وكيل الأزهر السابق: العري في المهرجانات رفض للتكريم الإلهي
عبر الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، عن غضبه إزاء مشاهد العري المنتشرة في المهرجانات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن ذلك غير جائز على الإطلاق؛ لا سيما أن الله أمر بستر الجسد البشري.
نشر شومان مقالًا مطولًا عبر صفحته على فيس بوك، قائلًا: لقد كرم رب العالمين الآدميين، ورفعهم فوق كافة مخلوقاته على الأرض، وسجل هذا التكريم في أشرف الكتب، فقال: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، وتلحظ هذا التكريم في كل ما يتعلق ببني آدم، فمن حيث الخِلْقَة خلق الله الإنسان على أبهى صورة وأشرفها: "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ"، "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"، ومن حيث التعامل مع الحياة بمكوناتها كرَّمه بالعقل المفكر الذي يستطيع الموازنة بين المنافع والمضار، ولديه القدرة على الاختيار "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"، "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".
وأضاف شومان: وحتى لا تتعطل هذه الهبة والمنحة الربانية طالبنا ربُّنا باستغلالها، وحرم علينا تعطيلها، فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وتابع وكيل الأزهر السابق: وأمرنا بأن نستفيد من أخطاء غيرنا حتى لا نقع فيها: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}،{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}.
وأكمل الدكتور عباس شومان: ومن مظاهر هذا التكريم أنه أراد للجسد البشري أن يكون مستورًا؛ حتى لا يطلع الناس على ما يؤذيهم في حين بقيت المخلوقات مكشوفة من دونها:{ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}، وأمرنا بارتداء أفضل ما نملك منها عند الصلاة، حيث نقف بين يديه -تبارك وتعالى-: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
وكيل الأزهر السابق، أوضح أنه: إذا كان الستر للجسد البشري مطلوبًا من جميع البشر، لا فرق بين مؤمنهم وكافرهم، فإن ستر الرجال يختلف عن ستر النساء، فإن الستر المفروض على الرجال يقتصر على الجزء المحيط بالعورة المغلظة، فيكتفى بوجوب الستر من السرة إلى الركبتين، وأخرج باقي الجسد من العورة؛ ولذا لا بأس بكشفه، ويخضع في ستره وكشفه لأعراف الناس وما يعدونه مناسبًا، فيكون من غير الملائم الاقتصار على ما يجب ستره في أحوال يناسبها ستر البدن بالزي المتعارف عليه، والذي قد يصل لتغطية سائر البدن غير الوجه والكفين، وهذا الذي ناسب أعراف الناس في أعمالهم وسيرهم في الطرقات ومناسباتهم واحتفالاتهم؛ ولذا يُنْتَقَدُ تاركه وإن ستر ما وجب ستره شرعًا، فالعرف معتبر في شرعنا، وما يعده الناس حسنًا فهو حسن، وما يعدونه قبيحًا فهو قبيح.
وجاء في نهاية المقال: وحتى يتحقق صون المرأة مكتملًا فإن شرعنا الذي أمرها بستر جسدها كاملًا بزِيٍّ لا رقيقًا يظهر شيئًا من الجسد تحته، ولا ضيِّقا يحجم أجزاء الجسد، أمر الرجال بغض البصر:{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وأباح لهم النظرة الأولى التي جُبلت عليها النفوس، ويحتاجونها لاستكشاف الطريق ومعرفة القادم، وتبيّن نوعه حتى يحتاط منه إن كان مؤذيًا، كالحيوان غير الأليف ونحوه: "لَا تُتْبِعِ النَّظَرَ النَّظَرَ، فَإِنَّ الْأُولَى لَكَ وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ".
واختتم شومان: وتَجاوُزُ هذه الضوابط التي أراد بها شرعنا صون الرجال والنساء على السواء، يعد رفضًا صريحًا لهذا التكريم الإلهي، وحطًا من منزلة الرافض لهذا التكريم، ومخالفة صريحة للأوامر الإلهية التي جاءت به، ويتمثل هذا بجلاء في هذه المشاهد التي تطلع علينا من خلال مواقع التواصل عن هذا التبرج، ومشاهد العري ليس للنساء فقط ولا في المهرجانات فقط، ولكن يشارك كثير من الشباب والفتيات فيها في أماكن كثيرة، وهو غير جائز على الإطلاق ولأي سبب من الأسباب، ولا يليق بمجتمع جميع من فيه من أتباع الديانات والشرائع التي تأمر بالاحتشام، وتحرم كشف العورات، فليعد الجميع إلى الاحتشام والوقار إنقاذًا لأنفسهم وأنفسهن من النار.