هُنا الدنيا بتضاجع.. أهلًا بك في مدينة الراب
"أهلًا بيك في الواقع، هنا الشغلة عـ البايظ، هنا الدنيا بتضاجع، استروكس وليرولين"، أهلًا بك في مدينة الراب، ما سبق جزء من كلمات أغنية “أتاري” لبيكاسو الراب مروان بابلو، ابن الإسكندرية الذي خرج في نفس الفترة هو وابن محافظته وصديقة ويجز، الذي فرقت الدنيا دروبهما فيما بعد، لأن الدنيا كما قالوا عنها “كلها دايرة على المصلحة”، هذا أيضًا ضمن مبادئ تِلك المدينة التي شكلوها، كما قال الراحل طلعت زكريا مخدرات ولا داعي لذكر الباقي، هل رأيت فيلم مدينة الرب الذي تم إنتاجه عام 2002؟ شاهد الفيديو القادم وأهلًا بك في مدينة الراب، الذي خرج نجومها مؤخرًا من تحت الأرض.
انتشر الأيام الماضية فيديو للنجمة المصرية روبي، بإحدى السيارات مع صديق مُقرب، تغني مع أغنية مغني الراب الموقوف من قِبل نقابة المهن الموسيقية مروان بابلو، وتحمل الأغنية اسم "عايز فين؟"، وتم تداول الفيديو على نطاق واسع لما تحمله الأغنية من إيحاءات ظن البعض أن روبي ربما تقصدها، لكن في ظني أن روبي التي كانت ضمن أسباب شهرة ويجز برقصة صاحبة السعادة، لا تعلم المقصود من وراء كلمة "عايز فين".
الأيام الماضية أو ولنقل العام الأخير، شهد انتشار كبير لنجوم الراب في مصر، حيث لم يصبح الراب حاليًا يستحق وصف "الأندر جراوند" وإن استخدمنا أقرب معنى لهذا المصطلح فإن نجوم مدينة الراب بالفعل خرجوا من تحت الأرض، كما قال أشهرهم مروان بابلو "بيبي أنا من المجاري".
الراب الذي انتشر في أمريكا على يد الأفارقة المظلومين الذين أخذوا من الراب متنفسًا لرواية تفاصيل حياتهم الصعبة، يعتمد غالبًا في كلماته التائهة بين الشعر والنثر والغناء على التباهي، ولا مانع أيضًا من استخدام الألفاظ الخارجة، لإهانة "الأخصام" الكلمة الدارج استخدامها في هذه الأوساط.
أصله عربي
مزيكا الراب أو ماهو الراب كما لخصه أحمد مكي في إحدى أغانيه بدأت في الأصل عن طريق حلقات مُبارزات كلامية، بدأت في إفريقيا منذ قرون بعيدة، لكن أصلها عربي، في شبه الجزيرة العربية حيث كان في الجاهلية يُعقد في الأسواق حلقات تسمى بالمُبارزات الكلامية، عبارة 2 من الشعراء يتحدون بعضهما عن طريق ارتجال شعر هجاء -شتيمة- في الخصم، لذلك كانت مُعجزة القرآن الذي أبهر العرب بمُعجزته اللغوية، ومن ثم تم تأسيس علم سُمي بـ علم العروض، وتناقل العرب هذا العلم لإفريقيا عن طريق التجارة، وطوره الأفارقة الموجود في ثقافتهم إيقاع الطبلة، وانتقل بعد ذلك لأمريكا مع الأفارقة المهاجرين إلى هناك.
ومع تطور الزمن ترك الجيل الجديد من سكان مدينة الراب -الرابرز- المغزى الحقيقي من وجود مزيكا الراب، وأخذ منها فكرة "قلة الأدب" فقط، والتي تم تعديلها فيما بعد بـ "قصف الجبهة" أو في معنى آخر "الضرب بالكلام - دس-"، لذلك لن تجد مُطرب راب من الموجودين على الساحة حاليًا في مصر إلا واستخدم الأباحة في كلمات أغانيه.
في واحدة من أغاني دكتور ويجز، أستاذ التراب شيت بجامعة الورديان، كما وصف نفسه من قبل قال "لو صدعتوني هطلع حماصة"، لم يقل من هو حماصة صراحة لكنه أردف، "اللي مخلص الباقة اللي مولع الدنيا اللي مفجر الطاقة"، كما قال بابلو في مطلع إحدى أغنياته الرؤية هباب كله هيتـ "الباقي محذوف رقابيًا"، وبالطبع لن تتركنا الرقابة لعرض باقي الأعمال التي تحتوي على هذه الألفاظ.
حلقات المُبارزة الكلامية في مصر لم تنتهِ ومازالت موجودة على نطاق ضيق أو كما قلنا لازالت "تحت الأرض"، وهي عبارة عن تجمع مجموعة من الشباب أغلبهم تحت سن الـ 18 يشكلون ما يُشبه بحلبات المصارعة خصمين أمام بعضهما لكل واحد منهم 5 دقائق لقصف جبهة المنافس، ودعنا نقول قصف جبهة رغم أن الأمر يتخطى هذا بمراحل ويدخل في السباب بالألفاظ بشرط ألا يتحول الصراع لتدخل بدني، وعُنف.
أخيرًا لسنا في محاضرة عن الراب أو التراب، لكن هناك الكثير من الأسئلة، لكن قبل طرحها، دعني أقول لك إن "كلها بقيت أعلام"، وحاليًا الساحة مُتسعة لهؤلاء النجوم، وأصبحوا مُسيطرين على سوق الإعلانات، بجانب إقامتهم حفلات ضخمة يتربى فيها جيل كامل تحت سن الثامنة عشرة حاليًا، يتشكل وعيهم من خلال التراب، والسؤال أين نقابة المهن الموسيقية من نجوم الراب، وأين هاني شاكر الذي أوقف حسن شاكوش وعمر كمال لأنهما قالا في إحدى أغانيهما “هشرب خمور وحشيش”، أم أن هاني شاكر لا يستطيع التقاط كلمات الرابر بسبب إيقاعه السريع؟