ماذا قال ابن بطوطة عن الناصر قلاوون في مصر؟
قضى ابن بطوطة ثلاثين عاما متنقلًا ومرتحلًا بين البلاد، واستطاع أن يسجل بِدقة ما تقع عليه عينه أو تسمعه أذنه ليخرج لنا كتابه: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، المعروف برحلات ابن بطوطة، وممن تحدث عنهم في كتابه الناصر قلاوون.
وقال ابن بطوطة في كتابه: كان سلطان مصر على عهد دخولي إليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاون الصالحي، وكان قلاوون يُعْرَف بالألفي؛ لأن الملك الصالح اشتراه بألف دينار ذهبًا، وأَصْله من قفجق، وللملك الناصر رحمه الله السيرة الكريمة والفضائل العظيمة، وكفاه شرفًا انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين، وما يَفْعَله في كل سنة من أفعال البر التي تُعِينُ الحُجَّاج من الجِمال التي تَحْمل الزاد والماء للمنقطعين والضعفاء، وتحمل من تأخر أو ضعف المشي في الدربين المصري والشامي.
زاوية عظيمة
وأضاف ابن بطوطة: وبنى زاوية عظيمة بسرياقص خارج القاهرة، لكن الزاوية التي بناها مولانا أمير المؤمنين، وناصر الدين، وكهف الفقراء والمساكين، خليفة الله في أرضه، القائم من الجهاد بنفله وفرضه، أبو عنان أَيَّدَ الله أَمْره وأَظْهَرَه، وسنى له الفتح المبين ويَسَّرَه، بخارج حَضْرَتِه العلية المدينة البيضاء حَرَسَها الله لا نظير لها في المعمور في إتقان الوضع وحُسْن البناء والنقش في الجص، بحيث لا يَقْدر أهل المشرق على مِثْله، وسيأتي ذِكْر ما عَمَرَهُ أيده الله من المدارس والمرستان والزوايا ببلاده حرسها الله وحفظها بدوام مُلْكِه.