الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

كيف احتفى أمير الشعراء أحمد شوقي باكتشاف مقبرة توت عنخ آمون؟

مقبرة توت عنخ آمون
ثقافة
مقبرة توت عنخ آمون
الخميس 04/نوفمبر/2021 - 01:24 م

نمر اليوم بذكرى اكتشاف القرن، أهم اكتشاف أثري في التاريخ، وهو مقبرة توت عنخ آمون، والتي تم ‏الكشف عنها في 4 نوفمبر من العام 1922، على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، والذي كان يعمل ‏بالقرب وقتها في وادي الملوك، قبل أن يوقعه القدر أمام الاكتشاف الأعظم، «مقبرة الفرعون الصغير»، التي ‏عُثر عليها بكامل مكوناتها.‏

وأحدث هذا الاكتشاف الهام ردود فعل كبيرة على المستوى المحلي والعالمي، وقوبل بالاحتفاء الكبير من ‏كافة طبقات الشعب المصري، ومن الذين احتفوا بهذا الاكتشاف التاريخي الهام، أمير الشعراء أحمد ‏شوقي، والذي نظم قصيدة بديعة تتحدث عن ذلك الاكتشاف، وعن حضارة مصر العريقة، وتقول:

 

دَرَجَت عَلى الكَنزِ القُرون.. وَأَتَت عَلى الدَنِّ السُنون

خَيرُ السُيوفِ مَضى الزَما.. نُ عَلَيهِ في خَيرِ الجُفون

في مَنزِلٍ كَمُحَجَّبِ ال.. غَيبِ اِستَسَرَّ عَنِ الظُنون

حَتّى أَتى العِلمُ الجَسو.. رُ فَفَضَّ خاتَمَهُ المَصون

وَالعِلمُ بَدرِيٌّ أُحِل.. لَ لِأَهلِهِ ما يَصنَعون

هَتَكَ الحِجالَ عَلى الحَضارَةِ.. وَالخُدورَ عَلى الفُنون

وَاِندَسَّ كَالمِصباحِ في.. حُفَرٍ مِنَ الأَجداثِ جون

حُجَرٌ مُمَرَّدَةُ المَعا.. قِلِ في الثَرى شُمُّ الحُصون

لا تَهتَدي الريحُ الهَبو.. بُ لَها وَلا الغَيثُ الهَتون

خانَت أَمانَةَ جارِها.. وَالقَبرُ كَالدُنيا يَخون

يا اِبنَ الثَواقِبِ مِن رَعٍ.. وَاِبنَ الزَواهِرِ مِن أَمون

نَسَبٌ عَريقٌ في الضُحى.. بَذَّ القَبائِلَ وَالبُطون

أَرَأَيتَ كَيفَ يَثوبُ مِن.. غَمرِ القَضاءِ المُغرَقون

وَتَدولُ آثارُ القُرو.. نِ عَلى رَحى الزَمَنِ الطَحون

حُبُّ الخُلودِ بَنى لَكُم.. خُلُقًا بِهِ تَتَفَرَّدون

لَم يَأخُذِ المُتَقَدِّمونَ بِهِ… وَلا المُتَأَخِّرون

حَتّى تَسابَقتُم إِلى الإِحسانِ…. فيما تَعمَلون

لَم تَترُكوهُ في الجَليلِ…. وَلا الحَقيرِ مِنَ الشُؤون

هَذا القِيامُ فَقُل لنا اليَومُ…. الأَخيرُ مَتى يَكون

البَعثُ غايَةُ زائِلٍ.. فانٍ وَأَنتُم خالِدون

السَبقُ مِن عاداتِكُم.. أَتُرى القِيامَةَ تَسبِقون

أَنتُم أَساطينُ الحَضارَةِ… وَالبُناةُ المُحسِنون

المُتقِنونَ وَإِنَّما.. يُجزى الخُلودَ المُتقِنون

أَنَزَلتَ حُفرَةَ هالِكٍ.. أَم حُجرَةَ المَلِكِ المَكين

أَم في مَكانٍ بَينَ ذَلِكَ…. يُدهِشُ المُتَأَمِّلين

هُوَ مِن قُبورِ المُتلَفينَ….. وَمِن قُصورِ المُترَفين

لَم يَبقَ غالٍ في الحَضارَةِ…. لَم يَحُزهُ وَلا ثَمين

مَيتٌ تُحيطُ بِهِ الحَياةُ…. زَمانُهُ مَعَهُ دَفين

وَذَخائِرٌ مِن أَعصُرٍ وَلَت…. وَمِن دُنيا وَدين

حَمَلَت عَلى العَجَبِ الزَمانَ… وَأَهلَهُ المُستَكبِرين

فَتَلَفَّتَت باريسُ تَحسَبُ.. أَنَّها صُنعُ البَنين

ذَهَبٌ بِبَطنِ الأَرضِ لَم.. تَذهَب بِلَمحَتِهِ القُرون

اِستَحدَثَت لَكَ جَندَلًا.. وَصَفائِحًا مِنهُ القُيون

وَنَواوِسًا وَهّاجَةً.. لَم يَتَّخِذها الهامِدون

لَو يَفطُنُ المَوتى لَها.. سَرَحوا الأَنامِلَ يَنبِشون

