الخميس 19 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

في ذكرى المولد النبوي.. كيف كان الرسول محمد اقتصاديا بارعا؟

الاقتصاد الإسلامي
تقارير وتحقيقات
الاقتصاد الإسلامي
الثلاثاء 19/أكتوبر/2021 - 02:27 م

كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، اقتصاديا بارعا في الأمور التجارية حيث أقام للمدينة المنورة كيانا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا مستقلا لتحقيق هيبتها داخليا وخارجيا.

كما أن خبرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التجارية المستمرة في مكة قد أعانته كثيرا على تنظيم الشئون الاقتصادية والتجارية، بل إنه أظهر عبقرية في معالجة بعض الأزمات الاقتصادية، فضلا عن إنشاءه الأسواق خاصة في المدينة في مواقع متميزة من الأدلة الساطعة على ذلك.

وحسب الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ الحضارة الإسلامية في دراسته التي جاءت بعنوان: الاقتصاد في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن علاقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرعي والتجارة بدأت مبكرة تأثرا بالبيئة التي نشأ فيها. كما أن السمعة التجارية الطيبة للرسول ولقبه الأمين جعلا السيدة خديجة تختاره للتجارة ثم الزواج.

الاقتصاد الإسلامي

وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم، على المستوى الاقتصادي نجح في القضاء على نزعة احتقار بعض المهن والحرف والظواهر التجارية المدمرة للمجتمع منوها بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكتابة الديون في صكوك حتى لا تصبح الحركة التجارية عرضة لتقلبات النفوس والأهواء.

ويشير عويس في ذات الدراسة أنه من المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم نشأ في مكة، المدينة التجارية الكبرى في جزيرة العرب، إلى جانب أنها المدينة المقدسة، وكانت لقريش رحلتان ثابتتان إحداهما في الشتاء إلى اليمن لأن اليمن أدفأ، والثانية بالصيف إلى الشام، ولما جاء هاشم بن عبد مناف سيد قريش أمر بنوع من التكافل الاقتصادي والاجتماعي بين قريش كلها غنيها وفقيرها حتى اقترب غنيهم من فقيرهم، وظهر الإسلام وهم على ذلك، وبالتالي فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالا ولا أعز من قريش.

وفي هذه البيئة ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أمرا طبيعيا أن ينزع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرحلة بعد أن كان يرعى الغنم في صغره، ومن الوقائع الثابتة أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج مع قوافل قريش عندما كان عمره يتراوح بين التاسعة والثانية عشر، وذلك حين تعلق بعمه أبي طالب حين قرر السفر إلى الشام للتجارة، فأخذه معه في الرحلة التي التقى فيها أبو طالب بالراهب بحيرا الذي تنبأ برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وخشى عليه من اليهود لو عرفوه، فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام، وهكذا نرى أن صلة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرعي تارة وبالتجارة تارة أخرى بدأت معه عليه السلام بداية مبكرة تأثرا بالبيئة التي يعيش فيها.

الاقتصاد الإسلامي

لكن الحدث التجاري الفاصل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وفق عويس وقع حين لجأت خديجة إلى محمد بن عبد الله تستأجره ليضارب في مالها بعد أن بلغها الكثير من صدق حديثه وأيضا لأمانته وكرم أخلاقه، فلهذا عرضت عليه كما يقول ابن إسحاق أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يسمى ميسرة، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وخرج في مالها ومع غلامها ميسرة حتى قدم الشام، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، فاشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة الذي حكى عن أمانته وتوفيق الله له ما شاء أن يحكي، ورأت خديجة أيضا أن أرباحها ضوعفت فرغبت فيه زوجا، وكانت أكبر منه سنا، وكانت أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا، وكل قومها كان حريصا على ذلك منها لو قدروا عليه، وكانت له نعم الزوج.

وبينما نجح الرسول الكريم عليه السلام بالقول والفعل في القضاء على نزعة احتقار الزراعات والمهن والحرف، واحتقار القائمين بها كذلك نجح الرسول بالقول والفعل ومن خلال النظم المقررة في دولة المدينة التي كان الرسول قائدها وقاضيها ومعلمها في القضاء على الظواهر التجارية المدمرة للمجتمع، التي يلجأ إليها اليهود لامتصاص ثروة المجتمع الإسلامي دون عمل أو كدح أو مغامرة وحتى العباس عم النبي كان صاحب ربا في الجاهلية، فوضعه الرسول، وقال: ألا إن كل ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، وأول ربا موضوع هو ربا عمي العباس كما ورد في خطبة الوداع.

كما أن الرسول حث التجار على التسامح في قوله: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى، وهذا يعني ضمنا التجاوز عن المعسرين، والإرجاء في الدين إلى ميسرة وإبطال ما كان معروفا عند العرب من أن الدائن يأخذ من المدين عند تعذر قضائه لدينه عبدا، أو ولدا من أولاده، حتى يقضي ما عليه.

الاقتصاد الإسلامي

وحتى لا تصبح الحركة التجارية عرضة لتقلبات النفوس والأهواء أمر الرسول بكتابة الديون في صكوك، وكان الرسول يأمر بأن يكتب ما يبيعه ويشتريه وهو النظام المحاسبي المتبع حاليا وفق النظام الحديث.

وكذلك حث الرسول على الصدق في التجارة، وبين أن البركة في هذا الصدق، فقال: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما، وقد نهى الرسول عن الغش، فقال: من غشنا فليس منا، كما نهى الرسول عن الحلف لترويج السلعة، فقال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وذكر منهم المنفق سلعته بالحلف الكاذب.

وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار فقال: لا يحتكر إلا خاطئ، كما نهى الإسلام عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها مخافة أن يقع ظلم على المشتري.

كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يراقب الأسواق ويوجه إلى التخلص من أية سلبيات تظهر فيها، فالرسول عمليا كان أول محتسب وإمام المحتسبين في تاريخ الإسلام.

تابع مواقعنا