الفنانة التشكيلية منى عنايت: قررت أكون جسر مصر في ألمانيا.. والمواطنين اتحمسوا لتعلم العربية | حوار
تربيت على حب مصر.. وقدمت 50 معرضًا في ألمانيا وفضلت التدريس للمرحلة الابتدائية
هدفي تمثيل مصر بأفضل صورة.. وأقرب الجوائز لقلبي أيزولد هام من ألمانيا
منى عنايت، فنانة تشكيلية مصرية سافرت إلى ألمانيا من أكثر من 30 عامًا، تربت على الفن والوطنية، وكان الفن بالنسبة لها واجبًا تحرص على تقديمه للغير طوال الوقت، فقررت أن تنقله للألمان بالعديد من الطرق المختلفة، إلى أن أصبحت امرأة يحتفي بها المجتمع الألماني بأكمله.
تقول منى عنايت، إن حلم حياتها هو توصيل حب مصر والقضاء على العنصرية وإفشاء السلام بين الناس، فكانت الإنسانية هي هدفها الأول والأخير، والذي سعت إلى توصيله بين الشعب الألماني من خلال الفن والغناء والتدريس، وكانت الجنسية المصرية بالنسبة لها مسئولية قبل أي شيء فقررت الترويج لمصر من خلال كل أعمالها.. وإلى نص الحوار
حدثيني عن بداية مشوارك من مصر إلى ألمانيا؟
تخرجت في كلية الفنون الجميلة عام 1987، قسم تصوير، وكنت من أوائل الدفعة، وكان هدفي أن أحصل على منصب معيدة لأخدم الأجيال المصرية الجديدة، ولكن كان للقدر رأي آخر، وبعدها قدمت على منح وحصلت على واحدة في الأكاديمية العليا للحفر وفن الكتاب بألمانيا الشرقية، وكأول مصرية تدخل الأكاديمية العليا للحفر وفن الكتاب على الإطلاق في عام 1988، وتتلمذت على أكبر متخصص في هذا القسم، ومن ثم تخصصت في إخراج كتب للأطفال وتعليمهم اللغة العربية وتوصيل ثقافة مصر وعاداتها وحضارتها للألمان.
وأصبحت نشاطاتي حاليًّا بين الغنى والتلحين والترجمة، والتدريس للأطفال في المرحلة العمرية الابتدائية، بالإضافة إلى النشاط الثقافي، والمعارض التي أقدمها للترويج لحضارة مصر وعاداتها.
كيف استغللتِ مجالك الفن التشكيلي في الترويج لمصر وحضارتها؟
أول ما وصلت إلى ألمانيا كان هدفي واضحا وصريحا، وهو أن أكون جسرا لمصر وحضارتها، وكانت مسئولية كبيرة بالنسبة لي وقتها، حيث كان سني 22 عامًا، مما جعل مجهودي مضاعفا عن غيري بنسبة كبيرة.
بدأت مشواري وحرصت على تحسين موهبتي في الفن التشكيلي والحضارة المصرية، ولذلك اخترت أن أقوم نظريًا بعمل الرموز الشعبية المصرية المستخدمة في التقاليد الدينية والسحرية، وعلميًا حرصت على دخول مواد عن مصر تتضمن المولد النبوي الشريف، الزار، السبوع، حد الزعف، فكانت أعمالي هدفها هو التوصيل للغرب بأن الانسان يستخدم الفن في حياته اليومية والتعبير عن جميع مشاعره، ولا فرق بين رموز أوروبا ومصر، كما ترجمت بعضًا من الكتاب مثل إيزيس وأوزوريس، وحصلت على منحة دكتوراه من هيئة التبادل العلمي.
كيف دخلتِ إلى مجال الغناء والوصول إلى الأوبرا الألمانية؟
أمارس موهبة الغناء منذ طفولتي، بالإضافة إلى التلحين والتأليف للموسيقى العربية، ووالدي كان سببًا في سماع محمد عبد الوهاب لصوتي، وبعد ذهابي إلى ألمانيا، رافقني العود الخاص بي، وبدأت الغناء في كل أنحاد وشوارع ألمانيا المختلفة، وفي أكبر أماكن ترمز إلى الموسيقى الكلاسيكية بالعربي، بالإضافة إلى الأوبرا الألمانية، وتطورت مواهبي أيضًا وقدمت 50 معرضًا لعرض العادات والثقافة المصرية، إلى أن احتفى المجتمع الألماني بكل ما أقدمه، ومن ثم حصلت على منصب رئيسة مجلس إدارة المجلس الثقافي للمرأة في لايبزج، لأكثر من 20 سنة، وعملت في وزارة الثقافة.