وَتَنازَعوا الذَهَبَ الَّذي.. كانوا لَهُ يَتَفاتَنون

أَكفانُ وَشيٍ فُصِّلَت.. بِرَقائِقِ الذَهَبِ الفَتين

قَد لَفَّها لَفَّ الضِمادِ…. مُحَنِّطٌ آسٍ رَزين

وَكَأَنَّهُنَّ كَمائِمٌ.. وَكَأَنَّكَ الوَردُ الجَنين

وَبِكُلِّ رُكنٍ صورَةٌ.. وَبِكُلِّ زاوِيَةٍ رَقين

وَتَرى الدُمى فَتَخالُها اِن.. تَثَرَت عَلى جَنَباتِ زون

صُوَرٌ تُريكَ تَحَرُّكًا.. وَالأَصلُ في الصُوَرِ السُكون

وَيَمُرُّ رائِعُ صَمتِها.. بِالحِسِّ كَالنُطقِ المُبين

صَحِبَ الزَمانَ دِهانُها.. حينًا عَهيدًا بَعدَ حين

غَضٌّ عَلى طولِ البِلى.. حَيٌّ عَلى طولِ المَنون

خَدَعَ العُيونَ وَلَم يَزَل.. حَتّى تَحَدّى اللامِسين

غِلمانُ قَصرِك في الرِكابِ… يُناوِلونَ وَيَطرَدون

وَالبوقُ يَهتِفُ وَالسِهامُ… تَرِنُّ وَالقَوسُ الحَنون

وَكِلابُ صَيدِكَ لُهَّثٌ.. وَالخَيلُ جُنَّ لَها جُنون

وَالوَحشُ تَنفُرُ في السُهولِ… وَتارَةً تَثِبُ الحُزون

وَالطَيرُ تَرسُفُ في الجِراحِ…. وَفي مَناقِرِها أَنين

وَكَأَنَّ آباءَ البَرِييَةِ…. في المَدائِنِ مُحضَرون

وَكَأَنَّ دَولَةَ آلِ شَمسٍ…. عَن شِمالِكَ وَاليَمين

مَلِكَ المُلوكِ تَحِيَّةً.. وَوَلاءَ مُحتَفِظٍ أَمين

هَذا المُقامُ عَرَفتُهُ.. وَسَبَقتُ فيهِ القائِلين

وَوَقَفتُ في آثارِكُم.. أَزِنُ الجَلالَ وَأَستَبين

وَبَنَيتُ في العِشرينَ مِن.. أَحجارِها شِعري الرَصين

سالَت عُيونُ قَصائِدي.. وَجَرى مِنَ الحَجَرِ المَعين

أَقعَدتُ جيلًا لِلهَوى.. وَأَقَمتُ جيلًا آخَرين

كُنتُم خَيالَ المَجدِ يُرفَعُ… لِلشَبابِ الطامِحين

وَكَم اِستَعَرتَ جَلالَكُم.. لِمُحَمَّدٍ وَالمالِكين

تاجٌ تَنَقَّلَ في الخَيالِ…. فَما اِستَقَرَّ عَلى جَبين

خَرَزاتُهُ السَيفُ الصَقيلُ…. يَشُدُّهُ الرُمحُ السَنين

قُل لي أَحينَ بَدا الثَرى.. لَكَ هَل جَزِعتَ عَلى العَرين

آنَستَ مُلكًا لَيسَ بِالشاكي…. السِلاحِ وَلا الحَصين

البَرُّ مَغلوبُ القَنا.. وَالبَحرُ مَسلوبُ السَفين

لَمّا نَظَرتَ إِلى الدِيارِ… صَدَفتَ بِالقَلبِ الحَزين

لَم تَلقَ حَولَكَ غَيرَ كَر.. تَرَ وَالنِطاسِيِّ المُعين

أَقبَلتَ مِن حُجُبِ الجَلالِ… عَلى قَبيلٍ مُعرِضين

تاجُ الحَضارَةِ حينَ أَشرَقَ…. لَم يَجِدهُم حافِلين

وَاللَهُ يَعلَمُ لَم يَرَوهُ… مِن قُرونٍ أَربَعين

قَسَمًا بِمَن يُحيي العِظامَ…. وَلا أَزيدُكَ مِن يَمين

لَو كانَ مِن سَفَرٍ إِيا.. بُكَ أَمسِ أَو فَتحٍ مُبين

أَو كانَ بَعثُكَ مِن دَبي.. بِ الروحِ أَو نَبضِ الوَتين

وَطَلَعتَ مِن وادي المُلوكِ… عَلَيكَ غارُ الفاتِحين

الخَيلُ حَولَكَ في الجِلالِ… العَسجَدِيَّةِ يَنثَنين

وَعَلى نِجادِكَ هالَتانِ…. مِنَ القَنا وَالدارِعين

وَالجُندُ يَدفَعُ في رِكابِكَ…. بِالمُلوكِ مُصَفَّدين

لَرَأَيتَ جيلًا غَيرَ جي.. لِكَ بِالجَبابِرِ لا يَدين

وَرَأَيتَ مَحكومينَ قَد.. نَصَبوا وَرَدّوا الحاكِمين

روحُ الزَمانِ وَنَظمُهُ.. وَسَبيلُهُ في الآخَرين

إِنَّ الزَمانَ وَأَهلَهُ.. فَرَغا مِنَ الفَردِ اللَعين

فَإِذا رَأَيتَ مَشايِخًا.. أَو فِتيَةً لَكَ ساجِدين

لاقِ الزَمانَ تَجِدهُمو.. عَن رَكبِهِ مُتَخَلِّفين

هُم في الأَواخِرِ مَولِدًا.. وَعُقولُهُم في الأَوَّلين

تابع مواقعنا