تعنت جزائري - مغربي في إنهاء الأزمة.. وسباق للتسلح استعدادًا للحرب
القطيعة الجزائرية - المغربية، باتت تلوّح بإمكانية نشوب صراع مسلح بين الجارين الشقيقين، بعدما سارعت كلا الدولتين إلى التسلح بمنظومات صاروخية وتوقيع اتفاقيات عسكرية، إلى جانب توجيه حشود عسكرية على الحدود بينهما، ورفض المبادرات المطروحة للوصول إلى حل لنزع فتيل الأزمة.
خلال الساعات الماضية، رفض رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري، مبادرة إسبانيا للوساطة بين الجزائر والمغرب، خلال اجتماع منتدى من أجل المتوسط الذي عقد في برشلونة بإسبانيا، رافضًا التوجه إلى المنتدى، معلنًا سفره إلى العاصمة السنغالية داكار للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الإفريقي الصيني.
صحيفة الباييس الإسبانية، أشارت إلى أن وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، كان قد أعد مبادرة للوساطة بين الجزائر والمغرب خلال انعقاد منتدى الاتحاد من أجل المتوسط، موضحًا أن الجزائر والمغرب شريكان أساسيان لإسبانيا وللاتحاد الأوروبي، ومعهما نبني العلاقة في البحر الأبيض المتوسط.
وتابع وزير الخارجية الإسباني أنه خلال انعقاد المنتدى يومي 28 و29 نوفمبر الجاري كان من المقرر بحث تلك القضية، وأن بلاده ستعمل دائما من أجل الانفراج ومن أجل حسن الجوار ومن أجل التعاون لبناء البحر الأبيض المتوسط.
المغرب والجزائر
ووصف وزير الخارجية الجزائري لعمامرة، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أن سيتوجه إلى داكار للمشاركة في منتدى التعاون الإفريقي الصيني، واصفًا المنتدى بأنه: فرصة لتقييم تنفيذ برامج التعاون مع جمهورية الصين وتكييفها لتجاوز مخلفات جائحة كورونا، وكذا تجديد التزامنا المشترك للحفاظ على مصالح إفريقيا.
فيما وصفت صحيفة الشروق الجزائرية، أن المغرب يقف خلف المبادرة المطروحة من قبل إسبانيا لنزع فتيل الأزمة بين الشقيقين العربيين، مشيرة إلى أن النظام المغربي يقف خلف الكثير من مبادرات الصلح التي حاولت بعض الدول القيام بها، إلا أنها اقتنعت بأنها لم تعد ذات جدوى في ظل الموقف الجزائري الصارم بخصوص هذه القضية.
وفي تصريح سابق له قال وزير الخارجية الجزائري، إن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب موضوع لا ولن يندرج ضمن جدول أعمال الاجتماع الوزاري للجامعة العربية، وإن هذا القرار ليس قابلا للنقاش أو التداول باعتباره قرارًا سياديا ونهائيا ومؤسسًا لا رجعة فيه.
على الجانب الآخر لم يحضر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة منتدى الاتحاد من اجل المتوسط في برشلونة، ووصفت الصحيفة الإسبانية البايي، عدم حضور الوزيرين الجزائري والمغربي، يحول دون معالجة الأزمة المتفاقمة بين البلدين، منذ قرار السلطات الجزائرية قطع علاقاتها مع الرباط في أغسطس الماضي.
فيما بات البلدين على حافة الدخول في صراع مسلح، بعدما وجهت الجزائر اتهامات لجارتها المغرب بالوقوف وراء مقتل ثلاثة جزائريين في قصف مغربي على شاحنتين في الصحراء الغربية.
وليست تلك هي المرة الأولى التي تفشل فيها مبادرات الوساطة، فقد سبق محاولات من هذا القبيل، على غرار محاولات كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وموريتانيا، لنزع فتيل الأزمة، إلا أن الموقف الجزائري حال دون نجاح أي منها.
سباق التسلح بين الجزائر والمغرب
وعلى الصعيد العسكري، يسارع كل من البلدين الشقيقين في التسلح تحسبًا لانطلاق شرارة حرب ليست هي الأولى بين الطرفين، فعقب مقتل الجزائريين الثلاث صعدت الجزائر من تواجدها العسكري على الحدود المشتركة، وفقًا لصحيفة لارازون الإسبانية.
ونشر الجيش الجزائري مجموعة من منصات الصواريخ قرب الحدود مع المملكة المغربية، وذلك بعد اتهام الجزائر للمملكة باستهداف شاحنتين كانتا في طريقهما إلى موريتانيا.
وأشارت الصحيفة الإسبانية، إلى أنه تم نشر عدد من منصات الصواريخ قرب الحدود مع المغرب، ولكنها لم تذكر من أين حصلت عليها، وأن الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، تظهر نشر الجيش الجزائري لـ 7 منصات متنقلة لإطلاق الصواريخ، لم يتم تحديد مداها.
في حين توجهت المغرب تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، للحصول على منظومة الصواريخ الأمريكية المتطورة باتريوت، إذ أكدت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية المتخصصة في الصناعات الحربية حصولها على موافقة البنتاغون على تسليم المغرب منظومة الدفاع الجوي باتريوت ليقوم بنشرها على الحدود الجزائرية.
في ذات السياق، أعلن موقع Inside Defense المتخصص بالشؤون الدفاعية،أن المغرب سيتسلم منظومة باتريوت العام المقبل.
وعلى صعيد القوات الجوية، تكثف الجزائر، إجراءاتها للحصول على صفقة طائرات سوخوي الروسية المتطورة، ومنظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة إس 500، وذلك بعدما أوضح تقرير دولي لمعهد ستوكهولم، وجود كل من المغرب والجزائر ضمن قائمة الدول الأربعين الأكثر إنفاقًا على القطاع الدفاعي عام 2020.
وأشار التقرير إلى أن المغرب أنفق ما يصل إلى 4.8 مليارات دولار، بينما أنفقت الجزائر، 9.7 مليار دولار.
ومغربيًا، أعلنت الرباط، وفقًا لصحيفة هيبريس المغربية، حصولها على مجموعة من صواريخAGM-154 المعروفة باسمJSOW، التي يبلغ مداها 550 كيلومترا.
وذلك عبر صفقة عسكرية أبرمت مع وزارة الدفاع الأمريكية، من بينها سرب طائرات F16.
من جانبه قال الدكتور نبيل زكاوي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة فاس المغربية، إن التصعيد بين البلدين بات منتظرًا ومرشحًا لمزيد من التطور في ظل توتر العلاقات بينهما مؤخرًا.
وأضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن الاشتباك الكلامي بين الطرفين لا يتجاوز المستوى الكلامي، ويظل ظاهرة صوتية فقط.
وأشار إلى أنه لا يمكن الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، لأن البلدين جربًا مرارة الحرب، ويعلمان جيدًا تأثير الحرب على اقتصاديهما، مشيرًا إلى عدم وجود هدف للوصول إلى الحرب بين كلا البلدين.
وأردف أن صفقات التسليح المبرمة مؤخرًا لكلا البلدين، ليست مؤشرًا على الاستعداد للحرب، وإنما تدخل في إطار سباق تسلح تقليدي بين البلدين يراد منه فقط السعي لموازنة القوى، وأن ما يحدث حاليًا يأتي ضمن طور جديد من أطوار العداء الاستراتيجي بين البلدين.