اليوم العالمي للترجمة.. ما أول ما ترجمه الغرب عن اللغة العربية؟
يحتفل العالم اليوم، 30 سبتمبر، باليوم العالمي للترجمة، وهو يوم احتفالي أُطلق منذ عام 1953، وتم الاعتراف به رسميًا في عام 1991، واعتمدت الأمم المتحدة يوم 30 سبتمبر عام 2017، كيوم عالمي للترجمة، ويوافق اليوم الاحتفالي عيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس.
ويحظى عالمنا العربي والإسلامي، بعناية كبيرة بالترجمة، حيث أسهمت الترجمة إلى العربية في النهضة الكبيرة خلال العصر العباسي، التي نقلت الكثير من العلوم المختلفة من شتى ثقافات العالم، أهمها الفارسية، واليونانية، والهندية، والعبرية، ومن المترجمين اشتهر: ابن المقفع، والحسن بن سهل، والبلاذري، وتنوعت الكتب بين التاريخ، والأعراف، والقانون، والأنظمة، والفلسفة، والأديان، والأدب، والطب، والهندسة، وغيرها من ألوان المعارف.
يُعد ابن المقفع المتوفى 759م، أول المترجمين في العصر العباسي، حيث ترجم العديد من كُتب العادات، إلى العربية، ومنها، الكتاب الشهير، كليلة ودمنة، الذي احتوى على قصص فارسية وهندية، جاءت على لسان الحيوان، وفي عهد الخليفة هارون الرشيد، 786 – 808م، بدأت بوادر اهتمام الدولة بحركة الترجمة، ومن ذلك استدعاء هارون الرشيد للطبيب جورجيوس بن جبرائيل، وطلب إليه أن يترجم له كتبًا من اليونانية إلى العربية.
الخليفة المأمون وعصر الترجمة الذهبي
تم ترجمة العديد من الكتب المهمة في عصر هارون الرشيد، منهم، الكتب الطبّية، وبعض كتب أرسطو في المنطق، وترجمة الكتب التي سيطر عليها المسلمين بعد فتح العديد من البلدان التابعة للروم، ثم جاء عصر المأمون، الذي يعد نقلة ضخمة في مجال الترجمة، فهو يعد العصر الذهبي للترجمة، فكان المأمون مفتونًا بالعلم، وبالفلسفة، فأمر بأن تترجم كل مؤلفات أرسطو، والتي بسببها نشأ علم الكلام الإسلامي، كما أنشأ في هذا التوقيت دار الحكمة، التي ضمت الكثير والكثير من الكتب المترجمة، والتي اعتمد الغرب على الكثير منها في نهضته الحديثة، بسبب فقدان النسخ التي كتبت باللغات الأصلية، فكانت الترجمات العربية هي خير حافظًا لها.
ساهمت حركة الترجمة الموسعة في العصر العباسي، في تطور العديد من العلوم والمعارف، منها الطب، والهندسة، وعلم الكلام، والفلك، وغيرهم من العلوم، فكانت الترجمة ركيزة كُبرى اعتمدت عليها النهضة الثقافية الإسلامية في العصر العباسي.
دور الأندلس في عبور الفكر العربي إلى الغرب
ترجع بدايات حركة الترجمة من العربية، إلى اللغات الأوروبية، إلى عصر الدولة الإسلامية في الأندلس، وشكلت الأندلس، ومدينة طليطلة خصيصًا جسرًا مهمًّا، عبرت خلاله الثقافة العربية إلى البلدان الأوروبية، ومن أهم ما ترجم في بدايات عملية النقل، حكايات ألف ليلة وليلة.
وفي عام 1120 أُقيم بطليطلة معهد للترجمة، وكان يقوم هذا المعهد على ترجمة الكتب من العربية، إلى القشتالية، واللاتينية، ومن مترجمي القشتالية، كان ابن داوود، ومن مترجمي اللاتينية، اشتهر جيرار الكريموني، الذي ترجم بعض من كتب الفارابي، ومن أهم ما تُرجم في ذلك الوقت، المجسطي، وكتب ابن رشد، التي نقلت للغرب فكر أرسطو، من خلال شرحه له، وكتب أرسطو طاليس، وكتب ابن البتاني في الفلك، وكتاب كليلة ودمنة، والكثير من الكتب الهامة التي أُخذت من العربية عبر الأندلس.