البحث عن الحياة وسط آلام الحرب.. حكاية 50 يومًا في المستشفى لإنقاذ حياة رضيعة يمنية
من حين لآخر تخرج لنا قصص إنسانية من رحم معاناة الحرب والنزاعات المسلحة المستمرة لا سيما انعدام توافر الخدمات الأساسية لضحايا الحروب، وفي اليمن توجد قصص تأثرت بالصراعات السياسية والحروب المسلحة، حيث كادت أنَّ تفقد أم يمنية طفلتها لعدم توافر المال الكافي للذهاب لمستشفى، لعدم تقاضي زوجها، الذي يعمل معلمًا، راتبَه.
ابتسامة فعل الخير كأنها تلمس قلبك وتقول لك يا ليتك تستطيع أن تفعل مثلما يفعلون، تلك الابتسامة التي كانت تعلو وجه الدكتورة مونيكا كوستيرا، طبيبة الأطفال في منظمة أطباء بلا حدود، التي أنقذت الطفلة الرضيعة من الموت بعد الولادة، فما قصة الطفلة خديجة ووالدتها التي تسمى جمعة؟
50 يومًا في المستشفى
وفق ما روت الدكتورة مونيكا كوستيرا لـ القاهرة 24، فإن الأم ذهبت رفقة رضيعتها من أجل استشارة طبية في مستشفى الأم والطفل، الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في مدينة القوانص التابعة لمحافظة الحديدة، وهي تعرف جيدًا المستشفى وطاقمه الطبي بعد أن قضت فيه 50 يومًا، حين أدخلت طفلتها إلى وحدة حديثي الولادة بعد أن ولدت قبل أوانها بكثير، واستدعى هذا مكوثها في المستشفى فترة طويلة.
وحملت الأم أول مرة بعد 9 سنوات من الزواج، ورغم أنها من عائلة فقيرة وزوجها لا يحصل على راتبه من عمله، وهو معلم في مدرسة حكومية، فإنها بدأت بزيارة الأطباء بانتظام منذ بداية حملها تجنبًا لأي مضاعفات، حيث اقترضت المال من أقاربها وداومت على دفع مبلغ 10 آلاف ريال يمني، بما يعادل 15 لـ20 دولارا أمريكيًا، للاستشارة الطبية كل شهر في مستشفى قريب من بيتها.
وقالت الأم، التي كانت عرضة لخطر الولادة المبكرة وحصلت على جرعة ديكساميتازون لتسريع نضوج رئة الجنين: بدأت أنزف في الشهر السابع من حملي، وأتيت إلى مستشفى القوانص، حيث أعطاني الأطباء بعض الأدوية لي وطفلتي، وعدتُ إلى البيت آملةً في أن يكون كل شيء على ما يرام.
بداية الإقامة الطويلة في وحدة المواليد الجدد
ولم يتوقع الأطباء هذا إلا أن عادت السيدة إلى المستشفى في اليوم التالي برفقة وليدتها، حيث جاءها المخاض ليلًا، ولم تستطع وقتئذٍ الوصول إلى المستشفى، ورغم أنَّ الولادة مرت بسلام، فإن طفلتها التي أطلقت عليها اسم خديجة وكان وزنها منخفضًا، بدأت معها رحلة العلاج الطويلة بهدف زيادة وزن الطفلة.
وقال الدكتور وليد علي، وهو طبيب أطفال يعمل في وحدة حديثي الولادة التي تدعمها أطباء بلا حدود في المستشفى: لم تكن الطفلة قادرة على التغذية بنفسها ولهذا اضطررنا إلى تغذيتها بأنبوب عن طريق الأنف يصل إلى معدتها، كما أعطيناها جرعات من الفيتامينات والحديد وأدوية أخرى، إلا أن بقاءها لمدة طويلة كان يهدف إلى زيادة وزنها كي تكون قادرة على التغذية بنفسها، فقد كان وزنها يبلغ 950 جرامًا حين أتت واستغرق الأمر 50 يومًا كي نزيده إلى 1530 جرامًا، لكن لم تكن الأم راغبة بالبقاء أكثر فاضطررنا إلى إخراجها.
متابعة حالة الأم لتقييم التحسن
وطلب الأطباء من السيدة العودة من أجل جلسات المتابعة بعد أسبوع، إلا أنها عادت بعد أسبوعين، إذ لم تستطع بعد أسبوع استدانة 10 آلاف ريال يمني لدفع تكاليف النقل، ولا وجود لمركز طبي مجاني قريب من بيتها يمكنها زيارته من أجل الاستشارات الطبية البسيطة لطفلتها.
الأم التي لا تعلم ما إذا كان ارتفاع تكاليف النقل يعود للتضخم أم لنقص الوقود في البلاد، قالت: ثمة مستشفى خاص وحيد قريب منا ويحتاج الأمر إلى المال، غير أنني لا أثق إلا في المركز الذي عولجت فيه طفلتي لمدة 50 يومًا، لهذا وبدلًا من دفع المال للمستشفى فإنني أدفعه لقاء النقل إلى هذا المستشفى المجاني الذي أثق به.
وزاد وزن ابنة السيدة اليمنية 100 جرام تقريبًا في غضون أسبوعين، وبات وضعها مرضيًا للأطباء الذين رغم هذا نصحوا الأم بالعودة للمتابعة مرة أخرى بعد أسبوعين، لكن ليس أكيدًا ما إذا كانت ستقدر على تأمين المال اللازم للنقل، وتأمل أن يتوافر مركز طبي مجاني وجيّد قريبًا من بيتها.