ابعت جثته في سيارة أجرة.. قصص مؤلمة عن عقوق الأبناء من داخل دور المسنين
دعت جميع الأديان إلى البر بالوالدين والإحسان إليهما، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما خاصةً عند الكبر، حيث إن الأبوان يلزمهم رعاية ردًا للجميل الذي قدموه للأبناء في الصغر، وفي اليوم العالمي للمسنين أو كبار السن، يرصد القاهرة 24، روايات عن عقوق الوالدين من داخل دور الرعاية.
ويقول عصام عوض والشهير بالجزار، مدير إدارة إحدى دور رعاية المسنين، لـ القاهرة 24، إنهم يستقبلون جميع الحالات حتى أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري أو الضغط أو القدم السكري وغيره، وهناك فريق طبي متكامل مسؤول عن رعايتهم الصحية.
عقوق الوالدين
وأضاف عوض، أن أغلب الصعوبات التي تواجهها الدار هي عقوق الوالدين، حيث أغلب المسنين الموجودين بالمكان يرجع وجودهم لأولادهم، الذين قرروا أن يمكثوا بقية حياتهم في الدار وتكفلهم بمصاريفهم الشهرية، ومع ذلك هناك الكثير من القصص المأساوية لأعضاء الدار.
روى عوض لـ القاهرة 24، أنه كثيرًا ما يقوم بالإتصال على الأبناء لزيارة ذويهم، ولكنه لم يتلق منهم أي قبول، متابعًا: البعض منهم عملي بلوك والأخر طلع كاتب رقمه غلط عشان منوصلش لحد فيهم مرة تانية.
رفض الأبناء لأهلهم خلال تفشي جائحة كورونا
وتابع أنه حتى وقت تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، حُتم عليه تقليل عدد المسنين بالدار، ولكنه فشل في تحقيق ذلك لأن كل ابن رفض أن يأخذ والده، لافتًا: محدش رضي يجي، حتى مخافوش عليهم من المرض، الأمر الذي سبب له ضغطًا نفسيًا وحزنًا أدى إلى تعرضه لنزيف في المخ، معلقًا: كيف لهؤلاء الأبناء أن يتركوا أهلهم بتلك الطريقة دون قلب؟؛ لذا تم الاتفاق مع اثنين من الأخصائيين النفسيين كي يتعاملوا مع المسنين الذين أدركوا رفض أبنائهم لهم.
روايات عقوق الوالدين داخل دار دور المسنين
وذكر الجزار، أن من ضمن الحالات الموجودة بالدار، كان هناك رجل مسن لم يزوره أحد من أبنائه، حيث يقوم الابن الأكبر بإرسال الشهرية دون أن يأتي ويرى والده، وعند وفاته هاتفه كي يأتي ويتسلم جثته وكان الرد عليه: لفّ العباية اللي كان جاي بيها لأنها غالية أوي وابعت الجثة مع أي سيارة أجرة.
وروى عوض أن هناك قصة مأسوية أخرى لأبنة نست فضل أمها عليها تمامًا، فنتيجة إصابتها بمرض السكري تعرضت إحدى أعينها إلى تلف بالعصب أدى إلى العمى، والأخرى تلف بسيط يؤدي إلى نفس النتيجة ولكن بعد فترة.
الأمر الذي تطلب خضوع الأم الذي يصل معاشها إلى 10000 جنيه لعملية جراحية، ولكن نظرًا لأخذ الابنة جميع نقودها باستثناء شهرية الدار، تكفلت سيدة غريبة بثمن العملية.
ويقول عوض: الابنة جن جنونها أول ما عرفت كدة، وقالت احنا مبنشحتش، وبالرغم من إني قولتلها والدتك هتتتعمي ومحتاجة عملية، ردت قالتلي أنا عاوزاها عامية.
جدير بالذكر أن الابنة ذات مرة من المرات المتتالية التي تأتي بها الدار كي تأخذ المعاش، توسلت إليها أمها كي تموت على فراشها، ولكن انهال عليها زوج الابنة بالحديث الجارح والصوت الغليظ الذي يوضح رفضهم لها.
ولكن على جانب أخر من الرحمة، تقوم كنيسة العذراء والملك بزيارة دار المسنين وجلب الهدايا لهم، بالإضافة إلى قيام الدار بالحفلات والموائد باستمرار كي تُحسن من حالتهم النفسية.
عدم قبول جميع الحالات بدار المسنين
روى جورج نعيم، رئيس مجلس إدارة إحدى دور المسنين، لـ القاهرة 24، أن الدار بها نحو 24 مُسنًا، ويوفرون جميع الخدمات لهم، ولكن لا يتم قبول حالات الزهايمر من الدرجة السادسة أو مدمني الكحول والتدخين.
وأضاف نعيم، أنه لديه بعض الحالات التي كانت مشردة بالشوارع، وآخرون أبنائهم من قاموا بإحضراهم في الدار، دون السؤال عنهم مرة أخرى.
وتابع نعيم، أن هؤلاء الأبناء أحضروا ذويهم بسبب كثرة المشكلات التي يتعرضون إليها معهم، فبعضها يتعلق بشقة أو ميراث أو حتى صعوبة خدمتهم، وبعد إحضارهم يتم التواصل معهم تقريبًا مرة كل 7 أشهر.
وذكر جورج، أنه في المقابل يجد بعض الأبناء التي تهاتفه يوميًا لمعرفة التعامل مع أسرهم المتخطيين السن، دون رغبة منهم في إحضارهم لدار الرعاية.
زيارة الغرباء لدار المسنين
وأوضح نعيم أنه في بداية إنشاء الدار، واجه اعتراض من الجيران، ولكن مع الوقت ومع الاعتياد على وجودهم، أصبحوا مصدر بهجة لهم، حيث يقوم البعض منهم بإحضار الحلوى والهدايا والقيام بزيارتهم دون وجود صلة قرابة.
ويروي نعيم ل القاهرة 24: أصحاب العمر الكبير، رأوا الكثير في حياتهم، فنحن نعامل أطفالًا ولكن كبار في السن، ومخصصين فريق فقط لسماعهم حتى لو تحدثوا في ذات الموضوع للمرة ال 30.
حكم بر الوالدين وفقًا لاتفاق أهل العلم
أقر اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلا كَرِيما وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا، الإسراء: 23، 24.
وقَرَنَ الله تعالى بر الوالدين بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، النساء: 36، وقَرَن الشكرَ لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ، لقمان: 14.