تجار ومستكشفون أم قراصنة وهمج؟.. شعوب الفايكنج بين الأسطورة والحقيقة
نمر اليوم بذكرى حصار الفايكنج لمدينة باريس، والذي بدأ في 25 نوفمبر من العام 885، وانتهى في أكتوبر من العام 886، وكان حصارا شديدا، ويعد المرة الأولى التي يحاصر فيها الفايكنج مدينة، حيث كانت العادة أن يقوم جنود الفايكنج بشن غارة مفاجئة.
يعرف كثيرون الفايكنج، من خلال الصور السينمائية النمطية التي صورتها لهم الأفلام والمسلسلات الفنية، والفايكنج هم جماعات من البحارة المحاربين، ظهروا في القرن الثامن في الدول الاسكندنافية، اشتهروا بالعديد من الأشياء، منها أنهم عملوا كمستكشفين للبلدان الجديدة، فقد وصلت سفنهم إلى الأمريكيتين قبل فترة كبيرة من وصول كولومبوس إليها.
وتعني كلمة فايكنج Viking في اللغة الاسكندنافية القديمة، قرصان، ومستكشف، لذا فقد حدث العديد من الخلافات بين المؤرخين حول حقيقة تلك الجماعات، والتي أشيع دوما بأنهم جماعات متوحشة، يقومون بمداهمة البلدان، والاستيلاء على خيراتها، وسبي نسائها.
سفن الفايكنج وإبداع صناعتها
لم تكن حضارة الفايكنج من الحضارات المتعلمة، لذا لا يوجد الكثير من الأمور المدونة عنهم، ومعظم المصادر القديمة، كتبت من قبل حضارات أخرى كانت على اتصال بهم، وهناك القليل مما وصل عنهم، من خلال ما دونوه على أحجار رونستون، وبنى المؤرخون باقي المعلومات التي وصلت إلينا عنهم، من خلال الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، والتي كونت لنا صورة عامة عن الأسلحة والسفن الحربية، الممارسات الدينية الوثنية والمسيحية.
تعد اكتشافات السفن من أهم ما وصل إليه الباحثون حتى الآن عن حياة الفايكنج، وخاصة تلك السفن الكبيرة التي كانت تستخدم في الحروب والاستكشافات البحرية، حيث صممت بشكل محترف ومذهل يجعلها تسير بخفة وسرعة عالية، إضافة إلى تجهيزها بمجاديف وشراع، حتى تستطيع الإبحار في اتجاه الريح أو ضده.
بنى الفايكنج العديد من السفن المختلفة، منها الكبير، والذي خصص للتجارة، وتمتع بجسم واسع، وعميق، لنقل البضائع بكميات كبيرة، وهناك السفن الأصغر حجما التي كانت تستخدم في المناورات، كما لهم الفضل في اختراع الصاري، الذي يوضع في أسفل الشراع بالعرض، لكي تتجنب به السفينة توجيهات الرياح الغير مرغوب فيها.
أساطير شعبية وخيال سينمائي عن الفايكنج
ظهرت العديد من الأساطير حول الفايكنج في العصر الحديث، بسبب التأثر بالقصص الشعبية، أو الأعمال الفنية، منها زي الفايكنج، يقال بأنهم كانو يرتدون الفراء، والخوذات ذات القرون الطويلة، ليكونوا أكثر رعبا وتوحشا، لكن في الواقع حسب الاكتشافات الأثرية، كان زي الفايكنج بسيط مصنوع من الجلد، وكانوا يرتدون الخوذات الجلدية، المحاطة بواقي معدني للوجه.
أشيع أيضا بأنهم كانوا لا يهتمون بالنظافة، وعرف عنهم القذارة والبشاعة، لكن الاكتشافات الأثرية أثبتت بأنهم استعملوا الأمشاط، وأدوات الحلاقة، وكانوا من الشعوب الحريصة على نظافتهم بشكل دائم.
