قائد أول مركبة عبرت القناة بحرب أكتوبر: حققنا أسباب النصر في 30 دقيقة بعد أداء ركعتين للشهادة.. ونُقلت رؤوس الكباري بترديد الله أكبر | فيديو
العاطفي: القائد قال لي الرصاصة اللي جيالك مكتوب عليها اسمك
المقاتل عريف عادل محمد مصطفى العاطفي قائد أول مركبة برمائية استطاعت أن تعبر قناة السويس من المنطقة الوسطى بسرابيوم، واستطاعت أن تثبّت أول رأس كوبري لتعبر عليه القوات إلى الجانب الآخر من قناة السويس، هذا القائد الذي حمّله الجيش المصري وقادة الحرب تنفيذ ثلاث مهام كانت هي الأخطر في حرب أكتوبر المجيدة.
ولد البطل المقاتل، في يوم الأول من شهر سبتمبر عام 1951 وكأنه ولد ليعاصر حروب مصر طفلًا وصبيًّا، ويحمل لواء القتال والدفاع عنها شابًّا في العشرين من عمره.
يقول البطل عادل العاطفي لـ القاهرة 24، إنه لا يحب الحديث عن نفسه أو عن بطولة صنعها لمصر، هو وجيله وزملاؤه من أبطال أكتوبر، لأن عقيدتهم الثابتة أن ما حدث من انتصار هو واجب كان يجب عليهم أداؤه لمصر ببطولة وإرادة للانتصار، وحرصًا على استعادة النصر بعد الهزيمة والانكسار، ويقول العاطفي إنه حينما كان طفلًا يبلغ من العمر خمس سنوات لم يكن مثل الأطفال يسكت بكاءه ويداعبه الشخاشيخ والزمامير، وإنما كان يسكت بكاءه أصوات الرصاص والصواريخ في العدوان الثلاثي الذي حدث على مصر في عام 1956، وهو في بورسعيد، ويستكمل البطل بأنه بعد أن أصبح صبيًّا عاش مرارة الهزيمة والتهجير، ولم يكن وقتها في عمر يتحمل ذلك لكنه كان مدركًا
يضيف البطل عادل العاطفي أنه التحق بالقوات المسلحة في عام 1971 كعريف بسلاح المهندسين العسكريين، وتم اختياره في عام 1973 لقيادة مركبة روسية برمائية لم يكن يعلم وقتها في أي مهمة سيتم استخدامها، سوى أنه ظل يتدرب على قيادتها ما بين النيل والشاطئ في منطقة القناطر الخيرية التي تعتبر أقرب الأماكن جغرافيًّا لميدان المعركة، الذي سيتم الكشف عنه في وقتها.
ويروي العاطفي، أنه في يوم الرابع من أكتوبر عام 1973 اصطحبه قائد الكتيبة إلى المصطبة بمنطقة سرابيوم، وأبلغه أنه تم اختياره لحمل رأس أول كوبري سيعبر عليه الجنود والمعدات، وتثبيته في الجانب الآخر من القناة، ولم يكن وقتها يعرف البطل بساعة الصفر إلا أنه نفّذ الأمر هو وثمانية من المقاتلين المكلفين معه، وأخفوا المركبة أسفل الأرض في انتظار لحظة الانطلاق، وفي يوم السادس من أكتوبر، وفي تمام الساعة العاشرة صباحًا جاء قائد السرية اللواء السيد العزازي ابن محافظة الإسكندرية إلى عادل العاطفي، وطلب منه الاستعداد بالقوات للحظة الحرب، ووجّهه أن يبدأ في الإبحار في القناة وتنفيذ مهمته فور سماع دوي طائرات، وقبل بدء المعركة وجد العريف العاطفي مجموعات قتالية بدأت في الظهور من بينهم قادة ورتب عسكرية كبيرة تشد من أزر الأفراد والقوات، وتحملهم مسئولية الوطن والانتصار له ولأرضه، ويصور العاطفي المشهد ويقول: لقيت ضابط ومعاه 10 جنود بيصلوا هنا ومجموعة 50 أخرى وكلهم كانوا بيصلوا ولما سألت انتوا بتصلوا إيه قالوا ركعتين للشهادة.
ويصف عادل العاطفي الركعتين، فيقول لم أصلِّ في حياتي ركعتين بهذا الشكل، وذلك القدر، فقد كانتا ركعتين لا مثيل لهما لأنهما سبقا القدوم على نيل الشهادة، وهي من أسمى الدرجات والمنازل عند الله، وما إن انتهى الأبطال من أداء الصلاة حتى وصلت الطائرات المصرية الحربية إلى أعلى قناة السويس في لحظة واحدة بالرغم من انطلاقها من مطارات مختلفة، في دلالة يقول المقاتل إنها تدل على حسن إدارة قائد الطيران في وقتها اللواء طيار أركان حرب محمد حسني مبارك.
في تلك اللحظة، أدار المقاتل عادل العاطفي المركبة وبدأ في الإبحار في قناة السويس، وسط النيران والصواريخ ومعه 8 من الأفراد المقاتلين، لم ترهبهم النيران، ولكنهم فقط كانوا يحرصون على إنجاح المهام المكلفين بها، وتحقيق النصر.
