عاش مُشردًا ومات غريبًا ورفضت أسرته استلام جثته.. هكذا رحل نجل محمد عبد المطلب
في خطابات الأسطى حراجي لزوجته فاطنة أحمد عبد الغفار، رائعة الراحل عبد الرحمن الأبنودي وصف لها حال الرجل في الغُربة قائلًا: عارفة يا مرتي الراجل في الغربة يشبه إيه؟.. عود درة وحداني في غيط كمون، تِلك المقولة التي انطبقت بشكل كبير على الراحل نور عبد المُطلب نجل المُطرب المصري الكبير محمد عبد المُطلب، والذي رحل مُغتربًا في دولة المغرب الشقيقة يعاني المرض والتشرد في أخر أيامه.
نور عبد المُطلب الذي رحل عن عالمنا مساء أمس، بعد خضوعه لعملية جراحية لبتر قدمه كان يعاني من شلل تام بها أدت مضاعفاتها لاستلزام التدخل الجراحي بالبتر، سافر إلى دولة المغرب منذ 30 عامًا ولم يأتِ إلى مصر إلا مرة واحدة، بعد وفاة والدته زوجة عبد المُطلب، ولم ينلها ثانية.
نور عبد المُطلب الذي قرر الهجرة إلى دولة المغرب، بعدما تعرض ملهاه الليلي في مصر للحرق بأكمله، سافر هناك سعيًا وطلبًا للرزق، وأقام أكثر من مشروع هناك، لكن ضاق به الحال ووصل الحلقوم، وبعد أزمة كورونا العام الماضي، وجد نفسه مٌشرد في الشارع، بعدما قرر مالك المنزل الذي كان يسكن به طرده في الشارع، ولولًا تدخل الشاعر والمُنتج مدحت العدل رئيس جمعية المؤلفين والملحنين، ووفر له سكن لظل في الشارع.
ومؤخرًا عانى نور عبد المُطلب من أزمة صحية شديدة، لكنه رُبما شعر أن الأمر لن يمر كما مرت الأزمات الماضية، لذلك تشبث بشدة بالنزول إلى مصر، لولا أن إجراءات نزوله كانت صعبة للغاية، وأرهقه روتين تخليص الأوراق، لكنه كان لديه إصرار كبير على أن يقوم بإجراء العملية الجراحية لبتر القدم في مصر وليس في المغرب.
لكن وبعد تدهور الحالة الصحية وعدم انتهاء إجراءات عودته لمصر، تدخلت وزيرة الصحة المغربية بعد توصيات السفارة المصرية ونقيب الموسيقيين المصري هاني شاكر، والذي تواصل مع نقيب الفنانين هناك، وقررت الدولة التكفل بحالته وتقديم الرعاية الصحية الشاملة، لكن قدر الله ألا يتحمل جسده العجوز الجراحة، وقرر الجسد الإلتحاق بـ الساق المبتورة بعد ساعات قليلة.
الجزء الأكثر حزنًا في القصة، أنه وبعد وفاة نور عبد المُطلب اكتشفنا عن طريق اتصال هاتفي بنجله محمد الذي يعيش في مصر، أنه يرفض استلام الجثمان، وقال في تصريحات خاصة: أنا مكلمتوش من 30 سنة، وبالفعل وحسب وصية نور بعدما فقد الأمل في العودة لموطنه وافق نجله على دفنه بجانب أقرب أصدقائه في المغرب.
وفاة نجل محمد عبد المطلب
وبعد إعلان خبر الوفاة هناك، رفضت مستشفى ابن رشد، التي توفى بها نور عبد المطلب تسليم الجثمان الذي حدثت عليه معركة على استلامه ما بين الجالية المصرية في المغرب، وبين جيران ونقيب الفنانين المغربي هناك، كل منهم يريد استلام الجثمان ودفنه، في حين رفض أسرته ترحيله إلى مصر.
لكن وعملًا بمقولة إكرام الميت دفنه، سعى السيناريست والشاعر مدحت العدل من جانبه في مصر التواصل مع السفير المغربي للتسريع بإجراء الدفن، وبناء عليه طلب منه السفير أن يقوم أحد أبنائه في مصر بالموافقة في إحدى المقرات التابعة للخارجية بدفن والدهم خارج مصر، وبالفعل حدث.
والآن يرقد نور عبد المُطلب في إحدى ثلاجات مستشفى ابن رشد الجامعي، ينتظر انتهاء المعركة بين الغرباء عنه هناك، ليرقد أخيرًا "عود الدرة الوحدان"، ولأول مرة بسلام، خارج موطنه.