وثائق إسرائيلية تنشر لأول مرة 1: القذافي ضغط على مصر وسوريا لعدم دخول حرب.. وتل أبيب خططت لاحتلال ضفة القناة الغربية
فرص عبور القناة قريبة من الصفر.. والسادات يستطيع أن يفعل أشياء غير منطقية
إسرائيل خططت لعبور الجزء الشمالي من قناة السويس والاستيلاء على بورفؤاد وبورسعيد
خلافات بين قادة أجهزة الاستخبارات في إسرائيل حول تقييم مدى استعداد مصر لدخول الحرب
بينما تحتفل مصر بالذكرى الـ 48 لحرب أكتوبر من خلال فعاليات معتادة؛ أزاح الأرشيف الوطني لدولة إسرائيل المحتلة الستار عن وثائق سرية يتم الكشف عنها لأول مرة حول كواليس ما قبل حرب أكتوبر ومجرياتها وتطوراتها على جبهات القتال المختلفة بين المصرية والسورية.
وتكشف الوثائق التي أفرجت عنها إسرائيل لأول مرة عن كيفية إدارة الحرب من قبل قادة إسرائيل من خلال 14 نسخة من اجتماعات الحكومة في وقت الحرب، و21 استشارة سياسية أمنية قدمت لحكومة الحرب التي عقدها رئيس الوزراء، و26 تدوينًا مكتوبًا بخط اليد من قبل إيلي مزراحي، رئيس مكتب رئيس الوزراء، تم نسخها وطباعتها بعد عام.
الوثائق التي أفرجت عنها إسرائيل تعكس تصرفات صانعي القرار المدنيين في الأربعة مراكز الرئيسية التي تتركز فيها السلطة في إسرائيل: رئيس الوزراء والمكاتب التابعة له، ومجلس الوزراء الحربي غير الرسمي، والجلسة العامة للحكومة وممثلي إسرائيل في الخارج، وخاصة السفارة في واشنطن والبعثة في الأمم المتحدة ولجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، والتي كانت تتلقى تقارير شبه يومية طوال فترة الحرب بعد النكسة.
نوفمبر 1972
الوثائق ترجع إلى نوفمبر 1972، حيث تلقى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تقارير من مصادر في الموساد، تفيد بأن مصر كانت تخطط لتجديد القتال على القناة، بسبب إحباطها من الجمود السياسي وعدم إحراز تقدم نحو الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، خاصة أن السادات قد أمر الجيش بفتح النار في نهاية ديسمبر، وبعد ذلك، للتحضير لعملية أكبر.
تراكم التقارير الاستخباراتية أمام مكتب رئيسة الوزراء جولدا مائير أدى إلى دعوتها إلى اجتماع استشاري في مكتبها في 1 ديسمبر يحضره وزير الدفاع موشيه ديان، والوزير دون حقيبة إسرائيل غاليلي، ورئيس هيئة الأركان العامة ديفيد العازار، ورئيس الموساد ومعهد الاستخبارات والعمليات الخاصة تسفي زامير، ورئيس فرع استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي إلياهو إيلي زعيرا، وآخرين.
مناوشات لا حرب شاملة
افتتح ديان المناقشة، بتقييم أن مصر خططت لتجديد القتال في بداية عام 1973 إلا أنه اعتقد أن البداية ستكون من خلال مناوشات على قناة السويس، وليس شن حرب شاملة إلى جانب أن هناك درجة عالية من اليقين بأن سوريا ستنضم إليها وكان الجيش الإسرائيلي يهدف في هذا الوقت إلى عبور الجزء الشمالي من قناة السويس والاستيلاء على بور فؤاد بورسعيد وفقا لما ذكرة ديان.
فيما قال إيلي زعيرا إن تقديرات المخابرات العسكرية تشير إلى أن فرص قيام مصر ببدء حرب ليست كبيرة: فرصة محاولة عبور القناة - قريبة من الصفر وفرصة الأكبر أن يبدأوا حرب استنزاف - ضئيلة للغاية.
وكان يعتقد أن هناك فرصة أكبر، على الرغم من ضعف الاحتمالية أيضًا، لمحاولة تنفيذ عمليات محلية محدودة، مثل عمليات أنزال في صحراء سيناء باستخدام المروحيات، من أجل إطلاق قذيفة هاون أو صاروخ "كاتيوشا" على موقع محدد أو هدف عسكري حيوي، لأغراض دعائية بشكل أساسي.
