الجمعة 27 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

في ذكرى المولد النبوي.. كيف أسس الرسول أول جهاز مخابرات في الإسلام؟

المخابرات في الإسلام
تقارير وتحقيقات
المخابرات في الإسلام
الإثنين 18/أكتوبر/2021 - 04:37 م

في ذكرى مولد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قد لا يعلم الكثيرين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع البذرة الأولى لجهاز المخابرات في التاريخ الإسلامي ويعد حذيفة بن اليمان الملقب بأمين سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول ضابط مخابرات في التاريخ الإسلامي حيث كان مغامرا جسورا، وصبورا على المتاعب وجلدا في تحمل الجهود.

 

برع المسلمون في الاستخبارات، وكان القائد المسلم قبل أي معركة من المعارك الحاسمة يحرص على أن تكون لديه حصيلة وافية من المعلومات عن قوات العدو وأرضه، وقيادته وطباعه وعاداته، وكان هذا أحد أسرار الانتصارات الإسلامية الكبرى.

 

الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو القدوة لكل القادة الذين يأتون من بعده في أهمية الاستخبارات، وازدادت حاجة المسلمين إلى الاستخبار فمنذ خروج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجرا إلى المدينة يرافقه صاحبه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وبعدها حدثت عدة عمليات استخدم فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- الاستخبارات ومنها:

أول عملية استخباراتية:

في الطريق إلى المدينة مكث النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق في غار ثور ثلاثة أيام، وكان عبد الله بن أبي بكر يحمل لهما أخبار وأحوال المسلمين والكفار في مكة أولا بأول بتكليف من النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يعرف تحركات عدوه وما الخيارات المتاحة لاستكمال رحلتهم إلى المدينة.

سرية عبد الله بن جحش:

في السنة الثانية للهجرة كلف النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن جحش، برصد تحركات قريش، ومعرفة أخبارهم إذ يروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفع إلى ابن جحش كتابا أمره ألا يفتحه إلا بعد مسيرة يومين، وينفذ ما فيه، ولما فتح الكتاب في حينه، قرأ نصه: "إذا نظرت في كتابي هذا، فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا، وتعلم لنا من أخبارهم".

أعلن عبد الله بن جحش محتوى الكتاب لرفاقه، وساروا نحو غايتهم السامية في مهمتهم الاستطلاعية لقوات المشركين، والتقوا بثلاثة تخلفوا عن قافلة لقريش حتى يحصلوا على معلومات عن قوات المسلمين، فاشتبك معهم عبد الله بن جحش ورجاله، وقتلَ أحدهمَ، واقتاد الآخرين إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستجوبهم.

عيونٌ علي أبي سفيان:

في غزوة بدر الكبرى، خرج -صلى الله عليه وسلم- من المدينة، وسار مع أصحابه حتى اقتربوا من الصفراء، وبعث من يأتيه بأخبار أبي سفيان بن حرب، وأخبرته العيون أن قريشا سارت إلي أبي سفيان ليمنعوا إبله وتجارته حتى لا تقع في أيدي المسلمين.

المخابرات في التاريخ الإسلامي

وفي غزوة بدر أيضا أرسل النبي اثنين من المجاهدين للحصول على معلومات عن قوات المشركين، فوجد أحدهما غلامين لقريش يستقيان من بئر بدر، فأحضرهما إلى الرسول الكريم، وسألهما عن عدد الجمال التي ينحرونها للجيش، فأجابا بأنهم ينحرون يومًا تسعًا ويومًا عشرًا، ومن ذلك أدرك -عليه الصلاة والسلام- أن عدد مقاتلي المشركين يتراوح بين 900 و1000، لأن عادة العرب أن يخصصوا بعيرا لكل مائة رجل.

عملية تمويه:

عملية التمويه التي قام بها علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- لم تكن عملية المخابرات الأولى ولا هي الأخيرة، إذ إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره بعد موقعة أحد، أن يقتفي أثر الكفار ويستطلع نواياهم، فوجد أنهم جنبوا الخيل وامتطوا الإبل، فعرف أنهم عائدون إلى مكة، بعد أن مثّلوا بكثير من قتلى المسلمين، جدعت نساؤهم الأنوف، وقطعن الآذان، واتخذن منها قلائد، وبقرت هند بنت عتبة بطن حمزة عم رسول الله، وأمر رسول الله بتغطية جثمان حمزة ببرده، ثم صلى عليه وعلى القتلى 72 صلاة، وأمر بدفنهم.

