الرواية والريف.. يوسف القعيد يرصد خلل المجتمع إبان حرب أكتوبر
الروائي الكبير يوسف القعيد واحد من أهم الروائيين الذين استطاعوا نقل القرية المصرية بكل دقة وحرفية في عدد كبير من رواياته ومن هذ الروايات الحرب في بر مصر، حيث تقع أحداثها في إحدى القرى المصرية إبان حرب 6 أكتوبر.
تدور الرواية حول العلاقة بين الفلاحين والعمدة والفروق الاجتماعية بينهم، فالعمدة رجل ذو نفوذ ومال في فترة حكم السادات، وتحديدا خلال اندلاع حرب 6 أكتوبر ويبلغ نفوذ العمدة إلى حد أنه عندما يُطلب ابنه للالتحاق بالخدمة العسكرية يقوم بالتدليس ويرسل ابن فلاح بسيط للخدمة بدلا من ابنه ويزور أوراق بهذا الأمر.
المفارقة أن مصري، ابن الفلاح الذي أرسله العمدة بدلا من ابنه يستشهد في الحرب فيكون على العمدة أخذ العزاء فيه باعتباره والد الشهيد ويحرم أبوه الحقيقي من ذلك، ولا يستطيع أن يثبت أنه والد الشهيد.
من أجواء الرواية:
في بلدنا مثل يقول: ضربتان في الرأس تسببان ألما ووجعا للإنسان، يجعله لا يعرف يمينه من يساره، يبدو أن هذا المثل قيل في أيام الراحة والعز، اليوم تكفي نصف ضربة، أو حتى مجرد لمسة صغيرة، لكي تجعل الإنسان عاجزا عن القيام من مكانه. ما حدث لي اليوم يؤكد كلامي. أنا أحتاج لتقديم نفسي لكم. أعتقد أن دوري في الرواية قد حان. أبدأ فصلي من هذه اللحظة التي ستظل حية بداخلي إلى أن تذهب معي إلى القبر، وتدفن في حضني بداخله رغم معرفتي بضيق قبور الفقراء أمثالنا.. اللحظة تبدأ في ذهني بطرقة على الباب، مجرد طرقة صغيرة عادية، تحدث في الليلة الواحدة آلاف المرات. بيوت المساكين تغلق أبوابها من ساعة المغربية طلبا للستر من ناحية، ولأنه لا يتردد عليها أحد من طالبي الخدمات أو أصحاب المصالح من ناحية أخرى.. خبط الباب وكانت الدنيا قد ليّلت، وكنت قد تركت الدوار والمخازن التي أحرسها للعمدة وخطفت قدمي لأتعشى. هذه اللحظة تكون الناس يقظة وأصوات الحركة تملأ الدنيا، والأنوار التي تخرج من الدكاكين والبيوت تعطي الإنسان بعض الونس وتوقف أولاد الليل عند حدهم. وضعت أول لقمة في فمي.. أحسست أنها جرحت زوري من جفافها.. لم أضع في فمي سواها أشرت لهم بيدي ليرفعوا الطبلية، وأن يعملوا لي كوب شاي كبير.
