الرواية والفلاح.. خليل حسن خليل يفضح الإقطاع في الوسية
تناولت الكثير من الروايات الريف المصري، ورصدت عالم الفلّاح، وملامح المكان الذي يعيش فيه الفلاح وعلاقاته بالآخرين، ومن بين هذه الروايات رواية الوسية للكاتب خليل حسن خليل التي تتناول الريف وحياة الفلاح والمعاناة التي يعانيها جراء الإقطاع قبل ثورة يوليو 1952.
الرواية في الأصل سيرة ذاتية للدكتور خليل حسن خليل تحكي حياته منذ حجز أحد الإقطاعيين على أرض أبيه وأثاث بيته، وكيف كانت الحياة في القرية بين سادة وعبيد، وهو أيضا الأمر الذي قابله الكاتب في الريف عندما ذهب إلى المدينة في الشق الآخر من الرواية.
يُطرد خليل من المدرسة لعدم قدرته على دفع مصروفات الدراسة، ثم يذهب وهو ما يزال للعمل في وسية الخواجة لكن الخواجة يطرده بعد ذلك من وسيته، ويتطوع في الجيش وهناك تقابله بعض العقبات، لكنه يجتازها ويعتمد على ذاته في التعليم حتى يحصل على ليسانس الحقوق، وبعدها يسافر إلى الخارج ليكمل تعليمه.
مما جاء في الرواية
في الليلة التالية صعدت إلى الطابق الأعلى بالقصر لأسمع حوار شائقًا، لم أستمع لمثله من قبل، وجدت عند الخواجة أحد المقاولين الذين يوردون عمالا للوسية، أحضر عددًا كبيرًا من الأنفار لجني القطن، واعتمد على محادثة شفوية بينه وبين الخواجة على مقدار أجر العامل في جني القطن، ولما كان القطن جيد المحصول في ذلك العام، فقد ازداد التنافس بين المقاولين على توريد الأنفار للوسية وكانت أجرة النفر في المواسم العادية قرشا ونصفًا، ولكن المقاول أخبر الخواجة بأن هناك طلبًا كبيرًا على العمال في ذلك العام، فإذا كان يريد عددًا كبيرًا منهم فلا بد من زيادة الأجر.
اقترح أن يرفع الأجر مليمين ونصفا! أي أن يصبح الأجر 17.5 مليما. وافق الخواجة أن يزيد المقاول الأجر، ويأتي بعدد كبير من الأنفار.. وليس هناك فارق بيننا في الحسابات، فنحن أصدقاء، وأنت معنا في الوسية منذ عدة سنين.
فرح المقاول لهذه الثقة، ولتلك الصداقة أغرق الحقول بالأنفار، وانتهى جنى القطن في وسية الخواجة قبل الوسية الأخرى.
طالب المقاول الخواجة بحساب أجور الأنفار على أساس 17.5 مليما للعامل، أجابه الخواجة في شيء من عدم الاكتراث:
- اسمع، ليس هناك شيء اسمه 17.5 مليما! نحن اتفقنا یا جناب الخواجة على هذا الأجر، وقد أحضرت العمال على هذا الأساس.
- لا، أنا لم أتفق على هذا!
- أنت قلت زد من أجر الأنفار، وليس بيننا فرق، هذا هو الكلام الصحيح، ليس بيننا فرق!.
طيب أنا دفعت للأنفار 17.5 مليما، وانتهينا من جني قطنك قبل سائر الوسية.