الصامد في وجه الحروب.. تعرف على قصة دير صيدنايا بسوريا
رغم الحروب والأحداث الكثيرة التي مرت بها سوريا عبر الزمان، إلا أن دير سيدة صيدنايا صمد في وجه الأحداث والحروب، وأصبح علامة مُميزة يأتي إليها السُياح من جميع بلدان العالم.
نشأة دير سيدة صيدنايا
يُعد دير سيدة صيدنايا من أشهر الأديرة في سوريا والعالم، حيث توجد به أيقونة صيدنايا الشهيرة المعروفة بـ «الشاغورة»، وهي من عمل القديس لوقا الإنجيلي، والذي رسم 3 أيقونات عجائبية للعذراء.
صيدنايا.. جزء من محافظة ريف دمشق ترتفع 1350 مترًا، وتبعد نحو 25 كلم شمال دمشق على أحد منحدرات جبل القلمون، ويقول التقليد الكنسي إن الدير بناه الإمبراطور يوستينيانس الأول 527-565.
يأتي في الأسطورة أن الامبراطور كان يصطاد في منطقة القلمون، فظهرت له السيدة العذراء مريم، وأمرته ببناء دير على الصخرة العالية التي كانت هي واقفة عليها، وفي اليوم الثاني بدأ يوستينيانس، العمل على إرساء دعائم بناء الدير، وعندما اكتمل البناء أصبحت ثيودورا، أخت الأمّبراطور يوستينيانس، أول رئيسة للدير.
نظام بناء الدير وهندسته
شهد دير صيدنايا تغييرًا مستمرًا، ويغلب أسلوب العمران العثماني على بناء الدير، والأقسام التي تنتمي عُمرانيًّا إلى العصر الوسيط هي: الشاغورة أو مزار العذراء الذي يحوي الأيقونة القديمة؛ والطابق السفلي الذي يضم المطبخ والأقبية؛ والغرفة المقببة الموجودة تحت صوامع الراهبات، فهذه الأقسام كلها بُنيت مُباشرة فوق الصخر، الذي يُمكن رؤيته في الممر المُؤدي إلى الشاغورة.
الآثار بديرصيدنايا
يضم دير صدينايا بسوريا، العديد من الأيقونات الأثرية النادرة وأيضا الكنائس، ومن أشهرها مزار شاغورة، وهو غرفة صغيرة مُظلمة بشكل جزئي.. سقفها صغير منخفض، وجدرانها تغص بالأيقونات التي غلب على معظمها السواد الناتج من دخان الشموع، مع المصابيح المُرصعة بالذهب والفضة، والتي تتدلى من سقف الغرفة، ووضعت معظم الأيقونات القديمة داخل صناديق من الفضة وأطر من الخشب المحفور، وتعد عشرات الشموع المضاءة على طاولة مُخصصة لها، هي مصدر النور الوحيد بالغرفة.
تتدلى ستارة بيضاء أمام كوّة صغيرة أُقفلت بواسطة شبكة حديديّة، وعُلقت عليها السلاسل الذهبية والفضية والأساور والعقود، والكثير من الصلبان، وجميعها هدايا قُدمت للدير منذ أقدم العصور، وخلف هذه الشبكة الحديدية، توجد أيقونة للسيدة العذراء العجائبية الشهيرة، والتي رسمها القديس لوقا بيده، أما الشاغورة باللغة السريانية، فهي تعني المشهورة أو اللامعة، وقد تعني أيضًا الينبوع، وهذه صفة موافقة للسيدة العذراء.
كنيسة دير صيدنايا الأثرية
من خارج الكنيسة لا يمكن رؤية شيء منها سوى الجدار الشمالي المواجه لساحة الدير، وهذا الجدار المبني بالحجر الكلسي الأبيض، والذي تخترقه نوافذ صغيرة، بسيط المظهر ومتواضع، ويوجد داخل الكنيسة مساحة واسعة مُكعّبة تكللها قبلة مُرتكزة على 3 أروقة، والصحن الرئيسي الذي تعلوه قبّة نصف أسطوانية أوسع وأعلى من الرواقين الجانبيين.
يوجد نوافذ ضيقة مُقوّسة في الجدارين الشمالي والجنوبي على مستويين، لكن القبّة تحجب النور، فثريّات الكريستال الجميلة المُتدلية والشموع المشتعلة، هي التي تنير الكنيسة.
داخل الكنيسة الفسيح والشاهق متساوق بشكل تامّ، والأرض مبلطة بالرخام المطعّم بألوان متعدّدة، الجص الأزرق يغطي الجدران العليا والقبب، وثمّة نموذج نحتي عند قاعدة القبب يلفّ الكنيسة بأسرها؛ وفي قبّة الهيكل رُسمت شمس مشعة.
الكنيسة تغض بالشموع والوعظ والمقاعد والأيقونات المُحاطة بأطر من الرخام أو المعلقة تحت المظلات، وثمة سلم يُؤدي إلى مُنبسط الأضلع حُروفه مُزدانة بالأيقونات التي تُمثل الإنجليين، والأربعة هم: متى، مرقس، لوقا، يوحنا، السيد المسيح مُتربع على العرش.