في ذكرى ميلاد إيليا أبو ماضي.. كيف وصف أحوال الإنسان؟
تحل اليوم ذكرى رحيل الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي، أحد رموز المدرسة الرومانسية في الشعر وهو شاعر لبناني جاء إلى الإسكندرية عام 1900 وعمل بتجارة التبغ وأحب الشعر والأدب، حتى بدأ يروج شعره وأصدر عددا من الدواوين الشعرية كان أولها ديوان بعنوان تذكار الإنسان.
شعر إيليا أبو ماضي
عرف شعر إيليا أبوماضي، أنه ذو طابع سياسي ووطني، وعرف إيليا أبو ماضي أيضًا بأشعاره، التي تستنكر على الإنسان كبره واعتزازه بنفسه، وأنه هو الذي حول الحياة إلى جحيم، ومن ذلك قصيدة له بعنوان الإنسان والدين.
إنّـــي عـــرفــت مــن الإنــســان مــا كــانــا
فــلــســت أحــمــد بــعــد الــيــوم إنـسـانـا
بـــلـــوتــه وهــو مــشــتــدّ الــقــوى أســدا
صـعـب الـمـراس وعـنـد الـضّـعـف ثـعـبـانـا
تـــعـــوّد الـــشّـــرّ حــتّــى لــو نــبــت يــده
عــنــه إلــى الـخـيـر سـهـوا بـات حـسـرانـا
خـــفـــه قـــديــرا وخــفــه لا اقــتــدار لــه
فـــالـــظّــلــم والــغــدر إمّــا عــزّ أو هــانــا
الــقــتــل ذنــب شــنــيــع غــيــر مــغـتـفـر
والــقــتــل يــغــفــره الإنــســان أحــيــانــا
أحـــلّ قــتــل نــفــوس الــسّــائــمــات لــه
والــطّــيــر، والــقـتـل قـتـل حـيـثـمـا كـانـا
أذاق ذئـــب الـــفـــلا مـــن غـــدره طــرفــا
فـــلا يـــزال مـــدى الأيّـــام يـــقـــظـــانـــا
ونـــفّـــر الـــطّـــيــر حــتّــى مــا تــلــمّ بــه
إلّا كـــمـــا اعـــتـــادت الأحــلام وســنــانــا
ســـروره فـــي بـــكـــاء الأكـــثـــريـــن لــه
وحـــزنـــه أن تـــرى عـــيـــنـــاه جـــذلانــا
كــأنّــمــا الــمــجــد ربّ لــيــس يــعــطـفـه
إلّا إذا قـــــــدّم الأرواح قـــــــربـــــــانـــــــا
هــو الّــذي ســلــب الــدّنــيــا بــشــاشـتـهـا
وراح يــــمــــلــــؤهــــا هـــمّـــا وأحـــزانـــا
لا تـــصــطــفــيــه وإن أثــقــلــتــه
مــنــنــا يـــعـــدو عـــلـــيــك وإن أولاك شــكــرانــا
قــالـوا تـرقّـى سـلـيـل الـطّـيـن قـلـت لـهـم
الآن تـــــمّ شــــقــــاء الــــعــــالــــم الآنــــا
إنّ الــــحـــديـــد إذا مـــا لان صـــار مـــدى
فــــكــــن عـــلـــى حـــذر مـــنـــه إذا لانـــا
والــمــرء وحــش ولــكــن حـسـن صـورتـه
أنـــســـى بــلايــاه مــن ســمّــاه إنــســانــا
قــد حــارب الــدّيــن خــوفــا مـن زواجـره
كـــأنّ بـــيـــن الـــورى والــدّيــن عــدوانــا
ورام يـــهـــدم مـــا الـــرّحـــمـــن شـــيّــده
ولــيــس مــا شــيّــد الــرّحــمــن بــنــيــانـا
إنّـــي لـــيـــأخـــذنــي مــن أمــره عــجــب
أكــــلّـــمـــا زاد عـــلـــمـــا زاد كـــفـــرانـــا؟
وكـــلّـــمــا انــقــادت الــدّنــيــا وصــار لــه
زمـــامـــهـــا انـــقـــاد للآثــام طــغــيــانــا؟
يــرجــو الــكــمـال مـن الـدّنـيـا وكـيـف لـه
نــيــل الــكــمــال مــن الــدّنــيـا ومـا دانـا؟
إذا ارتــدى الــمـرء مـا فـي الأرض مـن بـرد
وعـــاف للـــدّيـــن بـــردا عـــاد عـــريـــانــا
هــو الــحــيــاة الّــتــي مـا غـادرت جـسـدا
إلّا اغــتــدى الــمـيـت أحـيـا مـنـه وجـدانـا
وهـو الـضّـيـاء الّـذي يـمـحـو الـظّـلام فـمن
لا يـــهـــتـــدي بـــســـنــاه ظــلّ حــيــرانــا
والــمــنــهـل الـرّائـق الـعـذب الـورود فـمـن
لا يــســتــقــي مـنـه دام الـدّهـر عـطـشـانـا
لــيــس الــمــبــذّر مــن يــقــلــي دراهــمـه
إنّ الـــمـــبـــذّر مـــن للـــدّيـــن مــا صــانــا
لــيــس الـكـفـيـف الّـذي أمـسـى بـلا بـصـر
إنّـــي أرى مــن ذوي الأبــصــار عــمــيــانــا