حيلة نُعَيم بن مسعود:

علم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قريشا عبأت جيوشها وغطفان، وانشغلت بمحاولة استمالة قبيلتي بني قريظة وبني أشجع، للتحالف معها والحنث بعهدهما للنبي، توطئةً لمهاجمة المسلمين في المدينة، وهنا بادر النبي -صلى الله عليهوسلم- فأمر بحفر خندق حول يثرب، كان الأول من نوعه، وكان مفاجأة أذهلت الكفار وأعاقتهم عن مهاجمة المدينة، كما جعلتهم صيدًا سهلًا لسهام المسلمين، وتحقق النصر للمسلمين، خصوصا وأن أمل قريش في استمالة غطفان وبني أشجع إلى جانبهم قد خاب بفضل نعيم بن مسعود. 

ونُعَيم بن مسعود من وجهاء غطفان أسلم سرا ولم يشهر إسلامه بين قومه ذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأكد له خبر محاولة قريش وبني غطفان حض بني قريظة وبني أشجع على خيانة المسلمين والنكوص بعهدهم، وقال نعيم إنه طوع أمر رسول الله، فكلفه الرسول بإفساد مؤامرتهم بالحيلة إذا استطاع.

ذهب نُعيم إلى بني قريظة أعزل من أي سلاح إلا سلاح المكر والدهاء، فأوقع بينهم وبين قريش وغطفان، زرع في نفوسهم الشك والارتياب، وحذرهم من أنهم سوف يتخلون عنهم حين تدور الدوائر، بعد أن يكونوا قد خسروا حلف المسلمين وحسن جوارهم، وتأكيدًا لصدق رأيه نصحهم بأن يطلبوا من قريش وغطفان رُهُنًا من أشرافهم، يظلون بأيديهم حتى يضمنوا صدقهم واستمرار نصرتهم.

تركهم نُعيم بعد أن أقنعهم بحيلته، وذهب إلى قريش وغطفان، وأخبرهم أن بني قريظة يضمرون لهم شرا، وأنهم رافضون للحلف المعروض عليهم، راغبون في استمرار تحالفهم مع المسلمين، وقد أرسلوا إلى النبي يؤكدون وفاءهم بالعهد، واستعدادهم لأخذ رجال من أشراف قريش وغطفان وتقديمهم ليضرب المسلمون أعناقهم.

المخابرات في التاريخ الإسلامي

أوفدت قريش وغطفان عكرمة بن أبي جهل إلى بني قريظة يستنفرهم للقتال، فامتنعوا بحجة أنهم لا يقاتلون يوم السبت، واشترطوا إعطاءهم رُهُنًا من رجالهم يحتفظ بهم بنو قريظة ضمانًا لعدم التخلي عن العهد إذا اشتدت المحنة، ورفضت قريش وغطفان شرط الرهن، واقتنعت كل الأطراف بصدق نعيم بن مسعود، ودب التخاذل في صفوف الأحزاب، ثم كانت مفاجأة الخندق، وتحقق نصر المسلمين.

ومما يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمد في غزواته وغاراته على القوافل المكية على المعلومات التي كان يزوده بها أعوانه في مكة، بينما لم يكن للكفار من يزودهم بأخبار المسلمين والأنصار في المدينة.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصي المسلمين بكتمان أسرارهم، لعلهم يصيبون العدو على غير استعداد، وينتصرون دون سفك دماء أو إزهاق أرواح، كما حدث قبيل فتح مكة، إذ صدر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر كريم  أن يحفظ المسلمين أسرارهم، ويضنوا بمخبآت ضمائرهم، لعلهم يصيبون قريشًا على غير استعداد، ويدخلون مكة من غير كيد أو عناد، فلا يسفك في البلد الحرام دمًا، ولا يزهق روحًا، ولا يثير حربًا، ولا يذكى ضرام عداء. 

تقرير مخابراتي:

ومن نماذج تقارير رجال مخابرات جيش النبي -صلى الله عليه وسلم- قول  بشر الخزاعي للرسول -صلى الله عليه وسلم-: لقد دلفتُ إلى قريش أتَسقَّطُ أسرارَها، وأتعرَّفُ أخبارَها، وما راعني إلا أنَّ خبر مسيرك قد ترامى إليهم، وحديثَ رؤياك قد هبط عليهم، ولا أدري كيف وقع عليهم الخبر، ولا كيف استنشقوا حديث الرؤيا، إنهم يا رسول الله خرجوا ومعهم النياق بأولادها، ولبسوا جلود النمور، وعاهدوا أنفسهم ألا تدخل عليهم مكة أبدًا.


 

تابع مواقعنا