بعد تحذيرات قمة المناخ.. هل تختفي الإسكندرية بسبب ارتفاع منسوب المياه؟
أثار حديث بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، في افتتاح قمة جلاسجو للمناخ cop 26 أمس، فيما يخص غرق بعض الدول والمدن الساحلية من ضمنها مدينة الإسكندرية، حالة من الخوف حول مستقبل المدينة التاريخية.
وتشير التقارير الدولية وتصريحات الخبراء، إلى الأثر الذي أحدثته التغيرات المناخية على المدن الساحلية، حيث يرتفع منسوب سطح مياه البحار وتهبط الأراضي بمعدلات قد تصل إلى 81 سم بحلول عام 2100 بمنطقة دلتا مصر التي تعد أكثر الأراضي خصوبة وأفضل في الإنتاجية الزراعية.
غرق ثلث الدلتا
قال الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، إن مصر من أكثر الدول تأثُّرًا بالتغيرات المناخية؛ لافتًا إلى أن ثلث الدلتا معرضة للغرق بسبب ذوبان الجليد والتغيرات المناخية العالمية.
وأضاف وزير الري في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن التغيرات المناخية تعمل على جعل الأمطار تأتي في غير موعدها ومكانها بكميات مختلفة، بالإضافة إلى أنها تساهم في وجود جفاف قويًا يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية فضلًا عن أنها تساعد على زيادة الأمراض.
كما أوضح عبد العاطي أن هدف استراتيجية (4 ت) يتمثل في تحقيق الأمن المائي من خلال وجود خطط لرصد المشكلات والحلول بتكاليفها لاستغلال المياه.
هبوط الدلتا 2 ملي
من جانبه، قال الدكتور صابر عثمان، خبير تغير المناخ ومدير إدارة التغيرات المناخية السابق بوزارة البيئة، إن هناك دراسات منذ عام 1997 تحذر من احتمالية غرق ثلث الدلتا في حالة ارتفاع سطح البحر مترا واحدا.
وأوضح عثمان في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أنه وفقًا للدراسات التي أجرتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، أكدت أن سطح البحر ارتفع نحو 20 سم حتى الآن، مشيرًا إلى أن دلتا مصر تهبط نحو 2 مللي في العام؛ ما يضاعف الأثر عليها.
ويعد الشريط الساحلي من مدينة الإسكندرية مرورًا بمدينة المنصورة الجديدة ودمياط ورأس البر وصولًا إلى بورسعيد هو الأكثر تعرضًا لخطر الغرق، حسب ما أكده عثمان، الذي أرجع ذلك إلى ذوبان الجليد والتغيرات المناخية العالمية التي يصعب التحكم فيها.
مدير التغيرات المناخية السابق بوزارة البيئة، أكد أيضًا أن مناطق عديدة على السواحل الشمالية يظهر بها نحرا لشواطئها، وأن علاج هذه الظاهرة؛ يكون بوضع الحكومة قوالب خرسانية على هذه الشواطئ لتخفيف أثرها مثلما يحدث في مدينة الإسكندرية، موضحًا أن هناك مشكلة أخرى تظهر وهي ملوحة التربة في بعض المدن الساحلية نتيجة لارتفاع الأمواج وتغلغلها بها.
وبحسب الدكتور صابر عثمان، فإن أراضي الدلتا المصرية تعد ذات خصوبة عالية، ومع ارتفاع الأمواج وتغلغلها في التربة تتعرض لمشكلة ملوحة الأرض وبالتالي تقل جودتها وإنتاجيتها.
حقيقة اختفاء الإسكندرية
أما الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أوضح أن التغيرات المناخية تؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر وغرق المناطق الساحلية.
وأضاف شراقي في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن هناك ارتفاعا طفيفًا في درجة الحرارة بسبب وجود ارتفاعا طبيعيا لظروف الكرة الأرضية، مشيرًا إلى أن نشاط الإنسان يساهم في ارتفاع درجات الحرارة.
وأوضح شراقي حقيقة اختفاء محافظة الإسكندرية، قائلًا: من الممكن أن تختفي بسبب التغيرات المناخية ولكن بعد ملايين سنوات بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر الذي حدث في الفترات الزمنية السابقة وتسبب في إغراق بعض المناطق.
وتابع أستاذ الجيولوجيا: في العصور الجيولوجية القديمة كان البحر مغرقًا مصر إلى أسوان؛ مؤكدًا أن ارتفاع سطح البحر وانخفاضه يستغرق ملايين السنوات؛ كاشفًا أن جبل المقطم ومنطقة الهرم كانت تعتبر جزءًا من قاع البحر.
ارتفاع منسوب المياه
من جانبها قالت الدكتورة إلهام محمود، أستاذة البيئة وعلوم البحار بجامعة السويس، إن الخوف من التغيرات هو ذوبان الجليد الناتج عن ارتفاع حرارة الأرض التي أثبتت التقارير الدولية أنها ارتفعت نحو 1.5 درجة، وبالتالي ارتفاع منسوب المياه.
وأضافت إلهام في تصريح خاص لـ القاهرة 24، أنه من المحتمل ارتفاع حرارة الغلاف الجوي 2 درجة مئوية بحلول عام 2050، ما يؤدي إلى زيادة ذوبان طبقة الجليد في القطبين، ويعرض بعض الدول والمدن حول العالم للغرق وخاصة الواقعة على الحدود الساحلية، ولا سيما المدن التي تعاني من هبوط سطح الأرض مثل الدلتا المصرية.
وبالقياس على هبوط الأراضي الدلتاوية وارتفاع منسوبة المياه بمعدلات فوق الطبيعية يتضاعف الأثر حسب أستاذة البيئة وعلوم البحار، وأشارت إلى ما جاء في التقرير الخامس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ IPCC في 2015، حيث أوضح أن هناك 4 سيناريوهات مختلفة لارتفاع سطح البحر.
وأوضحت أستاذة علوم البيئة، أن أقل تلك السيناريوهات الذي أشار إلى ارتفاع مستوى سطح البحر 18 سم، وأكثرهم تشاؤمًا ما أكد ارتفاع المعدل إلى 59 سم، وفي منطقة مثل دلتا مصر التي تهبط بنسبة 22 سم وبالجمع بين المعدلين يكون من المحتمل أن تصل النسبة إلى 81 سم بحلول عام 2100.