لماذا انقلب جان بول سارتر على الشيوعية بعدما كان من أشهر أتباعها؟
منح في مثل هذا اليوم 22 أكتوبر من عام 1964، الفيلسوف والروائي الفرنسي الشهير جان بول سارتر، جائزة نوبل في الأدب، لكنه رفضها، وامتنع عن تسلمها، وعلل ذلك بأنه يجب على الكاتب ألا يسمح لنفسه بأن يتحول إلى مؤسسة.
واشتهر بول سارتر بأنه فيلسوف الوجودية الأبرز، حيث كان من أشهر دعاة الوجودية في العالم، وهي حركة فلسفية تهتم وتحتفي بالوجود الفردي البشري.
فقد سارتر والده وهو طفل، ونشأ في بيت جده لأمه، والتحق بمدرسة ليسيه هنري الرابع في باريس، وبعدها إلى مدرسة الليسيه في لا روشيل، ثم إلى المدرسة العليا المرموقة نورمال، وتخرج منها في عام 1929، وخلال فترات دراسته تأثر سارتر كثيرًا بالفلسفة الألمانية، لا سيما وجودية مارتن هايدجر، والمنهج الظاهراتي لإدموند هسل.
وصدرت أولى أعمال سارتر الرئيسية، عام 1938، وهي رواية الغثيان، وتم تجنيده في عام 1939، في أثناء اندلاع الحرب العالمية الثانية، وتم سجنه في عام 1940، حيث أخذ كأسير حرب، وفي عام 1941، تم الإفراج عنه، استقر في باريس التي احتلها النازيون، كما شارك المقاومة الفرنسية في أعمالها ضد الاحتلال الألماني.
أطوار الفكر الشيوعي عند سارتر
خلال أحداث الحرب، نمت لدى سارتر محبة الفكر الشيوعي الماركسي، وعلى الرغم من كونه لم ينضم بشكل رسمي إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، فإنه كان أحد أشهر الشيوعيين في فرنسا، وكان داعمًا لاتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، وزار الاتحاد السوفيتي في عام 1954.
حب سارتر للشيوعية لم يدم طويلا، فبعد غزو السوفييت المجر، في 1956، واجه سارتر هذا التدخل بالرفض والاستنكار، كما رأى أن الحزب الشيوعي الفرنسي خاضع بشكل مبالغ فيه إلى إملائات موسكو، وإدارة الحزب الشيوعي السوفيتي.
وكتب في مقال له بعد الحرب: أدين الغزو السوفيتي بكل صدق ودون أي تحفظ أو تردد، ودون تحميل مسؤولية ذلك للشعب الروسي، لكن حكومته الحالية قد ارتكبت جريمة كبيرة، والجريمة بالنسبة لفهمي ليست غزو بالدبابات، والحقيقة أنه بسبب اثني عشر عام من الغباء والرعب، فمن المستحيل إقامة أي اتصال مع من يرأسون الحزب الشيوعي الفرنسي الحالي.
وهاجم سارتر الحزب الشيوعي، لكنه كان ما يزال مرتبطا بالماركسية، وحاول إيجاد نوع جديد من الاشتراكية، تناسب أفكاره، وأصدر في هذا الصدد كتابه البحث عن طريقة 1960، وبعد انفصال فرنسا عن الاتحاد السوفيتي في عام 1968، كان سارتر وقتها هو رمز للشباب الفرنسي الثائر.