ما أبرز الأنشطة التي حرصتِ على الاهتمام بها بجانب كل الأعمال التي قدمتِها؟
من أبرز النشاطات التي حرصت على التركيز فيها كان مشروع عالمنا الملون، والذي يهدف إلى احترام التنوع والتوعية ضد العنصرية وإفشاء السلام، وحصل المشروع على موافقة من الحكومة الألمانية، فكل ما أسعى له هو توصيل صورة مصر بأفضل شكل مصر، كما أن المشروع كان دعوة لترجمة كتب مصرية للغة الألمانية، والغناء باللغة المصرية العامية.
كيف كان دورك في تعليم اللغة العربية بألمانيا؟
في عام 2008 تم اختياري سفيرة مصر الثقافية، وقدمت مجموعة لتعليم العربية منذ 20 عامًا، بالإضافة إلى كتاب لتعليم اللغة العامية المصرية، بداية من الأطفال البالغين 6 سنوات، حتى سن المعاشات وتحمس الألمان إليها للغاية، كما أنني قدمت أغنية أنا مسلم ومسيحي أنا كل الأديان، والاتجاه بدأ ينتشر على فترات متباعدة إلى أن أصبحت أنظم رحلات تبادل طلابية من ألمانيا إلى مصر، قدمت كل ما يمكن تقديمه لتحسين صورة مصر خاصة بعد فترة حكم الإخوان.
كيف كان لوالديكِ سبب في حبك لمصر وحرصك على إبراز اسمها طوال الوقت بالخارج؟
أنا ابنة الصحفي راجي عنايت، وارتباطي به كان قويًّا جدًا إلى أن توفي منذ عام، فهو رفع اسم مصر حينما كان رئيس مسرح العرائس، ورفع اسم مصر في الفن والثقافة، فهو مثل أعلى وقدوة أحتذي بها في كل مراحل حياتي العمرية، كما أن والدتي مديرة متحف الأوبرا القديمة، تربيت على حب مصر وكان هذا الحب بالنسبة لنا واجبًا.
ماذا عن أقرب الجوائز لقلبك ؟
حصلت على العديد من الجوائز، وعدد الجوائز التي حصلت عليها هذا العام أربع، كانت أقربهم إلى قلبي جائزة أيزولد هام، كسيدة مصرية أبدعت في أكثر من مجال فني، من منظمة جيدوك الألمانية، كما تم اختياري ضمن 6 سيدات احترفوا الفن والإبداع داخل دولة ألمانيا، وكانت مفاجأة بالنسبة لي، وقدموا فيلمًا عن حياتي، وفي هذا اليوم فوجئت بأنهم كتبوا أقوالي على الحوائط، وهذا أكبر تكريم مصري على الإطلاق.
كنت المصرية الوحيدة في ألمانيا المسموح لها بالتدريس لكل المراحل العمرية المدرسية والجامعية في ألمانيا، فمشواري كان صعبًا للغاية، وفضّلت أن أقدم التدريس للمرحلة الابتدائية، وتخليت عن كل شيء في سبيلهم، أقدم لهم كل ما عندي وهم يقدمون إنتاجًا فنيًّا ولغويًّا عظيمًا للغاية.
حدثيني عن تجربة الغربة والفارق الذي سببته في حياتك؟
سافرت إلى ألمانيا وسني 22 عامًا، وكانت للغربة أثر إيجابي كبير على حياتي، فالإنسان كلما اقتحم عالمًا جديدًا مع الحفاظ على جذوره وهويته، استطاع أن يعطي أكثر للآخرين من حوله، وجودي في ألمانيا أعطاني فرصة أكبر في التطلع، واختياري للسفر كان بسبب رغبتي بتكوين نفسي بعيدًا عن تاريخ أسرتي الفنية، وللتأكد بأن النجاح منسوب لسعيي فقط.. سافرت ومعي فقط طموحاتي.
كنت شخصية عصامية، فعملت في أكثر من مجال خلال يومي لأستطيع سداد تكاليفي اليومية، ورفضت كل المساعدات المادية من كل من تقدم بها، فكانت الطبيعة والأمل هما رفقائي خلال الرحلة واستطعت عن أستند إليهم وأحقق أحلامي واحدًا تلو الآخر.
وسافرت ألمانيا وكان لدي خطة مستقبلية، واتخذت على عاتقي تحمل مشقات كثيرة لتحقيق هذا الحلم، فكانت القيم الإنسانية هي أغلى ما أملك وأكثر ما أحرص على توصيله للغير.