يوحنا فم الذهب.. بطريرك القسطنطينية التاريخي وحكيم الروم الأمثل
يحتفل العالم المسيحي اليوم بيوم القديس يوحنا فم الذهب، الأب العظيم، ومعلم الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية بأنطاكية، الذي شغل منصب بطريرك القسطنطينية، عاش بين عامي 347 و407، وتوفي يوم 14 سبتمبر، الذي يوافق عيد تمجيد الصليب، لذا تم تأجيل الاحتفال بيومه إلى 13 نوفمبر من كل عام.
ولد القديس يوحنا فم الذهب في أنطاكية، واختلف في تاريخ ميلاده، البعض ذهب إلى أنه ولد عام 347، وآخرون ذهبوا إلى أنه ولد في 354، وكان والده الجنرال سيكوندوس، الذي رحل مبكرا، وتركه يتيما.
تمتع فم الذهب بالفطنة والذكاء، مما ساعده على دراسة العديد من العلوم والمعارف، في أنطاكية، وأثينا، وبعد أن أنهى دراسته، جلس في الصحراء لمدة خمس سنوات، في عزلة، منقطعا للصلاة والعبادة، ودراسة الكتاب المقدس، لكنه أصيب بالمرض، فقرر العودة إلى أنطاكية، حيث تم إسناد منصب شماس إليه عام 381، وكان عمره وقتها 34 عامًا.
خلال عمله في خدمة الكنيسة، عمل على تطوير مواهبة الروحية، وكان من أبلغ الوعاظ في الكنيسة، حيث كانت تتوافد الحشود لتستمع إليه بشغف كبير، ووصلت شهرته إلى الملك آركاديوس، الذي أسند إليه منصب بطريرك القسطنطينية، وذلك في عام 397.
استُقبل يوحنا فم الذهب في القسطنطينية بعد تنصيبه استقبالًا عظيمًا، واحتفل به شعب القسطنطينية بشكل لم يسبق أن حدث، وعاش أهل أنطاكية في حزن كبير على وداعة.
عمل فم الذهب على إصلاح الأسقفية، وابتدأ بنفسه، فكان يحيا حياة الفقراء، رغم منصبه الرفيع، وقربه من الملك، إلا أنه لم يكن يرتدي إلى أبسط الملابس، ويستنكر كل مظاهر الترف والفخامة، وكان يوفر معظم النفقات، حتى يوجهها إلى الفقراء، والعجزة، والمرضى.
من أين أتى لقب فم الذهب؟
أطلق على القديس يوحنا، لقب فم الذهب بسبب بلاغته، وتمكنه من سحر المستمعين له، وأكثر ما جعله يأخذ هذا اللقب، خطبه التي كان يلقيها بعد ثورة انطاكية، في الكنيسة الكبرى، وكان ضمن آثار خطبه، أن أخمد نار الإمبراطور ثاوذوسيوس، الذي انتشى ببلاغة القديس يوحنا ونسى غضبه.
للقديس يوحنا فم الذهب الكثير من المخطوطات والكتب التي تم تعريبها، منها شرح سفر التكوين، والذي يحتوي على 67 مقالة يشرح فيها الكتاب المقدس، وشرح إنجيل متى، الذي يحتوي على 45 مقالة، ويتميز بأنه أتبع كل مقالة منهم بعظة، استوحاها من المقالة، وشرح إنجيل القديس يوحنا، يحتوي على 88 مقالة إضافة إلى 88 عظة اتبعها مع المقالة، وشرح رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين، وكتاب الكهنوت، ومقالة الحوادث الزائغة عن الشريعة، ومقالة في لاهوت السيد المسح، وكتاب مواعظ القديس يوحنا فم الذهب، وغيرهم من الكتب والمخطوطات الهامة، المحفوظة في العديد من الأماكن الكنسية، والمكاتب الكبرى.