المدرسة بجوار التربة.. كيف وصف الرحالة ابن بطوطة قرافة مصر ومزاراتها؟
30 عاما قضاها الرحالة ابن بطوطة مُتنقلا بين البلاد، فظل يتنقل بين البلدان يشاهد ويسمع ويُسجل بدقة ما يشاهده وما يسمعه، ويضعه في كتابه تُحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، المعروف برحلات ابن بطوطة.
ما وصفه ابن بطوطة بدقة قرافة مصر ومزاراتها: أن لمصر القرافة العظيمة الشأن في التبرك بها، وقد جاء في فضلها أثر أخرجه القرطبي وغيره؛ لأنها من جملة الجبل المقطم الذي وعد الله أن يكون روضة من رياض الجنة، وهم يبنون بالقرافة، القِباب الحسنة، ويجعلون عليها الحيطان فتكون كالدور، ويبنون بها البيوت، ويرتبون القراء يقرأون ليلا ونهارا بالأصوات الحسان.
يضيف ابن بطوطة: منهم من يبني الزاوية والمدرسة إلى جانب التربة، ويخرجون في كل ليلة جمعة إلى المبيت بها بأولادهم ونسائهم، ويطوفون على المزارات الشهيرة، ويخرجون أيضا للمبيت بها ليلة النصف من شعبان، ويخرج أهل الأسواق بصنوف المآكل.
يوضح ابن بطوطة: من المزارات الشريفة المشهد المقدس العظيم الشأن، حيث رأس الحسين بن علي عليهما السلام، وعليه رباط ضخم عجيب البناء على أبوابه حلق الفضة وصفائحها أيضا كذلك، وهو موفى الحق من الإجلال والتعظيم.
يؤكد ابن بطوطة: أنى من المزارات الشريف أيضا، تربة السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، وكانت مجابة الدعوة، مجتهدة في العبادة، وهذه التربة أنيقة البناء مشرقة الضياء عليها رباط مقصود، ومنها تربة الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، وعليها رباط كبير، ولها جراية ضخمة، وبها القبة الشهيرة البديعة الإتقان، العجيبة البنيان، المتناهية الإحكام، المفرطة السمو، وسعتها أزيد من ثلاثين ذراعا.
قبور العلماء في قرافة مصر
وبقرافة مصر، من قبور العلماء والصالحين ما لا يضبطه الحصر، وبها عدد جم من الصحابة وصدور السلف والخلف رضي الله تعالى عنهم، مثل: عبد الرحمن بن القاسم، وأشهب بن عبد العزيز، وأصبغ بن الفرج، وابني عبد الحكم، وأبي القاسم بن شعبان، وأبي محمد عبد الوهاب، لكن ليس لهم بها اشتهار، ولا يعرفهم إلا من له بهم عناية.