يقول عادل العاطفي، إنه في هذه اللحظة لم يكن المقاتلون يفكرون سوى في الانتصار، واضعين أكفانهم على أيديهم، لا يخشون الموت ولا الاستشهاد، وخاصة أبطال جهاز المهندسين الذي يمد الكباري، والذي كان يقاتل في هذه اللحظات في ميدان المعركة، ويقول العاطفي إن البطولة الحقيقية والفضل الأكبر في المعركة والنصر كان لجهاز المهندسين، إذ لو تمت الضربة الجوية دون نجاح المهندسين في إنشاء الكباري، ما استطاعت القوات والمعدات العبور وما تحقق نصر.
بدأ عادل العاطفي ومجموعته القتالية في تنفيذ المهمة الأولى، وهي نقل رأس الكوبري الأول واستطاع هو وزملاؤه إتمامها بنجاح، بالرغم من كونها مهمة تحتاج إلى 100 رجل، وليس ثمانية، وذلك لثقل الجزء المنقول من الكوبري، ولكنهم بالإرادة والعزيمة استطاعوا تثبيت رأس الكوبري لتبدأ المهمة الثانية وهي مهمة نقل مضخات المياه التي سيتم استخدامها في تحطيم خط بارليف المنيع، الذي قال عنه الروس إنه يحتاج إلى قنبلة ذرية لتحطيمه، إلا أن أبطال الجيش المصري استطاعوا العبور بعد ضربه بالماء وصعود الجنود إلى ارتفاع 22 مترًا بسلالم ثقيلة جدًّا تم نقلها بالمركبة التي كان يقودها عادل العاطفي، وعقب نجاح المهمة الثانية بدأ العريف مقاتل عادل العاطفي في نقل شكائر الرمال التي سيتم استخدامها بالمعركة، كل هذا وهو يتذكر مقولة القائد له: لازم تأدي المهام يا عادل الرصاصة اللي جيالك مكتوب عليها اسمك.
وبعد قضاء ثلاثة مشاوير بين الرصاص والمدافع والذخائر عاد العاطفي مؤديًا ما تحمله من تكليفات قام بها خلال 30 دقيقة فقط، ليتلقى تكليفات جديدة بالبدء في نقل الجنود والمعدات ليبدأ على الفور في تنفيذ المهمات، وتحمل مركبته أول دفعة من الجنود التي تعبر القناة في الوقت، التي لا تزال الكباري تحت الإنشاء، وينتهي الكوبري الأول في الثانية عشرة من ليل يوم السادس من أكتوبر.
ويقول العاطفي، إن عمليات النقل لم تكن سهلة في الليل فقد كانت الإضاءة بالمركبات غير كافية، بينما كان العدو يضيء إضاءات عالية، ولكنه يؤكد أن عون الله وإرادة المقاتلين استطاعت العبور، وقد كان ذلك بتدابير ربانية تساعد المركبات التي تنقل القوات.
وكشف العريف عادل العاطفي، تفاصيل جديدة في الثغرة إذ أكد العاطفي، أن الثغرة التي استغلها العدو بين الجيشين الثاني والثالث، ما كان لها أن تنجح بعدما سطره الجيش المصري من بطولات، مؤكدًا أنهم دخلوا من سرابيوم، ووصلوا إلى نفيشة عبر الدفرسوار متجهين إلى الإسماعيلية وهناك لقنهم أبناء الجيش المصري درسًا فهربوا من نيرانهم إلى طريق الإسماعيلية السويس، ولم يكن مستهدفًا محاصرة السويس إلا أنها جاءت قدرًا بعدما لقنتهم القوات الخاصة والصاعقة المصرية درسًا قاسيًا، ومنعوهم من دخول الإسماعيلية.
استمر عادل العاطفي يؤدي مهامه القتالية، من يوم 16 وحتى 19 أكتوبر مؤكدًا على بطولة وإخلاص جيل أكتوبر لهذا الوطن، وأنهم قدموا من أجله الغالي والنفيس ولم ينتظروا منه شيئًا سوى أن يروه عزيزًا آمنًا مستقرًّا.
حكاية طويلة مع المرض
يقول عادل العاطفي هذا المقاتل الذي عبر بأول مركبة برمائية قناة السويس، وكان أحد أهم أسباب الانتصار أنه أصيب بالسرطان واستأصل القولون والطحال وجدار المعدة والزائدة الدودية، واستمد قوته في الحرب على المرض من حرب أكتوبر، وهزمه بروح أكتوبر، بالرغم من أنه خضع للعلاج الكيماوي، فإنه يتمسك بالحياة يحب ويمارس حياته اليومية ويرفض الخضوع للمرض.
وقدم البطل عادل العاطفي التهنئة للرئيس السيسي مؤكدًا أنه قائد عسكري حازم لا يعرف الخوف ولا يخشي الا الله، قبل أن يكون رئيسيًا للجمهورية، وقدم كذلك التهنئة لأعظم جيل في مصر جيل أكتوبر، وكافة القيادات العسكرية والأمنية والتنفيذية.
وفي نهاية اللقاء، طالب العاطفي الحكومة بتوفير فرص عمل أكثر للشباب لزرع الانتماء في قلوبهم وتوفير حياة كريمة لهم، وناشد السياسيين الذين بلغوا مراحل متقدمة من العمر أن يتركوا الساحة للشباب ليكتبوا مستقبلهم.