شبوة.. منعطف جديد في مسار الأزمة اليمنية | تحليل
أخذت المواجهات بين قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وميليشيات الحوثي المدعومة من إيران منعطفًا جديدًا من شأنه نسف الآمال المعقودة في العودة إلى المفاوضات بين الأطراف اليمنية، مع امتدادها إلى محافظة شبوة الغنية بالنفط جنوب شرقي اليمن.
وبعد أشهرٍ من اقتصار المواجهات بين قوات الحكومة وميليشيات الحوثي على محافظة مأرب الغنية بالنفط وأخر معاقل الحكومة في المحافظات الشمالية اليمنية، امتدت إلى محافظة شبوة المجاورة، في هذه المحافظة تمكنت ميليشيات الحوثي من السيطرة على مديريات بيحان، وعسيلان، وعين، بعد مواجهات مع قوات الحكومة اليمنية لم تستمر حتى لساعات.
انهارت الدفاعات الحكومية سريعًا أمام هجوم شنته ميليشيات الحوثي على المديريات واحدة تلو الأخرى، وقال مصدر عسكري، إن القوات الحكومية لم تكن مستعدة للمواجهات رغم تواجد عدة محاور وألوية عسكرية تضم الآلاف من المقاتلين، وإن الحوثيين المدعومين من إيران دفعوا بتعزيزات إلى أطراف محافظة البيضاء على الحدود مع محافظة شبوة على مدى أيام، وشنوا هجمات مسنودة بغطاء ناري، حصد تحقيق التقدم الميداني.
وأضاف المصدر العسكري، أن التقدم الذي حققته المليشيات الحوثية في بعض مديريات محافظة مأرب، ومديريات محافظة البيضاء فتح شهيتها للتوغل صوب محافظة شبوة، وتحقيق المزيد من السيطرة الميدانية.
ومثل هذا التقدم انتكاسة كبيرة للقوات الحكومية، وتمكنت من قطع الخط الرئيس الرابط بين محافظتي شبوة ومأرب، واقتربت من حقل جنة أحد أهم الحقول النفطية في اليمن والوقع في إحدى بلدات مديرية عسيلان.
وقال مصدر عسكري ثانٍ رفض الإفصاح عن اسمه، إن الكثير من الألوية الموجودة في المحافظة تحوي الآلاف من الأسماء الوهمية التي يتسلم قادة الألوية ذاتها مرتبات بتلك الأسماء.
وبالنظر إلى الوضع الذي تعيشه المحافظة كانت الانتكاسة متوقعة للقوات الحكومية، انتشر الفساد داخل أروقة هذه القوات، وأقصيت القيادات العسكرية التي لعبت دورًا في مواجهة ميليشيات الحوثي قبل أربع سنوات، وتمكنت من دحرها نهاية عام 2017 بإسناد من قوات التحالف العربي، وسيطر على المؤسسة العسكرية وكذا المدنية قيادات من حزب الإصلاح الذي يقول يمنيون، إنه فرع جماعة الاخوان في اليمن. ولاحقًا قامت القيادة ذاتها، بإقصاء القبائل من المشهد في المحافظة، وملاحقة القوات التي لا تنتمي إليها، كما حدث لقوات النخبة الشبوانية التي شُكلت من الفصائل التي قاتلت المليشيات الحوثية عند اندلاع المواجهات في المحافظة قبل سبع سنوات، ولعبت دورًا محوريًا في مواجهة تنظيم القاعدة بالمحافظة ذاتها، إذ تمكنت من ملاحقة التنظيم والقضاء على خلاياه في المديريات النائية بالمحافظة بدعم من التحالف العربي.
كانت القوات الحكومية أبعدت قوات النخبة الشبوانية في عام 2019 بعد مواجهات استمرت لعدة أيام، ولاحقًا قامت القوات بملاحقة أفراد النخبة الشبوانية في المدينة واختطاف المئات منهم، واغتيال أخرين.
وطالت الملاحقة والاختطافات، نشطاء وشيوخ قبليون وقيادات سياسية من المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ الواسع في المحافظات الجنوبية، والذي أسهمت قواته بما فيها النخبة الشبوانية في تحرير محافظة شبوة.
وتمثل محافظة شبوة أهمية استراتيجية بالنسبة لمسار الأزمة اليمنية، فهي المحافظة النفطية، والبوابة صوب محافظة حضرموت النفطية إضافة إلى أنها تحاذي محافظة مأرب التي تشهد قتالًا عنيفًا للشهر الثامن على التوالي بين القوات الحكومية وميليشيات الحوثي، ومن شأن أي اختراق ميداني في المحافظة أن يعيد رسم الخارطة العسكرية من جديد.
وتريد المليشيات الحوثية عبر السيطرة على المحافظة النفطية مضاف إلى محافظة مأرب تقوية أوراقها التفاوضية، لكن مصدر سياسي توقع أن تذهب المليشيات الحوثية إلى أبعد من ذلك، قائلًا إن أي تقدم قد تحرزه المليشيات الحوثية سيعقد مصير المفاوضات السياسية بشكل أكبر، مضيفًا، أن المليشيات الحوثية قد تذهب نحو رفض أي مفاوضات سياسية بوضع شروط جديد، والسعي نحو تحقيق مزيدٍ من التقدمات الأخرى.
وحتى اللحظة توقف هجوم المليشيات الحوثية صوب بقية مديريات محافظة شبوة، بعد السيطرة على المديريات الثلاث، واتجهت جهودها صوب ريف محافظة مأرب الشمالي، ومنذ عدة أسابيع تدور مواجهات عنيفة في مديريات حريب، وأطراف مديرية العبدية ومديرية الجوبة، حيث تحاول المليشيات الحوثية الوصول إلى المدينة من اتجاه الجنوب، بعد اصطدام الهجمات من اتجاه ريف المدينة الغربي بمقاومة شرسة من أبناء القبائل المناوئين لها.
وتشهد محافظة شبوة هدوء منذ إيقاف الهجمات، ولم تحاول القوات الحكومية إعادة استعادة المديريات التي سقطت في الأيام الماضية.
وقال سكان محليون، إن الطريق الرابطة بين شبوة ومأرب ما يزال مقطوعًا حتى اللحظة بعد تقدمات المليشيات الحوثية، وإن السكان والمسافرين لجأوا إلى العبور عبر طريق صحراوي وفرعي للتنقل بين المحافظتين يبعد عن أماكن المواجهات.