أوضاع داخلية مهتزة في مصر
وربط زعيرا احتمالية تجدد القتال بالأوضاع الداخلية المهتزة في مصر ورغبة المصريين في الدخول في المحادثات الدبلوماسية المتوقعة في عام 1973 من موقع قوة.
مائير استمعت لتقييم المخابرات العسكرية لكنها قالت لزعيرا: لا تتردد في القيام بكل الاستعدادات اللازمة، لأن السادات يستطيع أن يفعل أشياء غير منطقية وغبية، كما فعل، على سبيل المثال، في طرد الخبراء السوفييت في عام 1972.
تسافي زامير أعرب عن عن شكوكه بشأن تقييمات زعيرا وديان لقدرة مصر على الحرب، وقال: علينا أن نبني أنفسنا على افتراض أنه يمكن أن يكون هناك قتال في أي سيناريو، ومع ذلك، أكد أنه هو أيضًا لا يعتقد أنه سيكون هناك تجدد للحرب على طول قناة السويس بأكملها، بل بالأحرى مناوشات تتخذ شكل مضايقات.
وقال إن المصريين يتصرفون وفق خطة سياسية ويسعون للتحرك على الجبهة الدبلوماسية وكان إحباط السادات كبيرًا، وبالنظر إلى الوضع العالمي - الذي كان مخيبًا للآمال من وجهة نظره فسيشن حربًا صغيرة مع سوريا.
التقارير تعود في أبريل 1973
التقارير عادت مرة أخرى ولكن بشكل أكثر خطورة من أي وقت سابق خلال 11-13 أبريل 1973 التقارير أشارت إلى أن مصر تخطط لخوض الحرب في وقت قريب جدا من أجل كسر الجمود السياسي وأن السادات ليست لديه القدرة أو الرغبة في التراجع عن خططه حتى أن التقارير أعطت موعدًا لبدء الحرب - الأسبوع الثاني من شهر مايو - وقدمت خطة الحرب المصرية بأدق التفاصيل.
وفي 18 أبريل، عُقد اجتماع في منزل رئيسة الوزراء حول التحذيرات الواردة بشأن نوايا مصر وسوريا.
المشاركون في الاجتماع كانوا جولدا، دايان، غليلي، رئيس دائرة المخابرات العامة، رئيس فرع المخابرات، رئيس الموساد وكبار الضباط العسكريين.
اختلافات مستمرة
ومنذ البداية كان هناك اختلاف في الرأي مرة أخرى بين رئيسي جهازي المخابرات إيلي زعيرا ورئيس الموساد تسافي زامير كرر إيلي زعيرا الخيارات الثلاثة المتاحة أمام مصر،: حرب شاملة، حرب استنزاف أو غارات على أهداف في عمق صحراء سيناء. وكان لدى الثلاثة فرص ضئيلة للغاية في النجاح وفقا للوثائق.
بل وذكر أن القذافي الزعيم الليبي، كان يضغط على مصر وسوريا حتى لا تذهب إلى الحرب، لأنهم لم يكونوا مستعدين لذلك، كما أن الاتحاد السوفياتي لم يكن يريد الحرب.
وفي المقابل، قال زامير إنه أخذ التحذيرات هذه المرة على محمل الجد، أكثر من أي وقت آخر في السنوات القليلة الماضية، وأشار إلى الفارق بين حرب شاملة وحرب هدفها دفع حل سياسي للصراع كما اقترح السادات طوال الوقت. ولخص: أعتقد أنه بناءً على استعداداتهم، هناك فرصة للحرب. لا أريد تحديد النسب المئوية، لكننا بحاجة إلى الاستعداد للتعامل مع هذا التحدي.
وبعد انتهاء تلك المناقشات استمر مكتب رئيس الوزراء فتلقي الكثير من التحذيرات الجادة بشأن أمكانية اندلاع الحرب تارة تشير إلى تغيير في تاريخ الهجوم أو تغييرات في خطة الحرب لكنها كلها أجمعت أن السادات قرر الذهاب إلى الحرب، مهما حدث على الرغم من أنها قد تكون محدودة النطاق تكفي فقط لإحداث صدمة وتحريك المفاوضات.
حالة التأهب
وعلى الرغم من أن مصر وسوريا لم يبدأن الحرب في مايو 1973، وعلى الرغم من أن تقييم المخابرات العسكرية ظل كما هو - أن احتمال اندلاع الحرب منخفض للغاية - اعتقد رؤساء المخابرات الإسرائيلية أن مصر وسوريا تعتزمان خوض الحرب في الصيف وأعلنت حالة التأهب القصوى من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي والتي استمرت حتى أغسطس 1973.