أزمة الطاقة وتأثيرها على مصر
يشهد العالم حاليا أزمة طاقة كبيرة منذ بدء التحول نحو الطاقة النظيفة، وذلك نتيجة لنقص المعروض العالمي من مصادر الطاقة التقليدية المختلفة، حيث تأثرت أسواق الغاز الطبيعي والكهرباء على مستوى العالم بأكمله، وذلك بالتزامن مع بدء زيادة الطلب العالمي على الطاقة نتيجة انحسار جائحة فيروس كورونا.
وتأتي أزمة الطاقة هذه المرة في الوقت الذي يمر به أغنى الاقتصاديات العالمية بواحدة من أكثر مراحل التحول في أنظمة الطاقة طموحًا منذ عصر الكهرباء، حيث لا توجد طرق سهلة لتخزين الطاقة التي يتم توليدها من مصادر الطاقة المتجددة، وحسب التقرير الذي نشرته وكالة بلومبرج مؤخرا؛ فإن التحول الفعلي نحو الطاقة النظيفة لن يتم بشكل متسارع في الوقت الحالي بعكس ما كان متوقعًا حيث سيستغرق عدة عقود وخلال تلك الفترة سيعتمد العالم بشكل كبير على مصادر الطاقة التقليدية: النفط والغاز الطبيعي والفحم وغيره.
وتتمثل أسباب الأزمة الحالية للطاقة على مستوى العالم في تراجع الاعتماد على الفحم بدرجة كبيرة خلال السنوات الماضية كمصدر للطاقة لصالح الغاز الطبيعي الأقل تلويثًا للطبيعة، وهو الاتجاه العام لغالبية دول العالم التي تتبنى سياسة الحياد الكربوني. بالإضافة إلى انخفاض كمية الكهرباء المنتجة من الطاقة الكهرومائية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ومن ثم انتشار الجفاف في مناطق مختلفة في العالم وانخفاض منسوب المياه في العديد من السدود التي تخزن المياه والمولدة للكهرباء، ونتيجة عدة قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على تعويض نقص الكهرباء، فكان لا بد للدول من تشغيل المحطات الكهربائية المتوقفة أو زيادة قدرتها عن طريق الغاز الطبيعي والنفط الأمر الذي نتج عنه زيادة الطلب على الفحم والغاز والنفط.
بالإضافة إلى ما سبق فكان لتوافر اللقاحات ضد فيروس كورونا دور بدء انحسار الجائحة وبداية تعافي اقتصاديات الدول بداية من الصين وأوروبا والهند، الأمر الذي أدى لزيادة الطلب على الطاقة بشكل عام والكهرباء بشكل خاص نتيجة اهتمام الدول المختلفة بصناعات الطاقة المتجددة واستخدام السيارات الكهربائية.
ويتمثل تأثير أزمة الطاقة الحالي على مصر في كون مصر دولة مستهلكة ومستوردة للنفط، لذا فإن الأثر السلبي الناتج من ارتفاع أسعار الطاقة الحالي قد يؤثر على فاتورة الواردات المصرية من البترول، ولكن على الصعيد الآخر فإن هناك أثرًا إيجابيًّا يتمثل في اعتبار مصر مصدرًا للغاز الطبيعي، والذي ستحقق معه مكاسب مع ارتفاع أسعاره، بالإضافة إلى اتباع مصر سياسة تخزين مشتقات البترول في الموانئ المصرية خاصة السويس والإسكندرية.
وقد اتخذت الحكومة المصرية خطوات إيجابية في تنوع مصادر إنتاج الطاقة بمصر، خاصة ببناء أكبر محطة في الشرق الأوسط لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بالزعفرانة، وإنشاء أكبر محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بمجمع بنيان أسوان، ويقام المشروع في موقع سطوع الشمس الذي يستمر طيلة أيام العام، بالإضافة إلى مشروع الضبعة النووية وهو أكبر مشروع لإنتاج الطاقة النووية لاستخدامها في الأغراض السلمية وتوليد الكهرباء.