اكتشاف مدينة أسفل كلية العلوم بالإسكندرية.. ومدير آثار المحافظة يكشف التفاصيل
أعمال ترميم طبيعية بدأت في الأرض التابعة لكلية العلوم بطريق شارع أبو قير بوسط الإسكندرية، أسفرت عن اكتشاف خبايا أثرية لواحدة من أظن أحياء الإسكندرية القديمة، وذلك أسفل المباني التي تُقام لكلية العلوم والتي ظلت على مدار عشرات السنوات مكان علمي عريق على أرض الإسكندرية.
منذ أيام، أُعلن عن اكتشافات أثرية جديدة من حفائر إنقاذ كلية العلوم بطريق الحرية، والتي تتم برئاسة منطقة آثار وسط الإسكندرية برئاسة الدكتور إبراهيم مصطفي إبراهيم، مدير آثار حي وسط الإسكندرية.
وفي تصريح خاص مع «القاهرة 24» سرد الدكتور إبراهيم عدة نقاط مهمة حول هذا الكشف الأثري، موضحا في البداية أن الإسكندرية الحديثة هي مدينة بُنيت بالكامل على أطلال مدينة أقدم منها، والتي بنيت أيضا علي أطلال أقدم، وهكذا مرورا بفترات زمنية وعصور تاريخية متلاحقة وصولا إلي العصر البطلمي.
وعن نوعية الاكتشافات التي تم العثور عليها، أفاد مدير آثار حي وسط، أنها عبارة عن كميات كبيرة من الأثقال التي كانت تثبت في شباك الصيد لغمرها في المياه، بالإضافة إلي خطاطيف صغيرة كانت تستخدم في صيد الأسماك، وكذلك أجزاء من تماثيل للمعبودتين "ديميترا" و"اثينا" تشير جميعها إلى وجود أنشطة صناعية مرتبطة بالصيد وتمركز للصيادين في المنطقة، ومن المعروف أن الصيد هو أولي الحرف التي امتهنها الإنسان القديم منذ العصور الحجرية.
وأضاف الدكتور «إبراهيم»، أن المدينة القديمة شهدت مراحل من التطوير والتوسعة وإعادة التخطيط علي فترات متلاحق، بسبب حدوث كوارث طبيعية أو لأسباب تاريخية وعقائدية، أدت إلي تدمير أجزاء كبيرة من المدينة احتاجت إلى إعادة الإعمار لاحقا، ولهذه الأسباب فالمدينة القديمة بجميع مراحلها تقبع تحت المنشآت الحديثة.
وأكد مدير آثار حي وسط، أن الأسباب السابقة تجعل من النادر الحصول على كم كبير من المعلومات أو الشواهد الأثرية المرتبطة بعضها ببعض، والتي يمكن من خلالها وضع تصور لأي من هذه المناطق في أي فترة من الفترات، وإنما كان الاعتماد علي انتظار إزالة مباني مجاورة لاحقا للإحلال والتجديد واستكمال الأجزاء الصغيرة في ظل خريطة الإسكندرية القديمة.
وأشار الدكتور إبراهيم، إلى أنه من النادر العثور علي حفائر من نفس الفترات الزمنية في المواقع المجاورة، فضلا عن أن التدخلات الحديثة لأساسات المباني المعاصرة كانت تؤثر بشدة على الشواهد الأثرية التي يعثر عليها.
أما فيما يخص حفائر إنقاذ كلية العلوم، فأوضح مدير آثار حي وسط، أن المساحة الكبيرة التي تتخطي 3000 متر مربع للقطعة الأولي من الموقع، والتي أسفرت عن هذه الاكتشافات، سمحت بعمل حقائب بحجم كبير أدت إلي ظهور مجموعة من الشواهد المترابطة والتي يمكن من خلالها وضع تصور كامل عن المنطقة في أواخر العصر البطلمي وبداية العصر الروماني.
وأشار إلى أن أغلب موقع كلية العلوم كان مستغل حديثا كحدائق للكلية، مما قلل التداخلات الحديثة، بالإضافة إلى انحصار أساسات المبني السابق لكلية العلوم في أجزاء صغيرة من الموقع، مما مكن فريق العمل من متابعة تطور وتتابع الطبقات بالموقع.
واستكمل مدير آثار وسط، أن التدخلات الحديثة في أغلب مساحة الموقع كانت تدخلات سلبية عبارة عن إزالة طبقات من المستويات العليا في الموقع أثناء تأسيس جامعة فؤاد الأول، مما أدى فقدان معلومات عن الموقع في الفترات اللاحقة من العصر الروماني، وكذا العصرين البيزنطي والعصور الوسطي.
وأكد أنه من خلال ما سبق، تمكن من وضع تخطيط واضح لأحد الضواحي المجاورة لمدينة الإسكندرية والتي تقع مباشرة علي الطريق المؤدي للمدينة، والذي يعتبر أحد أقدم الشوارع التي مازالت قيد الاستخدام في العالم "طريق الحرية"، امتداد الشارع الكانوبي.
وعن هذا الطريق فيعتبر أنه كان المؤدي من البوابة الشرقية للمدينة "بوابة الشمس أو بوابة كانوب ولاحقا باب رشيد في العصر الإسلامي"، إلى مدينة كانوب القديمة التي غرقت في البحر المتوسط، والتي تقع حاليا في مياه البحر أمام منطقة أبو قير، وكانت مدينة مصرية منذ العصور الفرعونية تقع عند النهاية الشمالية لفرع النيل الكانوبي المندثر.
وأشار مدير آثار حي وسط، إلى أنه لحسن الحظ فإن مساحة أرض كلية العلوم تتخطي 17 الف متر مربع، ومن المنتظر استكمال أعمال الحفائر في قطعة أخري إلي الشرق من القطعة الأولي بمساحة 2770 متر، والتي من المتوقع أن تسفر عن مزيد من الاكتشافات وستمكنا أكثر من فهم علاقة هذا الجزء من المدينة بالمدينة القديمة ونوعية الأنشطة المقامة فيه، والتي كان يعتقد سابقا أنها قاصرة علي الاستخدام الجنائزي في العصر البطلمي، ثم تحولت إلي جزء من المدينة مع أعمال التوسع التي شهدها القرن الرابع الميلادي للمدينة شرقا، حتي منطقة مصطفي كامل تقريبا.