بعد إحياء يوسف زيدان ذكراه.. من هو القديس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية؟
علق المفكر المصري الكبير، الدكتور يوسف زيدان، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، عن احتفاء شركة جوجل العالمية، بـ يوهانس فيرمير، حيث قابل هذا الاحتفاء بتعجب، لأنه حسب رأيه، كان الأولى أن تحتفي جوجل بذكرى وفاة القديس يوحنا الرحوم، بطريرك الإسكندرية التاريخي.
وكتب زيدان عبر منشوره قائلًا: يوافق اليوم، ذكرى وفاة (نياحة) حنا الرحوم، الذي أراه بلا منازع: التجسيد الحقيقي لديانة المحبة، وأجمل إنسان مسيحي عاش على أرض مصر.. وطبعًا، لن يحتفي اليوم بهذه الذكرى أحدٌ في بلادنا، ولن تشير إلى ذكراه أية محطة تليفزيونية أو وسيلة أخرى إعلامية.. لماذا، لأن الناس في بلادنا إما مغيّبون، أو عاشقون للسفاحين التاريخيين.
ويضيف زيدان: حتى محرك البحث «جوجل» وجدته يحتفل اليوم بذكرى «حنا» آخر، هو الرسام الهولندي المرسوم اسمه: يوهانس فيرمير (صاحب اللوحة الشهيرة المرفق صورتها هنا: مريم أخت أليعازر).. أما المطران (الأسقف العام / البابا) حنا الرحوم، فلا ذكر اليوم لذكراه.. ولا يوجد عنه سطرٌ واحد في المقررات الدراسية التعيسة.. ولا يعرفه معظم المسيحيين والمسلمين.
يوحنا الرحوم.. محب الفقراء المُحبب إليهم
القديس يوحنا الرحيم، أو يوحنا الرحوم، ولد تقريبا في العام 555، في بلدة تدعى أماثوس، بقبرص، وكان أبوه أحد حكام المدينة، والذي زوجه فور بلوغه، عنوة، وأنجب منها عدد من الأبناء، لكنهم ماتوا جميعا في شبابهم ومعهم زوجته.
في عام 609، استطاع نيقيتا، قريب الإمبراطور هرقل، انتزاع الإسكندرية، إثر فوضى عارمة كانت قد اجتاحت المدينة، وفي تلك الأوقات، برز يوحنا، كبطريرك المدينة، في ظروف غير معلومة لنا حتى الآن، لكن ما نعلمه عن تلك الفترة، أنه صعد بشكل سريع إلى سدة المناصب الكنسية، حتى أصبح بطريرك الإسكندرية، وكان اسمه يوحنا الخامس.
كان يوحنا الرحوم، شديد العطف على الفقراء، وقيل إنه كان قبل أن يصير بطريركا، أمر عمال الخزينة، بإجراء مسح للمدينة كلها، لمعرفة أسماء الفقراء والشحاذين، والذين كان يطلق عليهم أسياده، ويرجع سبب إطلاقه عليهم أسياد، أنه يرى أن هؤلاء هم الوحيدون القادرون على تحقيق المساعدة له، وللقائمين على شؤون العامة، جمعوا وقتها أكثر من 7 آلاف اسم، فأمر الرحوم، بتوزيع كل ما كان مدخرا في صندوق البطريركية، وكان يبلغ مجموعه، ثمانية آلاف قطعة ذهبية.
آمن يوحنا الرحوم دائمًا بفكرة وهي أن كنوز الله لا تنضب، وكان منحازًا بشكل دائم إلى الفقراء، ويوزع عليهم الأموال بقدر ما استطاع، ويحكى عنه، أنه لم يرد سائلا أبدا، كما ساهم في تشييد المدارس، والمستشفيات، ودور الأيتام، وعندما هاجم الفرس أورشليم، وعمت الفوضى، وحل الخراب، أرسل الرحوم إليها الأموال والمؤن والعمال، لإعادة بناء ما تم هدمه.
جعل يوحنا الرحوم يوم الأربعاء والجمعة من كل أسبوع، أياما يخرج فيها إلى الناس من أجل أن يتلقى منهم طلباتهم، ويسمع مشاكلهم، بعد أن علم بأن الغالبية منهم لا يستطيعون الوصول إليه، فكان يسعى في تلك الأيام على قضاء حاجة الناس، وإنصافهم.
توفي يوحنا الرحوم في عام 619، عندما هاجم الفرس الإسكندرية، وكثر القتل، وفر السكان، ذهب يوحنا إلى القسطنطينية، من أجل أن يطلب إرسال جيش بشكل سريع، لنجدة المدينة، لكنه توفي في مسقط رأسه، ودفن هناك، في أماثوس بقبرص.