاستفادة منه.
عقوبة التجارة في الملح الفاسد
ويقول المحامي أحمد مهران، إن المشرع المصري حماية لصحة المواطنين حرص على أن يكون هناك جهات رقابية قائمة على متابعة كل ما يتعلق بصحة المواطن المصري، وكان من أهم القوانين التي حرص المشرع المصري على إصدارها، هي القوانين المتعلقة بالرقابة على السلع والأغذية التي يتناولها المواطن من خلال جهاز حماية المستهلك، الذي يقوم بمراجعة ومتابعة كل ما يتعلق بالاستهلاك اليومي للإنسان.
وأضاف مهران لـ القاهرة 24، أن الكشف الأغذية يتم بالتعاون بين جهاز حماية المستهلك مع معامل وزارة الصحة الخاصة بالكشف الأغذية الفاسدة وتحرير بها من قبل مفتشي الصحة.
وتابع أن مفتشي الصحة يقومون بالكشف الدوري على الأغذية من خلال متابعة الواردات من السلع الغذائية، مبينًا أن المشرع أصدر قانون وجهاز لحماية المستهلك وقانون الكشف الأغذية، ووضع نصوص في القانون تجرم الفساد الغذائي، كما أعطى صفة الضبطية القضائية لمفتشي وزارة الصحة، للتفتيش والمتابعة على السلع الغذائية، وجعل لهم الحق في الضبط وتحرير المحاضر في حالة وجود شيء مخالف للقانون.
وبين أن العقوبة على الفساد في الأغذية في عدة صور، وهي المنصوص عليها في قانون العقوبات فيما يتسبب في المساس بجسد المواطن المصري، لذلك تكون العقوبة الحبس أو الغرامة لكل من يتاجر في سلعة غير صالة للاستخدام الآدمي ومن شأنها أن تؤدي لأضرار بصحة المواطنين، موضحًا أن العقوبة تكون حسب نوع السلعة سواء كانت محلية أو مستوردة، ففي حالة كانت مستورة يتم إعدام الشحنة وتوقيع الغرامة بضعف ثمن الشحنة، وإذا كانت سلعة محلية تكون الغرامة حسب نوع الغذاء وطريقة بيعه، وتصل الغرامة بحد أدنى 200 جنيه وحد أقصى 50 ألف جنيه، والحبس من 6 شهور كحد أدنى إلى 3 سنين كحد أقصى إذا كان هناك تعمد الإضرار بصحة وسلامة المواطنين.
