أكثر الأماكن المهددة بالسيول في مصر.. كيف نمنع كارثة كل عام قبل موسم الأمطار؟
تمثل السيول التي تقع على مناطق متفرقة في مصر خطرًا داهمًا على كثير من السكان، ورغم أن مصر تقع ضمن الحزام العالمي للصحراء الجافة الحارة إلا أن سيناء والصحراء الشرقية، وأماكن متفرقة من البلاد تتعرض على فترات غير متباعدة لسقوط أمطار غزيرة تؤدي إلى سقوط ضحايا.
تاريخ السيول في مصر
هناك الكثير من الحوادث التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص فعلى سبيل المثال هناك السيل الشديد الذي حدث في عام 1975 في منطقة وادي العريش ما أدى إلى غرق 17 بدويا وهدم نحو 200 منزل وتشريد آلاف الأسر فضلًا عن السيل الذي حدث عام 1987 والذي انحدر في وادي وتير واجتاح منطقة نويبع وأدى إلى تدمير الطريق الرئيسي شرم الشيخ - طابا ومن أمثلة التدمير الذي حدث في الصحراء الشرقية نتيجة الجريان السيلي الذي تعرضت له مدن قنا وإدفو وأسوان بالجنوب في الفترات 1975 و1979 و1980 وأدى إلى سيول مدمرة تسببت في خسائر مادية فادحة في الثروة الزراعية والحيوانية، كما دمرت بعض المنشآت. وفي الشمال، تعرضت مناطق الصف وحلوان والإسماعلية والسويس إلى جريان سيلي في عام 1981 و1982 و1987 ما أدى إلى خسائر مادية في المنازل والزراعات.
تسقط الأمطار على جنوب سيناء في الفترة من أكتوبر إلى مايو وتُحدِث أمطارًا غزيرة في الخريف في شهرَي أكتوبر ونوفمبر وتُسبِّب سيولًا جارفة، ويزداد المطر السنوي في شمال خليجَي السويس والعقبة عن جنوبهما.
تتعرض المنطقة الغربية لجنوب سيناء، في فصل الشتاء في ديسمبر ويناير وفبراير من كل عام إلى تجمعات سحب رعدية مسببةٍ لأمطار تسقط على هضبة التيه العربية نتيجة للرياح الجارفة مثل وادي سدر ووادي وردان ووادي غرندل ووادي الطيبة ووادي بعبع ووادي سدري ووادي فيران ووادي سعر ووادي شدق حيث تصب مياههم في سهل القاع وتتجه بعد ذلك جنوبًا لتصب في خليج السويس عبر طريق وادي الأمواج شمال مدينة طور سيناء.
أهم الأودية التي تتأثر بالسيول
من أكثر الأودية التي تتأثر بالسيول وادي العريش بداية من جبال هضبتي التيه والعجمة وكذلك وادي برقة ووادي أبو طريفية ووادي عقابه.
يعتبر وادي وتير من أكبر أودية سيناء بعد وادي العريش حيث تبلغ مساحته نحو 4000 كم مربع، وتصب في وادي وتير عدة روافد رئيسية وهى اليت تسبب السيول وأهمها وادي صمغي والزلقة وغزالة وقديرة والبطم الحيثي وسرطبة وشعيرة وتنبع هذه الأودية من هضبة التيه والعجمة.
المناطق المعرضة للسيول وتؤدي لخسائر في الأرواح والمنشآت
تعد أبرز المناطق المعرضة لمخاطر السيول في مصر هي:
- مناطق تتعرض للسيول في حوض خليج العقبة:
1- مخرات السيول بحوض وادي طوبيا
2- مخرات السيول بحوض وادي المراخ
3- مخرات السيول بحوض وادي المحاش الأعلى والأسفل
4- مخرات السيول بحوض وادي مقبلة
5- مخرات السيول بحوض وادي وتير
وتصب هذه المخرات في خليج العقبة وتسبب تدمير أجزاء من طريق نويبع - طابا على ساحل خليج العقبة وطريق نويبع الممتد وطريق طابا الممتد وكل هذه الطرق تتأثر بالسيول في وقت واحد.
