هل تنجح قمة جلاسكو في إلزام الدول بتقديم تمويل التكيف مع التغيرات المناخية؟
آمال كثيرة تعول على مؤتمر تغير المناخ الذي انطلق صباح اليوم بجلاسكو في اسكتلندا بالمملكة البريطانية المتحدة COP 26، وسط تحديات غير مسبوقة لتغير المناخ ظهرت في الكوارث الطبيعية التي عصفت بمناطق عدة حول العالم في وقت سابق من 2021.
ويأمل قادة وزعماء دول العالم في النجاح في إلزام الدول الصناعية الكبرى والمتقدمة بتقديم التمويل الخاص بإجراءات التكيف، ومواجهة التغير المناخي على الدول النامية، وفقًا لما حددته اتفاقية تغير المناخ للأمم المتحدة، خاصة بعد الظواهر الجوية الحادة وتقلبات المناخ التي شهدها كوكب الأرض خلال السنوات القليلة الماضية.
هل تنجح قمة جلاسكو؟
قال الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي، وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إن اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ ألزمت الدول المتقدمة بتوفير تمويلًا للدول الأقل نموًا أو النامية من أجل إجراءات التكيف مع تغير المناخ.
وأضاف علام في تصريح خاص لـ القاهرة 24 أن الدول الموقعة على اتفاقية تغير المناخ بمجرد توقيعها فهي مُلزمة ببنودها وملحقها التنفيذي، لكن المشكلة هنا في الالتزام بالوعود والاتفاقيات، حيث أكدت الدول المتقدمة؛ تخصيص 1% من إجمالي الدخل القومي لمواجهة تغير المناخ وإجراءات التكيف، في جميع القطاعات، وتم تراجع النسبة إلى النصف ومن ثم إلى الربع.
مستشار برنامج المناخ العالمي، أوضح أن الدول الصناعية هي من تسببت في أزمة تغير المناخ، وهي التي استفادت من حرق الوقود والتنمية التي أحدثتها في بلدانها عبر 500 عام منذ الثورة الصناعية وحتى الآن، وبالتالي فالدول النامية هي الضحية ولا ذنب لها فيما حدث من التغيرات المناخية، وليس من المقبول أن تتقاعس الدول الكبرى في إنقاذ البشرية من تغير المناخ بعد كل ما جنته.
وأشار إلى أن العام الأخير وما حدث خلاله من أعاصير وحرائق غابات طالت مناطق كثيرة من العالم منها: كاليفورنيا، إيطاليا، إسبانيا، تركيا، اليونان، وحتى الجزائر والمغرب، بالإضافة إلى التداعيات التي حدثت في الصين واليابان، مثّل إنذارًا شديد اللهجة لإنقاذ العالم، وسيكون من الصعب تدارك الأمر في حالة تجاهل تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 1.5 درجة مئوية قبل عام 2035.
واختتم مستشار برنامج المناخ العالمي حديثه مُتمنيًا التزام الدول الصناعية الكبرى بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فيما لا يسمح بزيادة درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية قبل عام 2050.
شهادات الكربون وحفض الانبعاثات
من جانبه أوضح الدكتور صابر عثمان، الخبير الدولي ومدير إدارة تغير المناخ السابق بوزارة البيئة، أن مؤتمر تغير المناخ يناقش عددًا من الموضوعات بعضها مستمر منذ زمن والبعض الآخر معلق ومنها أسواق الكربون على سبيل المثال، وهذه يقوم عليها تجارة الكربون بين الجهات المختلفة سواء دول أو شركات أو أفراد بين الدول وبعضها أيضًا، التي نصت عليها المادة 6 في اتفاق باريس.
وأكد عثمان في تصريح خاص لـ القاهرة 24 أن المادة 6 في اتفاق باريس الموقع عام 2015 لم يتم إقرار اللائحة التنفيذية الخاصة بها حتى الآن، والتي تُلزم الدول على تخفيض الانبعاثات بمقابل مادي من خلال شهادات الكربون، والتي بدأت في بروتوكول كيوتو.
وأضاف أن بروتوكول كيوتو وضع 3 آليات هي آلية التنمية النظيفة وبموجبها يمكن للأطراف من دولة متقدمة مع طرف آخر من دولة نامية التعاون لخفض الانبعاثات، فمثلًا يمكن للطرف الأول الاتفاق مع الطرف الثاني، وإنشاء محطة لتوليد الكهرباء لكن بالطاقة النظيفة، وتوليد نفس القدر من الطاقة لكن باستخدام آلية أفضل وأكثر استدامة، وبالتالي تكون قد استطاعت تخفيض مثلًا 100 طن انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون يمكن للطرف الأول من الدولة المتقدمة الحصول عليها في صورة شهادات كربون، وآلية التنفيذ المشترك والأخير آلية تجارة الانبعاثات.
الخبير الدولي لتغير المناخ أشار إلى إلزام بروتوكول كيوتو الدول المتقدمة بتخفيض الانبعاثات بنسبة 5.2 مقارنة بعام 1990، فإذا كانت إحدى الدول تنتج 100 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون فعليها خفضها في الفترة من 2008 حتى 2012 إلى 95 طن، ويمكن لكل دولة تقسيم هذا الخفض فتكون من 2% من المشروعات القومية و3% للقطاع الخاص ويمكن للأخير خفضه من خلال شراء شهادات الكربون أو بإقامة مشروعات في إحدى الدول الأطراف باستخدام طاقة نظيفة لخفض حصته من الانبعاثات الكربونية.
ولفت مدير إدارة التغيرات المناخية بوزارة البيئة سابقًا إلى أن المرحلة الأولى من بروتوكول كيوتو كانت حتى عام 2012، وفي الفترة الثانية من بعد 2012 حتى عام 2020 انسحبت منه أغلب الدول الأطراف لأسباب كثيرة منها الولايات المتحدة التي انسحبت في فترة الالتزام الأولى، وبناء عليه قررت الأمم المتحدة تعديل اتفاق باريس فيما يخص خفض الانبعاثات، وإذا تم حل الأزمة الناشئة عن الفساد في سوق الانبعاثات الكربونية، يشجع هذا دولًا كثيرة لخفض انبعاثاتها التي تسبب تغير المناخ.