بعد صورة رفع العلم المصري.. القصة الكاملة لأزمة دير السلطان بالقدس
أثار دير السلطان والذي يقع داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، الجدل مؤخرا وذلك بعد محاولات الرهبان الإثيوبيين المستمرة للسيطرة عليه، رغم أحقية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية له.
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام الماضية، صورة لبناء يعلوه العلم المصري، زاعمين أنها صورة لدير السلطان، علقوا قائلين أن المحكمة أصدرت حكم بإعادة الدير للرهبان الأرثوذكس المصريين.
ونفت بطريركية الأقباط الأرثوذكس في القدس، ما تم تداوله في الأيام الأخيرة عن موضوع صدور قرار من المحكمة بإعادة دير السلطان في القدس للكنيسة القبطية، ورفع العلم المصري على الدير.
نشأت دير السلطان
دير السلطان بني على يد الوالي المصري منصور التلباني عام 1092، فوق أقدم كنيسة في العالم، هو أحد أهم الأماكن العربية المقدسة، الواقعة في مدينة القدس الشرقية وتحديدًا في حارة النصارى، بجوار كنيسة القديسة هيلانة كنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة.
سمي الدير السلطان نسبة لصلاح الدين الأيوبي الذي وهبه للأقباط، وهو المدخل الوحيد للحجاج المسيحيين إلى كنيسة القيامة حيث قبر السيد المسيح، ويتكون الدير من عدة مباني متناثرة، ويحيط به سور يصل ارتفاعه 4.5 متر، وله ثلاثة أبواب أحدهم للأقباط فقط.
بداية أزمة دير السلطان
تعود أزمة دير السلطان لأوائل القرن الماضي وعلى وجه التحديد عام 1820، ومنذ بدء هذه الأزمة وحتى الآن تمر بمتغيرات سياسية ودولية تجعلها تظهر في الأفق السياسي بين الحين والآخر.
بدأت القصة بعد فتح صلاح الدين الأيوبي للقدس، ثم وهب الأقباط دير السلطان تقديرًا لدورهم في محاربة الصليبيين، وفيما بعد استولت إسرائيل على الدير وقامت بتسليمه إلى الأحباش بعد طرد الرهبان المصريين منه عقب حرب 1967، وحينها رفضت إسرائيل حكم المحكمة العليا الإسرائيلية برد الدير إلى الكنيسة المصرية.
و بعد ذلك نجحوا الأحباش في إقناع الحاكم الأردني بالقدس بملكيتهم للدير وتسليمه لهم، خلال فترة حكمه للضفة الغربية، الأمر الذي جعل البابا كيرلس السادس يتحرك في عدالة ويطالب الرئيس جمال عبد الناصر بالتدخل، وبالفعل تحدث مع الملك حسين في محاولة لإقناعه بملكية الكنيسة المصرية للدير.
الأمر الذي أدي إلى إرسال وفد مكون من الأنبا يؤانس مطران الجيزة والأنبا باسيليوس، والأنبا بنيامين والانبا انطونيوس مطران سوهاج إلى الأردن لمقابلة الحاكم، وبعد اطلاعه على المستندات وبعد إجراء مفاوضات تم إصدار قرار عام 1961 م بإلغاء القرار السابق، وتم إعادة مفاتيح الدير إلى أصحابه، وحينها تبرع جمال عبد الناصر بخمسة آلاف جنيه لإعادة إعمار الدير، وهكذا أكد الحاكم الأردني أحقية الأقباط في الدير.
دعاوي الكنيسة المصرية امام المحكمة الإسرائيلية
ويذكر أن الكنيسة المصرية رفعت أكثر من 100 دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكسبتها جميعا ضد الحكومة الإسرائيلية وأثبتت حقها في الدير، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترفض التنفيذ حتى الآن.
الكنيسة الأرثوذوكسية بالقدس: الدير مازال تحت سيطرة الأحباش
وأصدرت أمس الجمعة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالقدس، بيانًا للأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى، معلقه على الصور المتداولة بخصوص رفع العلم المصري اعلى بناء الدير وإعادته للرهبان المصريين.
و قال الأنبا انطونيوس: أود أن أوضح أنه هناك قرارا سابقا للمحكمة الإسرائيلية عام 1971، مفاده تسليم الدير للكنيسة القبطية، ولكن الجهات التنفيذية لم تنفذ هذا القرار لدواع أمنية.
وأضاف: وعلى حد زعمهم فإن الدير مازال تحت سيطرة الأحباش ولا جديد في هذا الأمر، أما فيما يتعلق بالصورة المنتشرة فقد تم التقاطها أمام السفارة المصرية في تل أبيب خلال الانتخابات الرئاسية منذ 3 سنوات.
البابا تواضروس عن دير السلطان: لدينا 17 وثيقة تؤكد امتلاكنا للدير
وكان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، قد علق خلال حوار تلفزيوني سابق على أزمة دير السلطان القائمة منذ زمن قائلًا: الدير بتاعنا، ولدينا 17 وثيقة تؤكد امتلاكنا للدير، وقبلنا الوساطة من أجل حل الأمور، والدير تحت الاحتلال والمباني الأثرية في فلسطين لها قوانين خاصة، والمحكمة تخرج قرارًا، ولكن الحكومة بيدها تنفيذه، ويبدو أن هناك خلفية سياسية وراء عدم عودة الدير للسيادة المصرية، والسفير المصري في إسرائيل يقوم بدور رائع من أجل حل الموضوع، ونحن نفسنا طويل لإنهاء المشكلة.
وأشار البابا تواضروس الثاني إلى أهمية الدير الذي يعد مدخل البطريكية المصرية، الإضافة إلى أنه يتعارض مع طريق كنيسة القيامة، مشيرًا إلى أن هناك راهب قبطي مقيم في الدير كما أن لنا أديرة وكنائس تحت سلطتنا وممتلكات مصرية كانت ترعاها الكنيسة السريانية.