مناطق تتعرض للسيول وسط سيناء
1- مخرات السيول بوادي سعال
2- مخرات السيول بوادي زعزه
3- مخرات السيول بوادي زعزه
3- مخرات السيول بوادي نصب
مناطق تتعرض للسيول في جنوب خليج العقبة
1- مخرات السيول بحوض وادي العاط الشرقي
2- مخرات السيول في حوض وادي العياط الغربي
3- مخرات السيول في أٍله
4- مخرات السيول في معير
5- مخرات السيول في جبران
6- مخرات السيول يف فبران
7- مخرات السيول في سدري
8- مخرات السيول في بعبع
9- مخرات السيول في وردان
السيول في الصحراء الشرقية
تتمركز المناطق التي تقع في دائرة السيول من محافظة القاهرة وحتى محافظة أسيوط تجمعات سكانية عالية الكثافة ومناطق زراعية وكثير من المنشآت الصناعية وأقيم بعضها على مصبات الأودية مما يعرضها إلى خطر الجريان السيلي، مثلما حدث عام 1975 حيث تعرضت محافظتي المنيا وأسيوط عام إلى سيول وارتفع منسوب المياه بها نحو 50 سم ما أدى إلى غرق 12 قرية كما أدت السيول الغزيرة التي اجتاحت قرى مركز الصف جنوب الجيزة عام 1982 إلى تدمير 180 منزل وبلغ عدد منكوبي السيول نحو 1500 مواطن.
هناك مناطق شديدة الخطورة يصل الجريان السيلي بها إلى معدلات عالية بسبب وادي دجلة القريب من مناطق المعادي وطره ووادي حوف وعلى الرغم من طول فترة انقطاع السيول والتي تزيد عن 50 عاما إلا أن عند حدوثها ستتعرض هذه المناطق جميعها إلى مخاطر فادحة.
في المناطق من مدينة أسيوط حتى إدفو تتأثر هذه المناطق بوجود وادي قنا ووادي زيدون ووادي عطا الله ووادي المياد ووادي الشغب حي هطلت في عام 1979 أمطار غزيرة شمال إدفو وأدت إلى وفاة 18 شخصا وتدمير الزراعات في نحو 10 آلاف فدان ونفوق حوايل 500 رأس من الماشية كما أثرت السيول على الطريق بين قنا والقصير وشردت نحو 8841 وهدمت نحو 1576 مسكن كما يمثل وادي قنا ووادي زيدون أكثر الوديان خطورة على مدينتي قنا وقفط.
سيول البحيرة
مؤخرًا وتحديدًا في 4 نوفمبر 2015 لقي 10 أشخاص مصرعهم، وأصيب 23 آخرون بسبب موجة السيول التي ضربت محافظة البحيرة، وتراكمت مياه الأمطار بالشوارع والطرق الرئيسية والفرعية بالمدن، فيما غرق تاكسى بنفق شبرا بمدينة دمنهور، بعد أن حاصرته الأمطار، كما غرقت التجمعات السكنية بمنطقة عفونة التابعة لقرية الحمراء شمال مركز وادى النطرون، بسبب انخفاض مستواها عن مستوى المناطق المحيطة بها، الأمر الذى تسبب في غرق منازل المنطقة بمياه الأمطار، وأغلقت الأمطار الغزيرة الطريق الصحراوي، وتمكنت القوات المسلحة من إنقاذ عشرات المواطنين من مياه الأمطار التي دخلت المنازل وحاصرتهم بداخلها، وتم نقلهم إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم.
خسائر السيول
من جانبه حذر خبير البيئة الدكتور مجدي علام، في تصريحات لـ القاهرة 24، رئيس اتحاد خبراء البيئة العرب والمنسق العام لمشروع الإبلاغ الوطني الثالث، الذى أعدّته مصر في إطار التزامها ببروتوكول كيوتو، من تكرار السيول العنيفة على السواحل الشمالية بشكل أكثر ضراوة وعنفًا خلال الـ 18 عامًا المقبلة بسبب التغيرات المناخية التي بدأت تكشر عن أنيابها بشكل فعلي.
أكد مجدي علام أن خسائر السيول التي شهدتها مصر أخيرًا بلغت نحو 550 مليون دولار بسبب غرق الأراضي والمنشآت، مشيرًا إلى غرق نحو 5000 فدان في قرية عفونة وحدها بمحافظة البحيرة.
جهود حكومية لمواجهة السيول
في 25 أغسطس الماضي عقد الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، اجتماعًا، مع المهندس السيد شلبي، رئيس مصلحة الري؛ لاستعراض الموقف التنفيذي لمشروعات الحماية من أخطار السيول الجاري تنفيذها في مختلف المحافظات.
من جانبه أوضح وزير الري أن وزارة الموارد المائية والري تقوم بتنفيذ مشروعات كبرى في مجال الحماية من أخطار السيول؛ بهدف حماية المواطنين والمدن والقرى البدوية والمنشآت الاستراتيجية والطرق وأبراج وخطوط الكهرباء وخطوط الغاز من أخطار السيول، بالإضافة إلى حصاد مياه الأمطار وتجميعها في البحيرات الصناعية وأمام سدود الحماية، لاستخدامها بمعرفة التجمعات البدوية في المناطق المحيطة؛ مما يساعد على توطين الأهالي نتيجة تغذية الآبار الجوفية، ما يضمن استدامة مصدر المياه، مشيرًا إلى قيام الوزارة خلال السنوات الماضية بتنفيذ أكثر من 1000 منشأة للحماية من أخطار السيول بمختلف محافظات الجمهورية.
