فيردي زعيم الأوبرا الإيطالية.. كيف ساهم في توحيد الإيطاليين؟
جوزيبي فيردي، الموسيقي الإيطالي البارز، رائد فن الأوبرا في القرن التاسع عشر، عده الكثيرون أفضل ملحنين الأوبرا على الإطلاق، ولد فيردي في 10 أكتوبر من العام 1813، برونكول، بالقرب من بوسيتو، بـ إيطاليا، اشتهر له عايدة، ولاترافياتا، وريجوليتو وغيرهم من الأوبرات الكبيرة.
وتمثل الأوبرا في حياة الإيطاليين الإلهام، والهوية الفنية، وكانت إيطاليا مزارًا سياحيًا كبير، يأتيه الزوار من كل مكان في العالم للاستمتاع بالعروض الأوبرالية، وكانت إيطاليا في تلك الأوقات غير موحدة، فكان الزوار عندما ينتقلون من بلد إلى أخرى يتوجب عليهم استعمال جواز السفر، فكانت الأوبرا في القرن التاسع عشر من أهم سبل توحيد الإيطاليين.
في بدايات القرن التاسع عشر لم تكن الأوبرا الإيطالية في قمة ازدهارها الفني، بل كانت في مراحل تدهور، وكان أهم الموسيقين في بدايات القرن التاسع عشر هم بوليني وبوتشينا، وناسوليني، وموسكا، وغيرهم من الموسيقيين غير المعروفين على الإطلاق، وأتى عصر النهضة في الأوبرا الإيطالية مع بلليني، وروسيني، اللذان قادا عصر التقدم للأوبرا الإيطالية.
ومع ظهور فيردي على الساحة، كان العصر الذهبي للأوبرا الإيطالية، في كل عصورها الفنية، ظهر فيردي في البداية كمشرف على عرض لجمعية الفيلهارمونيكا، قدموا عرض أوراتوريو الخليقة لهايدن، وكان فيردي مجهولا، ولم يقتنع به أعضاء الجمعية في البداية، لكن بعد الشروع في العمل زاد الإعجاب به، وفي ميلانو قابل فيردي متعهدًا عرف بتقديم المواهب الغير معروفة، واستمع لبعض أعمال فيردي، التي قدمها في عرض خاص بعنوان أوبرتو، فكلفه بعرضها في الموسم الأوبرالي القادم، وعند عرضها عام 1839، لاقت الكثير من النجاح والقبول لدى الجماهير.
فيردي زعيم الأوبرا.. لم ينافسه أحد طيلة حياته
شارك فيردي بأعماله في توحيد الإيطاليين، في عدة مناسبات، منها، عندما أصدر البابا عفوا شاملا عن المساجين السياسيين، في الدولة البابوية، عرض في دار أوبر بولونيا، المشهد الأخير من أوبرا فيدي أرناني، وغيروا كلمة كارلو بكلمة ببيو، وتم إعادة المشهد ثلاث مرات، وفي كل مرة يصلوا إلى عبارة Perdono a tutto، والتي تعني العفو للجميع، يصيح الحاضرون جميعًا، من الفرح والبهجة، وبسبب ذلك العرض تحمس الجنوب الإيطالي للوحدة، رغم ما يتعرض له من عنصرية وقمع.
وزار فيردي بزيارة العديد من البلدان خارج إيطاليا، فذهب إلى لندن لتأليف الأوبرا التي عهدت إليه، المأخوذة عن رواية شيللر، اللصوص، التي أعد له نصها أندريا مافي، وعرضت اللصوص في المسرح الملكي، وأحدثت شهرة كبيرة، ولاقت قبولا باهرا من الجمهور البريطاني، وذهب إلى باريس في 1847، ومكث فيها لعام، وشهد فيها سقوط الملك لويس فيليب.
وشكل منتصف القرن التاسع عشر، عصر ازدهار فيردي والأوبرا الإيطالية، وكان فيردي وقتها يعد رمزًا للأوبرا الإيطالية عبر تاريخها، وطيلة تواجد فيردي على الساحة الأوبرالية العالمية، لم يستطع منافسته أي موسيقي آخر، إلا القليل، مثل اميلكار بونكيللي، لكنه لم يصمد أمامه كثيرًا، وانشغل بمنصبه كرئيس لفرقة موسيقية.