الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وجه على الرصيف.. شعر سيد عبد الرازق

القاهرة 24
ثقافة
الإثنين 25/أكتوبر/2021 - 01:59 م

 سيد عبد الرازق شاعر من مواليد محافظة أسيوط، حصل على الكثير من الجوائز، منها جائزة الفيصل في الشعر، وهو يعمل طبيبًا بيطريًا في الأساس، صدر له العديد من الأعمال الشعرية منها ويرسمها الدخان، ويقامر شعره، ونيرافانا،  وغيرها من الدواوين، وهذه قصيدة له بعنوان وجه على الرصيف. 

ماذا تريدُ 

وقد تغَيَّبَ حُلمُك المخبوءُ عن عينيكَ 

في بحرِ الحياةْ؟

ذاك البريء مشوَّهٌ 

بلهيبِ جَرْيِك خلف كلِّ عقاربِ الساعاتِ 

في وجه الشَّوارعِ

في امتطائِك شهوةَ السَّعيِ الحثيثِ 

لنيلِ كِسرةِ خُبزِك الموصومِ ذُلًّا 

والنجاةْ

ماذا تريدُ من الشوارعِ 

والشوارعُ مُفعماتٌ بالأنينِ 

وبالعيونِ اللاهثةْ؟ 

شيخٌ يعنِّفُه الرَّصيفُ بِبَرْدِهِ 

أمٌّ وفوق ذراعِها طفلٌ بلا عينٍ 

وبنتٌ في مقدِّمةِ الحياةِ 

تجرُّ ذيلًا خائرَ الخطواتِ

تنظرُ وجهَهَا الملعونَ في كلِّ المرايا 

وانعكاسَ أنينِها في مركباتِ السيرِ 

حين يسُبُّها الرجلُ الغريبْ

ماذا تريدُ من الشوارعِ؟ 

والشوارعُ مثلنا 

فيها كثيرٌ من ملامِحنا التي ما عدتُ أعرفُ كُنْهَهَا 

أو أستطيعُ لها انحيازًا

كلُّ شيءٍ صابه التشويشُ عمدًا

لم يعدْ شيءٌ يَبينْ

والشوارعُ عادةً مكتظةٌ بالعالمينْ

ساقانِ تحتملانِ جسمًا واهيًا 

من فوقِهِ أنبوبُ غازٍ، محرقةْ

كومُ القمامةِ في نهايةِ شارعِ الفقراءِ 

يعلو كلما مرَّتْ عليهِ المركباتُ المقلقةْ

وعجائزٌ تلْعَنَّ أطفالَ الشوارعِ 

حين يبتسمونَ في هذي الحياةِ لمرةٍ 

صنعوا كراتِ جَوَاربٍ وتقاذفوها 

قبل عمرِ المشنقةْ

ومُوَظَّفٌ قد عُلِّقتْ عيناه بالتقويمِ 

يرقبُ غُرَّةَ الشهرِ المكبَّلِ " بالفواتيرِ" القميئةِ 

والعيونِ المحدقةْ

زوجٌ تزيِّنُ نفسَها 

تحتالُ حتَّى يُطفئَ الليلُ العيونَ 

تعوِّضُ الزوجَ المعذَّبَ عن سخافةِ يومهِ 

وعيالُهُ لا يسأمونَ من السَّهَرْ

فتضيعُ شهوتُها العفيفةُ بين أنيابِ الضجرْ

ماذا تريدُ من الشوارعِ؟ 

والشوارعُ قد تَحكَّمَ في براءتِها المغولُ

يعاقرون الذبحَ جهرًا

يشربون بكارةَ الفتياتِ غدرًا 

ثُم تعلو نكهةُ الدخَّانِ ممزوجًا 

بأصنافِ الحشيشِ

لفائفِ " البانجو " 

وأفلامُ التعرِّي 

والأغاني الهابطة

صورُ النساءِ الماجناتِ على " التكاتكِ "

بائعٌ متجولٌ متشدِّقٌ بنداءِ صوفيٍّ 

وفوق قميصِهِ وجهٌ لجيفارا 

يبيعُ كُتَيِّباتِ مشايخِ السلفِ الحديثةَ والمتونْ 

أيُّ ضربٍ من خَبَالٍ يعتري هذي الشوارعَ؟

أيُّ نوعٍ من جنونْ؟

لمْ تعُدْ لي حاجةٌ في الحُلم 

في هذي الحياةِ بذلك الزمنِ الهجينْ

فابتعدْ يا حُلم 

حتى تنزوي تلك الشوارعُ

أو تغيرَّ ثوبَها تلك العيونْ 

 

 

تابع مواقعنا