كما استعرض عبد العاطي خلال الاجتماع الموقف التنفيذي لمشروعات الحماية من أخطار السيول الجاري تنفيذها في محافظات شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومطروح، وهي عملية إنشاء سد أم البارد بمنطقة التمد بمركز نخل، وتدعيم السدود القائمة ورفع كفاءة الخزانات الأرضية بوادي الجرافي بمركز نخل، وإنشاء بحيرة صناعية وحاجز وأحواض تهدئة بوادي العريش لحماية مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، وإنشاء عدد 10 خزانات أرضية بوسط سيناء، وأعمال حماية طابا لمرحلة الثانية، ومنطقة الطور، ووادي وردان بمدينة رأس سدر ووادي غرندل بمدينة أبوزنيمة، وإنشاء قناة صناعية ومعبر أيرلندي بوادي بعبع بمدينة أبو رديس بمحافظة جنوب سيناء، وأعمال حماية وادي القويح بمدينة القصير، والأودية المؤثرة على مدينة رأس غارب، وحماية قرية الزعفرانة، وإنشاء سد وادي أبو إسماعيل وادي الشقوق لحماية حي الزهور بمحافظة مرسى مطروح.
استعرض كذلك الوزير الموقفَ التنفيذي لمشروعات الحماية الجاري تنفيذها بالوجه القبلي، وهي أعمال إنشاء بحيرات صناعية وحواجز ترابية وأحواض تهدئة بمخر سيل أطفيح ومخر سيل الديسمي بمحافظة الجيزة، ومخر وادي سنور بمحافظة بني سويف، ووادي عبادي 3ب، 3ج، 3د، بمحافظة أسوان، وأعمال حماية قرى زاوية الجدامى بمحافظة المنيا، وقرى الشغب- المعلة- نجع الدبابية، نجع خور القضا، نجع المساعيد بمحافظة الأقصر، ونجع البطحة بمحافظة قنا. كما تم الانتهاء من أعمال الحماية من أخطار السيول بوادي العمراني الغربي أ ووادي العمراني البحري بمحافظة أسيوط، ووادي عبادي 3أ بمحافظة أسوان.
10 مليار جنيه تكلفة مواجهة السيول خلال 5 سنوات
حول تكلفة مواجهة السيول قال عبد العاطي، إنه تم وضع خطة عاجلة لمواجهة أخطار السيول؛ حيث تم تنفيذ مشروعات بقيمة 10 مليارات جنيه منذ 2016 حتى الآن وأن السيول كلفت مصر خسائر تقدر بـ3 مليارات جنيه في الفترة من 2014 إلى 2016 وبالأخص تلك السيول التي سقطت في طابا عام 2014، وسيول غرب الدلتا في 2015، وسيول رأس غارب في 2016.
أوضح عبد العاطي أن الوزارة قامت كذلك بتأهيل مخرات السيول؛ حيث تم تنفيذ 1500 عمل صناعي، منها 79 سد حصاد أمطار، و169 بحيرة صناعية، و590 خزانًا أرضيًّا وغيرها؛ للحماية من أخطار السيول، وحصاد كميات الأمطار التي تسقط لحماية المدن والمنشآت المعرضة والتجمعات لأخطار السيول.
استغلال مياه السيول
من جانبه، قال الدكتور أحمد فوزي دياب كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة، وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير استراتيجيات المياه، لـ القاهرة 24، إن استخدام مياه السيول في الفترة الحالية ضرورة مُلحة بمصر، لتعويض جزء مما قد يُفقد من مياه النيل، مضيفًا أن ما تتعرض له مصر من السيول سنويا يصل إلى مليار ونصف مكعب، يمكن استغلال بعضها في الزراعات الموسمية، باعتبارها مصدرا متجددا للمياه، وبذلك توفر على الحكومة والمزارعين جزءًا من المياه يمكن استغلاله في أوقات الجفاف الأخرى، مشيرًا إلى ضرورة تخزين كميات كبيرة من مياه السيول أمام السدود والحواجز المائية بمدن دهب ونويبع، وشرم الشيخ، ووادي فيران بجنوب سيناء، والعمل علي تطهير، وإزالة العوائق الموجودة بمخرات السيول لتهيئتها وتجهيزها لاستقبال مياه السيول مع إعداد خطط استباقية قبل حدوث السيول تتضمن تنفيذ عدد من المشروعات الإنشائية لاحتواء الآثار المدمرة للسيول، وتحويل مسارها إلي تجمعات مائية يمكن استغلالها في أغراض التنمية.