ما بين جمعة البراءة والنضال.. ذكرى استشهاد محمد الدرة الـ 21
بين وابل من الرصاص الحي وصرخات الأب، ودموع تنتهك استشهاد الطفل محمد الدرة الذي لم يتجاوز 11 عامًا ويسأل: لماذا يطلقون النار علينا؟
تمر اليوم الذكرى الـ 21 على استشهاد محمد الدرة، في منظر تئن له القلوب عبر مُشاهدة العالم أجمع له، وقد كان يحتمي في ظهر أبيه خلف برميل إسمنتي، المشهد الذي يقف حاضرًا في ذهن كل فلسطيني خاصةً أو عربي بشكلٍ عام.
من هو محمد الدرة؟
الطفل محمد الدرة، من مواليد 18 نوفمبر عام 1989 بمخيم البريج للاجئين الفلسطينيين الذي يتوسط قطاع غزة، نشأ في أسرة تعتز بهويتها الفلسطينية والنضال في الدفاع عنها، كما نال القسط من التعليم في مدرسة المخيم الابتدائية، نظرًا للوضع الاقتصادي الجيد الذي كانت تتمتع به أسرته.
قال عنه والده إنه كان يعشق كرة القدم، إضافة إلى السباحة التي كان يرى فيها متنفسه، وكان شاهدًا على جرائم الاحتلال في أوج طفولته، قبل أن يستشهد على أيديهم أمام نظر العالم.
استشهاد الطفل محمد الدرة
في 30 من سبتمبر عام 2000 اصطحب جمال الدرة نجله إلى سوق السيارات في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، وذلك لشراء سيارة كبيرة بدلًا من الأخرى الصغيرة التي كان يمتلكها، وعندما لم يجد طلبه هناك سار بولده عائدين في اتجاه المنزل، ولم يخل الطريق من المظاهرات والمواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
عندما التف جمال الدرة وابنه محمد، لكي يسلكا طريقًا ترابيًا، وجدا وابلا من الرصاص يصيبهما دون سابق إنذار، ما أثار ذُعر الطفل.
لم يكن من الأب بدٌ إلا أن يحتمي خلف برميل إسمنتي كان موضوعًا في جانب الشارع، في الوقت الذي كانت تلتقط فيه عدسة قناة تليفزيونية فرنسية الأحداث، ما أدى إلى عرضه على شاشات العالم التي تتابع تلك القناة.
كان ذلك في اليوم الثاني لانتفاضة الأقصى، التي اندلعت في الثامن والعشرين من ذات الشهر، فاعتبر الدرة رمزًا من رموزها وعلامةً شاهدة على بطش الاحتلال بالفلسطينيين.
أثناء إطلاق النار عليه كان محمد الدرة يسأل: لماذا يطلقون النار علينا؟ هكذا أبلغ جمال الدرة مراسل وكالة الأناضول الذي التقاه في منزله.
أضاف أن محمد الدرة كان يحب الخير للناس، ودائمًا ما تحلى بالشجاعة والقوة، وكان كريمًا لا يحب الظلم، إلا أنه لم ينفد من بين ضحايا الاحتلال في مشهد مُروع انتقل لمدة دقيقة أمام مرأى العالم.
رغم أن جمال الدرة حاول حماية ابنه بشتي الطرق المتاحة أمامه، إلا أن دماءه كانت أسرع في الانتشار، مع صرخاتٍ منه يقول فيها: مات الولد، مات الولد.
رغم أن جميع الدلائل تشير إلى أن الطفل محمد الدرة قُتل برصاص جنود الجيش الإسرائيلي البارد، إلا أنهم عرفوا كيفية التنصل من الجريمة، حيث اعتبروه مقتولًا برصاص قوات الدفاع الفلسطينية، وإنما جاء لخلق انطباع أن محمد الدرة قثتل برصاص الجيش الإسرائيلي.
أسفرت المواجهات التي حدثت بعدها في أكتوبر بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال من أجل مشاعر الغضب، ضحايا كثيرة أمثال محمد الدرة وغيرهم، إلا أن الفارق هو قتل الدرة على مسمع من العالم كله حتى والدته، أما الآخرون فهم يسطرون تاريخًا سريًا يحفظه التاريخ عن ظهر قلب لهم ولبسالتهم.