أكرمني طوال حياتي وما قدمته له قليل.. قصة شاب تبرع بكبده لإنقاذ حياة والده
يُعدُّ عيد الحب يومًا لاستعادة المشاعر النبيلة بيننا مثل التسامح والتواصل وإبراز الترابط بين أفراد الأسرة الواحدة وليس الحبيبين فقط، إذ يدعونا هذا اليوم إلى أن تكون العلاقة بين الناس قائمة على المودة والرحمة، ويمكن أيضًا التضحية الحقيقية من أجل الآخرين.. وهذا ما حدث مع الابن رشدي السيد الذي لم يتردد لحظة في التبرع بـ65% من كبده لوالده الذي أُصيب بمرض سرطان الكبد.
الأب مصاب بسرطان الكبد
يروي رشدي السيد، 26 عامًا، لـ القاهرة 24، أن والده في البداية شعر بتعب بسيط إلى أن بدأت حالته تتفاقم، وبعد الذهاب إلى أكثر من طبيب، فشلوا في البداية في تشخيص حالته، تبين أنه يعاني من مرض سرطان الكبد.
وأخبره الأطباء بأنه يحتاج إلى حقن البؤر السرطانية الموجودة في الكبد بالعلاج الكيميائي قبل أن تتكاثر به وتسوء حالته، وظل يردد الأب هذا الحل لأسرته وأنه سيبدأ في رحلة الكيماوي الشاقة.
وبدأ رشدي يلاحظ على والده أنه يخرج من البيت ويتأخر لساعات طويلة، ولم يخبر أحدًا إلى أين هو يذهب، ليتفاجأ من بعد ذلك بأنه يتجول بين المحافظات؛ باحثًا عن متبرع بالكبد، وفقًا للحقيقة التي بيّنها الأطباء له فيما بعد، وهي أنه يحتاج إلى زراعة كبد من جديد؛ بسبب فقدان السيطرة على تكاثر البؤر السرطانية.
ابن يتبرع لوالده بالكبد
يُضيف الابن رشدي، خلال حديثه لـ القاهرة 24، أنه بدأ في عمل الفحوص اللازمة والتحاليل التي توضح إذا كان يمكنه التبرع لوالده أم لا، وبعد الانتهاء منها تبيّن أنه مطابق للمواصفات الصحية التي يحتاجها والده في المتبرع الذي يبحث عنه، لذلك لم يتردد لحظة وأخبر والده: أنا الشخص اللي هيتبرعلك بالكبد.
ويُشير الابن البار بأبيه إلى رفض والده التام أن يأخذ منه جزءًا من جسده، وكانت حجته أنه لا يزال شابًا صغيرًا تنتظره حياة طويلة سعيدة، كما أن نسبة نجاح العملية ضئيلة وغير مضمونة، حسبما أخبره الأطباء.
وأصر الأبن على أن ينقذ والده ويُضحي بعمره في سبيل الحفاظ على حياة والده، فبعد أوقات طويلة من الإقناع والاستعانة بكبار المقربين لهما، وافق الأب على أن يأخذ ابنه ويعملان على إجراء فحوص خاصة بعملية الزرع ذاتها.
ولم يتوقف الأب عن المحاولة في إبعاد ولده عن إجراء تلك الجراحة، حيث اتفق مع الأطباء على أن يخبروه بأن صفاته الصحية لم تتطابق مع والده، ولكن سرعان ما علم الابن أن هذه خدعة أخيرة من الأب، ورغم ذلك أصر الابن على أن يستمر في طريقه.
وفي يوم العملية دخل الاثنان واحدًا تلو الآخر، وبدأ الأطباء في الإجراء الطبي، فبدأوا أولًا بأخذ الكبد من الابن رشدي، وبعد ذلك بنحو 15 دقيقة دخل الأب إلى غرفة العمليات وظل تحت أيدي الأطباء لمدة 13 ساعة.
وعندما فاق الابن سأل أولًا عن حالة والده، وأخبره الأطباء بأنهم أخذوا نحو 65% من كبده لإنقاذ حياته التي ما زالت في خطر كبير، حيث تعرض الأب لنزيف شديد جعل حالته غير مستقرة وظل في الرعاية المركزة لمدة 30 يومًا؛ الأمر الذي جعل الأطباء ينصحون الابن بأن يرضى بقضاء الله ويستقبل خبر وفاة والده بصدر رحب.
إنقاذ حياة الأب في اللحظات الأخيرة
ولأن من رحم الظلام ينبثق النور، تدخلت يد الله لإنقاذ حياة الأب، فقال رشدي إن النزيف توقف من تلقاء نفسه، وبدأت حالة والده الصحية تستقر شيئًا فشيئًا، لافتًا: مجرد ما فاق من اللي كان فيه خدني بالحضن وقالي ربنا يخليك ليا وأوعى تزعل مني لو في يوم تعاملت معاك بعنف.
ويشير رشدي إلى أن المشكلات بينه وبين والده كانت كثيرة ودائمًا ما كان مختلفين في الآراء التي كان ينتج عنها افتعال الأزمات، ورغم ذلك لم يتردد لحظة لمنح جزء منه لوالده على الرغم من إدراكه أن حياته معرضة للخطر والوفاة في أي لحظة.
ويقول الابن: إذا كنت طاوعت أبي ورفضت التبرع له كنت سأعيش بقية عمري في لحظات الندم والوجع على فراقه، وما قمت به هو أقل شيء يمكن أن أقدمه لأبي الذي أكرمني طوال حياته.