قبر وظلام دامس تحت ركام الأنقاض.. قصة الميت الحي أكثم سليمان معجزة زلزال 92
تمرُّ اليوم الذكرى الـ 29 لزلزال 1992، تحديدًا في 12 أكتوبر، والذي ضرب أحياء مصر القديمة الساعة الثالثة و10 دقائق عصرًا لمدة 30 ثانية، ووصلت قوته إلى 5.8 درجة على مقياس ريختر، هذه المدة التي كانت كافية لهدم المباني وموت العشرات وتشرد المئات، فكان واحدًا من أكبر الكوارث الطبيعية بالغة القسوة التي شهدتها مصر.
برغم الأحداث القاسية التي شهدتها الجمهورية، نتيجة الزلزال الذي أدى إلى وفاة نحو 1000 شخص وإصابة 4 آلاف، إلا أن أكثم سليمان أثبت أن وراء كل أزمة يدًا خفية قادرة على خلق الأمل من ظلام الأنقاض، وهي يد الله -عز وجل- الذي لا تعجز قدرته.
ففي يوم الإثنين، صارع أكثم الموت لمدة 82 ساعة من وقوع الزلزال، وهي الفترة التي ظل بها تحت الأنقاض مع عائلته، وباليوم الرابع في مشهد دامٍ كثُر فيه عدد الجثث المستخرجة، شعر الجميع بوجود حركة تحت الأنقاض غير عادية، حيث كان هناك أحدهم ما زال على قيد الحياة.
فرحة ومشهد لا يُنسى، حيث هرع رجال الإنقاذ لتحديد مكان أكثم، وبعد ساعات من الحفر وتحديد مكانه، فوجئ رجال الإنقاذ بوجود شاب ضعيف ما زال حيًا، ولكن لم تستمر الفرحة طويلًا، حيث كان بجانبه زوجته وطفلته ووالدته جثثًا مفارقين الحياة.
قال أكثم حينها للتليفزيون المصري، بعد مكوثه 82 ساعة تحت الأنقاض وهو على أحد أسِرّة مستشفى هليوبوليس: كنا على مائدة الغداء أنا وزوجتي تنسيانا وأمي وابنتي سميرة، وتقريبًا انتهينا من الطعام وهممت بالذهاب لأحضر زجاجة البيبسي لابنتي التي طلبتها مني، وفجأة سمعنا صوت طرقعة شديدة فهرولنا نختبئ تحت منضدة الطعام.
وتابع سليمان: وجدنا أنفسنا نسقط كأننا في بئر عميقة، كنت أسمع أصوات الصراخ للجيران وأمي وزوجتي تصرخان واندفنوا جميعا تحت الأنقاض.
وعندما سأله مذيع التليفزيون المصري عن مشاعره تحت الأنقاض مدفونًا قال: شعرت بالرعب كأني في قَبر، ظلام دامس وأتربة ولا صوت إلا أنين المصابين وصمت الموتى.
كانت الأم هي أول من سكت صوتها وأسلمت روحها، ثم الابنة ومن بعدهما الزوجة، هكذا روى أكثم سليمان الناجي من زلزال 12 أكتوبر عام 1992 بعد دفنه 82 ساعة تحت الأنقاض.