مركب شريحة ومسامير وفي الجدعنة مالوش مثيل.. حكاية «أيمن» مُنقذ الغلابة في الفيوم: إنقاذ الأرواح عندي بالدنُيا| صور وفيديو
صراخ شديد وكلمات تتردد من بعيد في آذان عم أيمن، الحقوا ماما وقعت في البحر، تلك الجُملة التي أظهرت شهامة هذا الرجُل، رجُل خفيف الظِل، خفيف الحركة يتكئ بعض الشيء على أحرف الأسوار، أو دائمًا ما يركب خلف شقيقه الدراجة، لايستطيع السير على قدميه بشكل مُستمر، لإصابته مُنذ سنوات في كعب قدمه الأيسر أثناء عمله على سقالة فسقط أرضًا مُنذ ما يُقرب من عامين، وخاض رحلة علاج طويلة وركب على إثرها شريحة ومسامير بالقدم، وبالرغم من إصابته ألا أنِّه لا يتأخر لحظة عن عمل الخير.. إنِّه أيمن فكري بركات طُلب، من مواليد 1973، من منشأة عبداللّه بالفيوم، عامل باليومية، والذي أنقذ سيدة وطفلة في موقفين مختلفين تمامًا من الغرق في بحر بالفيوم.
أيمن فكري، أب لثلاثة أبناء، محمد تلميذ بالصف الرابع الابتدائي، ومريم تلميذة بالصف الأول الابتدائي، ومنار يُجهز لعُرسها بعد عام من الآن.
بدأت القصة صُدفة عندما زار عم أيمن صديقه، صاحب محل كاوتشات بجوار بحر تنهلة بالفيوم، وطلب منه أنِّ يتناولا كوبًا من الشاي كعادتهما في ساعة هادئة من الليل، وفجأة سمع صراخ أطفال: «الحقوا ماما وقعت في البحر»، ترك الشاي وفرِّ نحو أصوات الصراخ، حيث وجد تجمع أفراد، وطفلتين تصرخان.
وعندما حضر أيمن، سأله أحد المواطنين: بتعرف تعوم؟ قال له: بعرف، ومن هُنا بدأت شجاعته، خلع جلبابه وقفز أعلى كوبري البحر من الجانب الآخر حتى يُنقذ السيدة من أقرب مكان متواجده فيه: قولت في سري اللي يحصلي يحصلي المهم أطلّع الست عشان عيالها وعياطهن، وجدت السيدة مقلوبه على وجهها قلبتها على ظهرها حتى أخرجتها على حافة البحر، وقمت بإسعافها لخروج المياه التي ابتلعتها حتى لا تفطس، وطلبت من الآخرين يساعدوني في طلوعها من حافة البحر للرصيف لأن الرصيف عالِ حتى ظهر زوجها وقام بشدها وأخذها رفقة الأبناء في سيارتهم وغادروا.
أكمل عم أيمن حديثه: عندما أخرجت السيدة من البحر وطلعت من البحر، الشخص الذي تركت معه هاتفي أبلغني أنِّ هاتفي يرن بالقرآن الكريم، وبالفعل سمعت صوت قرآن خارج من هاتفي، استغربت لإن هاتفي دون نغمات أو قرآن، فاكتشفت أنَّ القرآن الكريم اشتغل من نفسه على الراديو، من هُنا شعرت أنها إشارة، واطمئن قلبي.
لم يُكن هذا الموقف البطولي الوحيد لعم أيمن، فمُنذ أكثر من 30 يومًا، أنقذ العم أيمن طفلة كانت تسير جانب والدتها، وحاولت تشرب من كولدير ماء بجانب بحر في الفيوم، وعندما مالت الطفلة لتشرب تزحلقت في البحر: شد انتباهي صراخ سيدة فجأة، فوجدت سيدة تصرخ وتستغيث بعد سقوط طفلتها في البحر: قفزت سريعًا لإنقاذها تتبعت فردة كانت عائمة من حذائها حتى انتشلتها من منتصف البحر «تعبت اليوم ده وقررت لازم أنقذها وفتحت عيناها في البحر كانت غير فائقة أخرجتها وضغطت على بطنها وسلمتها لوالدتها وذهبت إلى المستشفى للإطمئنان على الطفلة وعندما اطمأنيت أنِّ الطفلة بخير غادرت المستشفى وقلبي راضٍ».
وعن إصابته في القدم، قال أيمن: مُنذ أكثر من عامين كنت أعمل مبيض محارة وعجان، وسقطت من أعلى سقالة على زلط، وذهبت للمستشفى وطلبوا بتر قدمي ولكن رفضت، ذهبت أسرتي بي للقصر العيني لمدة عام علاج لإجراء عملية وجلست عامين قعيد على السرير قي منزلي، لا أستطيع الحركة وركبت مسامير وشريحة.
كيف تعلمت العوم؟
ومازلت استمع لقصة العم أيمن، وعندما سألته كيف تعلمت العوم، ادهشني بإجابته: «تعلمت العوم مُنذ الصِغر عن طريق الصُدفة، كان أمام بيتنا خليجة صغيرة وكانت أمي والسيدات تغسلن الأواني في الخليجة، فكنت أنا والأطفال نخوض التجربة ونقفز في الخليجة ونستحمى حتى تعلمنا العوم في الخليجة وقفزت في البحر، كان عندنا ماعز صغير نزلت البحر لتعوم تخوفت عليها فسقطت خلفها، وكانت هذه أول مرة لنزولي في البحركنت هفطس «أقفز وأقب»، ثم سحبتني الماعز من ملابسي وشدتني إلى رصيف البحر».
طالب أيمن بمساعدة ابنته في جهازها: اللي قدرت عليه اشتريته ولكن لا أستطيع على شراء الأجهزة الكهربائية، أنا عامل الآن على دراعي باليومية يوم اشتغل عشرة مفيش، امسح سيارة أكنس سلالم.
وعن أمنِّياته قال أيمن بركات، نفسي في توفير تروسيكل أعمل عليه ويساعدني في الحركة، رجلي وجعتني لما قفزت في البحر لكن مفكرتش غير إني أعمل الصح وبس، ولو رجلي كانت مقطوعة كنت هرمي نفسي، إنقاذ الأرواح عندي بالدنيا ده ثواب أي حد هشوفه غرقان هنقذه.