الميتافيرس.. مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي الذي سيغير العالم
هل تخيلت نفسك تقابل أصدقاءك الذين يبعدون عنك آلاف الكيلو مترات وتراهم وتتفاعل معهم كأنهم أمامك في الحقيقة، أو أن تحضر اجتماع عمل مهمًا، وأنت موجود على الشاطئ ترتدي ملابس البحر وتستمتع بالشمس والبحر، أو ترى أهلك الذين تغربت عنهم في بلد آخر وتتفاعل معهم وتحضنهم كأنهم واقع أمامك؟ كل هذا باختصار شديد هو الميتافيرس!!؟
الميتافيرس (metaverse) أو عالم وراء الكون، هو عبارة عن بناء عالم خيالي ذي مساحة مشتركة افتراضية جماعية تجمع كل العوالم الافتراضية والإنترنت، وهو الثورة المقبلة في تطور الإنترنت التي تعتمد على الويب 0.3 أو الويب الدلالي (Semantic Web)، الذي سيكون من أبرز مظاهره الواقع الافتراضي الذي سيغير كثيرًا من إدراكنا لمعنى الواقع وطبيعة الحقيقة.
وعلى الرغم من أن مصطلح الميتافيرس هو مصطلح مرتبط بالخيال العلمي، وقد ظهر للمرة الأولى في عام 1992 على يد الكاتب Neal Stephenson، في روايته التي تحمل الاسم Snow Crash، وهو الذي عبّر حينها عن عالم افتراضي يمكن للبشر أن يتفاعلون مع بعضهم فيه، فإنه بدأ استخدام المصطلح خاصة من شركة فيسبوك لتعبر من خلاله عن مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي التي ستختفي قريبا جدا بشكلها التقليدي الحالي!!
ولأن الميتافيرس لم يتحقق بشكله الكامل بعد، نظرًا لعدم ظهور الجيل الجديد لشبكة الإنترنت وبدأ العمل به، فلا يوجد تعريف محدد لما سيكون عليه، وإنما يوجد عدة تصورات متكاملة أحيانًا ومتناقضة أحيانًا أخرى، للشكل الذي سيكون عليه عندما يتحقق، إلا أنه هناك تطبيقات حديثة بالفعل للشكل الذي قد يكون عليه الميتافيرس في المستقبل.
ويكاد يكون من المُجمع عليه أن الميتافيرس سيكون فضاء جرافيكيًا حسيًا، ليس مثل الإنترنت تحتاج لتسجيل الدخول إليه، بل عبر التكنولوجيا المناسبة سنعيش فيه والتي ستعتمد على تقنيات الواقع الافتراضي بشكل كامل والتي سيحتاج المستخدم فيها لمعدات معينة مثل خوذ ونظارات وقفازات الواقع الافتراضي لتجربة ذلك الواقع والإحساس به والتفاعل معه، وثمة تخيل آخر يعتمد على تطور قدرة أجهزة الكمبيوتر على قراءة الأفكار، بحيث تستطيع توصيل عقلك مباشرة بالأداة التي تصلك بالميتافيرس، فلا حاجة لضغط زر أو لمس شاشة أو حتى إيماءة يد.
وربما يكون الاتصال بالميتافيرس في المستقبل عن طريق شكل متطور من الهاتف أو الكمبيوتر أو نظارة أو حتى شريحة تُزرع في الدماغ على غرار شريحة إيلون ماسك.
ورغم حديث شركة فيسبوك عن الميتفيرس واعتبارها أكبر شركة حاليًا تستثمر في تكنولوجيا الواقع الافتراضي، فإنه لا توجد شركة واحدة تستطيع امتلاك أو تشغيل الميتافيرس بمفردها، فهو يحتاج إلى التعاون، حيث إن الأصول التي يمكن للمستخدم امتلاكها في الميتافيرس يمكنها التنقل في العالم الافتراضي، والتنقل بين المنصات المملوكة للشركات المختلفة.
وقد يتم هذا الربط بواسطة تقنية سلسلة الكتل (BlockChain)، وهى عبارة عن قائمة من السجلات، تسمى الكتل، يتم ربطها معًا باستخدام التشفير، مثلما يحدث مع العملات المشفرة، وإذا اشتريت على سبيل المثال شخصية افتراضية أو أردت أن تمتلك قاربًا على Fortnite (لعبة افتراضية مشهورة)، قد تتمكن نظريًا Fortnite من تأكيد ملكيتك على سلسلة الكتل والسماح لك باستخدام ما تريد أن تمتلكه في اللعبة الافتراضية، ومن المفترض أن تحافظ العوالم المختلفة على «قابلية التشغيل البيني»، كما قال زوكربيرج، لربط الميتافيرس أو خلق عالم افتراضي أوسع.
ويمثل الميتافيرس رؤية تقنية لمستقبل يمكن أن تشارك فيه شركات متعددة في وقت واحد، ويمكن أن تنتقل الملكية الفكرية بسلاسة بين الأفلام وألعاب الفيديو وبيئات الواقع الافتراضي؛ وهو ما يعد تكنولوجيا مغرية للشركات التي ستستفيد من عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بك IP Address أينما ذهبت.
وعالم الميتفيرس يمثل تحولًا شديد الخطورة في إدراك المعنى الحقيقي للواقع، الذي سيمثل في فترة من فتراته إشكالية تتمثل في التفريق بين العالم الحقيقي والافتراضي، وسيغير كثيرًا من مفاهيم التواصل البشري الذي سيتحول من الواقع الحقيقي للواقع الافتراضي؛ الأمر الذي سيفرض كثيرًا من التحديات التي يجب على العالم أجمع أن يستعد لها.