ياسمين فؤاد: البيئة أصبحت محور اهتمام الدولة والجهات القضائية
شهدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والمستشار محمد حسام، رئيس مجلس الدولة، والمستشار محمد البادي، رئيس الاتحاد العربي للقصاء الإداري ورئيس المحكمة الاتحادية العليا بدولة الإمارات، افتتاح ورشة العمل الخامسة للاتحاد العربي للقضاء الإداري.
تأتي الورشة تحت عنوان، دور القضاء الإداري في حماية البيئة، بحضور لفيف من القضاة من الدول العربية وأعضاء الاتحاد العربي للقضاء الإداري.
وأعربت الدكتورة ياسمين فؤاد، خلال كلمتها بالورشة عن سعادتها للمشاركة في هذا الملتقى القضائي والقانوني، مشيدة بالدور العظيم الذي يؤديه القضاء الإداري في مجال شئون البيئة، وهو ما يؤكد بوضوح أن البيئة لم تعد محط اهتمام الجهات الفنية المختصة في مجال البيئة فقط، بل أصبحت محور اهتمام مؤسسات الدولة بما فيها الجهات القضائية.
وأشارت وزيرة البيئة إلى الدور الكبير الذى يلعبه القضاء الإداري في حماية البيئة في معظم دول العالم، موضحة أن الدستور نص على أنه من حقوق الإنسان أن يعيش في بيئة صحية وآمنة، وأن القوانين المنظمة للبيئة هي الأساس المنظم لشئون البيئة، ويعد القضاء هو المسئول عن تنفيذ تلك القوانين بطريقة تواكب مشكلات البيئة، وهو ما أكدته جميع الاتفاقيات الدولية التي أُبرمت في مجال البيئة، ووافقت عليها الدول وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من نظامها القانوني، فقد أكدت تلك الاتفاقيات إيمان الهيئة القضائية لكل دولة وإلمامها الكامل بنقاط القانون البيئي وإدراكها دورَها في تعزيز وتطوير القوانين والضوابط والاتفاقيات الدولية، فإنها بلا شك تلعب دورا حاسما في إرساء المبادئ التي تكرس ثقافة الانسان في أن يعيش في بيئة صحية وآمنة.
وتابعت وزبرة البيئة بأن البيئة في مصر واجهت العديد من المشكلات التي لم يحسمها سوى مجلس الدولة المصري بجناحيه القضائي والإدراي، فكلاهما أرسى العديد من الأحكام والفتاوى في شئون البيئة والتي أسهمت في حل كثير من المشكلات البيئية، وقد شملت البيئة بمعناها الرسمي، فمنها الذي صدر في مجال البيئة المحيطة بنا في مجالات مكافحة المخلفات الخطرة، وتنظيم أنواع المخلفات الأخرى، وتلوث الهواء وغيرها من عناصر البيئة المحيطة، كما صدرت أحكام وفتاوى في مجال المحميات الطبيعية، فهي بلا شك جزء من البيئة المحيطة.
وقد استعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد، بعض هذه الأحكام والفتاوى، منها فتوى الجمعية العمومية بقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 1599 بتاريخ 23 أكتوبر 2021 والتي أكدت فيها، كيفية ممارسة أنشطة المحميات الطبيعية وتأثيرها على الطبيعة المحيطة، وقد صدرت هذه الفتوى بناء على ممارسة إحدى الجمعيات نشاط الاستزراع السمكي بمحمية وادي الريان، وبتجديد التصريح الصادر لهذا النشاط تم مراجعته ومعاينته على الطبيعة وتبينت آثاره السلبية على طبيعة تلك المحمية، وبعرض الأمر على الجمعية العمومية بمجلس الدولة حسمت الأمر بأن هذا النشاط يؤدى إلى الإخلال بالتوازن البيئي وأصدرت قرارها بوقف هذا النشاط وغيره من الأنشطة المماثلة داخل المحمية، حفاظا على ثرواتنا الطبيعة، بالإضافة إلى الفتوى الأخرى المتعلقة بأحقية منح حق ممارسة الأنشطة داخل المحميات الطبيعية، وصدرت الفتوى بأن جهاز شئون البيئة دون غيره له حق الولاية والإشراف والإدارة كاملة داخل المحميات الطبيعية.
استكملت فؤاد، بأن ما يؤكد دور القضاء العظيم في التأكيد على حق الانسان في العيش في بيئة نظيفة واعتباره حقا أساسيا تتسامى في شأنها وعلو قدرها ومكانتها مع الحقوق الطبيعية الأساسية، كالحق في الحرية والمساواة، وذلك في واقعة حكم المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 8750 والمتعلق بإلغاء قرار جهاز شئون البيئة برفض التصريح بدخول إحدى الشحنات إلى البلاد لاحتوائها على مواد خطرة، وانتهت المحكمة في قرارها إلى رفض دخول تلك المواد للبلاد.
وأكدت وزيرة البيئة أهمية دور القضاء الإداري في التصدي لقضايا الساعة والمتمثلة في فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ، وضرورة وضع تلك القضايا ضمن أجندته والتعاون مع الدول العربية في هذا المجال، مشيرة إلى أهمية القانون ومواكبة المستجدات الدولية في هذا الشأن للتقدم في مسارات التنمية.
كما أكدت فؤاد خلال الورشة على التعاون البنّاء والمثمر مع دولة الإمارات الشقيقة، فقد تمت الموافقة على استضافة مصر لمؤتمر تغير المناخ القادم COP 27، واستضافة دولة الإمارات لمؤتمر المناخ COP 38 لعام 2023، وهو يعد من أكبر المؤتمرات الدولية، مؤكدة على بذل قصارى الجهود بدعم من القيادة السياسة، لإنجاح المؤتمر واحتضان القارة الإفريقية وشواغلها، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق مع المبعوث الرسمي لدولة الإمارات خلال قمة المناخ cop26 على التآزر بين دولتي مصر والإمارات، والاستفادة من أسبوع أبو ظبي للاستدامة، لإطلاق المبادرات المشتركة التي ستبدأ من مصر ويتم استكمالها بدولة الإمارات، مؤكدة العمل على الخروج بمبادرات عربية مشتركة تصب في حماية البيئة ومواجهة آثار تغير المناخ في بلادنا العربية.
واختتمت وزيرة البيئة، كلمتها بالتأكيد على الدور العظيم لمجلس الدولة المصري بجناحيه، والذى لا يقل عن دور القضاء الإداري في الدول العربية، من خلال الدوائر الإدارية والتي أرست العديد من المبادئ في شأن البيئة بمعناها الشامل من خلال الأحكام التي أصدرتها، ودور القضاء المقارن في تحقيق أقصى قدر من الحماية للبيئة، معربة عن أمل العاملين بالبيئة من القضاء الإداري في دور أعمق من حيث الأحكام المنظمة لشئون البيئة، مقترحة عقد دورات تدريبية للقضاة والمستشارين للتصدي للقضايا البيئية من خلال إلمامهم بالمستجدات على الساحة البيئية، ولتكون الخلفية القانونية أكثر تخصصا وفرصا أكبر للاحتكاك بالقضاء المقارن من خلال المشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات في هذا الشأن بالدول الأخرى لتكون لدينا دوائر متخصصة في هذا المجال، وقادرة على إنفاذ قوانين البيئة وإدراك البعد العالمي لها.