سياسية مغربية: استئناف الرباط علاقاتها مع إسرائيل ليس تطبيعًا.. والجزائر تحتمي بالقضية الفلسطينية هربًا من أزماتها الداخلية| حوار
-استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية ليس تطبيعًا
-المغرب لم يُسقط الجنسية المغربية عن اليهود
-العلاقات الإسرائيلية المغربية تأتي من باب التعاون العسكري أولًا قبل التعاون الديني
-لا يمكن القول بأن الجزائر غضبت من المغرب بسبب تطبيعه مع إسرائيل
يشهد المغرب، خلال السنوات القليلة الماضية، حالة سياسية استثنائية بداية من تطورات الصحراء وأحقية تبعيتها للمملكة المغربية، مرورًا بتطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية وما واجهته الحكومة المغربية السابقة عقب توقيعها قرار تطبيع العلاقات، وصولا إلى التوترات المغربية الجزائرية، عقب قطع العلاقات بين البلدين، وما تبعه من احتقان سياسي بين الرباط والجزائر.
القاهرة 24، أجرى حوارًا مع الباحثة السياسية المغربية شامة درشول، للتعرف عن قرب عما وصلت إلى تطورات العلاقات الإسرائيلية المغربية عقب توقيع الاتفاق بين البلدين، وما موقف الرباط من القضية الفلسطينية، والجزائر.
درشول قالت في حوارها، إنه لفهم ما حدث بين المغرب وإسرائيل علينا العودة لبلاغ الديوان الملكي بتاريخ 10 ديسمبر الماضي، إذ استعمل مصطلح استئناف العلاقات وليس التطبيع، فالعلاقات المغربية الإسرائيلية لم تكن غامضة، أو سرية، كما أن الحسن الثاني سمح بهجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل وباقي دول العالم وأخبرهم أنهم كانوا دوما سفراء المغرب في العالم، وأن المتغيرات الجيوسياسية لن تبدل موقف القصر من الطائفة اليهودية المغربية، باعتبار الملك أمير المؤمنين، وباعتبارهم أهل الذمة.
كما أن المغرب لم يسقط الجنسية المغربية عن اليهود المغربية الذين اختاروا الهجرة إلى إسرائيل، ولم ينزع عنهم ممتلكاتهم، وسمح لهم بالعودة إلى المغرب، والتردد عليه في أي وقت دون النظر إلى تداعيات الصراع العربي الإسرائيلي، ومغرب الحسن الثاني لم يكن يتردد في استقبال قادة إسرائيليين علنًا، ولا في التدخل من أجل تقريب وجهات النظر كما حدث بين إسرائيل ومصر في عهد أنور السادات، وذلك دون تغليب كفة اليهود على حساب القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني.
في بلاغ الديوان الملكي تمت الإشارة إلى إعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط والذي أغلقه المغرب احتجاجا على إسرائيل في الانتفاضة الثالثة، لتسهيل زيارة الإسرائيليين المغاربة إلى وطن أقاموا فيه أكثر من ثلاثة آلاف عام، للحفاظ على صلة الرحم، وذلك تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين التي تعتبر واحدة من أعمدة الحكم في المغرب، ولم يشر البلاغ إلى أنه يندرج تحت اتفاقية أبراهام، وإن كان المغرب يدعمها من باب دعم حل سلمي للصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، إلا أنه ليس عضوا في هذه الاتفاقية.
وتابعت درشول بأن العلاقات الإسرائيلية المغربية تأتي من باب التعاون العسكري أولا قبل التعاون الديني الذي تمثله اتفاقية أبراهام، أو السياسي الذي تمثله وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تحاول تحقيق نجاحات لصالح وزارة لائير لابيد وحكومة نفتالي بينيت، أو حتى الاقتصادي والذي تمثله مجموعات ضغط مغربية وإسرائيلية تتكون بالأساس من رجال أعمال، وما حدث هو رفع السرية عن التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل، وكشفه للعلن باعتبار أنه تعاون ليس جديدا بل يمتد منذ الستينيات.
وبالتالي تقدم إسرائيل وصفات متعددة للتطبيع معها، فرغم التطبيع الدافئ بينها وبين الإمارات هذا لا يعني أن هذا ما تحتاج إليه إسرائيل فعلا، فهي تحتاج مثلا إلى ثقل مصر في الساحة العربية والدولية، ومن أجله سترضى بتطبيع ولو باردًا، وهذا ما تبين لها أثناء أزمة الشيخ الجراح، ومواجهة حارس الأسوار، بينها وبين حماس، إذا تراجعت الإمارات إلى الخلف، وظهرت حاجة إسرائيل إلى مصر، وهذا الدرس الذي فهمته إسرائيل على يد مصر، وتحاول استيعابه في علاقتها مع المغرب، فقد حاولت الخارجية الإسرائيلية الضغط على المغرب من أجل الدفع به إلى رفع مستوى العلاقات إلى درجة سفارة حتى إن ممثل البعثة الإسرائيلية في المغرب قام بتصرف لا يمت للدبلوماسية بصلة حين أعلن نفسه سفيرًا في خرق سافر للأعراف الدبلوماسية التي تلزمه بتقديم أوراقه لوزير الخارجية، وبعد قبولها يتم استقباله من قبل ملك البلاد.
أهمية هذا الاتفاق تأتي من كوْن مؤسسة الدفاع والجيش هي القلب النابض لإسرائيل، عكس وزارة الخارجية التي تمثل النظام السياسي غير المستقر لإسرائيل، لذلك نعتبر أن المغرب وقع صفقة رابحة مع إسرائيل حين اختار أن يكون الاتفاق بشكل مباشر مع إسرائيل دون وساطة، وهو ما يفسر وصف وزير الخارجية الإسرائيلي بيني جانتس للاتفاق بأنه غير مسبوق، فقد شمل الاتفاق التعاون العسكري، والأمني، والاستخباراتي، من خلال تبادل الآراء، وإطلاق مشاريع مشتركة، والتخطيط المعلوماتي والتطوير، وتسهيل اقتناء المغرب لمعدات عسكرية وأمنية إسرائيلية، وأيضا مساعدة المغرب في الحصول على الأسبقية في المعدات الأمريكية، وتقوية المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخباراتية في المغرب لمواجهة التحديات الجديدة في المنطقة والتي يمثل المد الإيراني جزءًا منها وليس الكل.
وبالحديث عن القضية الفلسطينية ومكانتها لدى السلطات المغربية، أوضحت شامة درشول: إسرائيل تحاول الضغط على ملك المغرب، للقيام بدور الملك السابق، من أجل خلق منافس لمصر، ودورها في القيام بالوساطة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، إلا أن المغرب لا يريد أن يقوم بهذا الدور الآن، أي دور الوساطة، ويفضل أن يتحرك على هذا المستوى في الاتفاق الثلاثي أو الإعلان المشترك، بعيدا عن الجامعة العربية.
وتابعت الباحثة السياسية المغربية، بأن الاتفاق المغربي الإسرائيلي لا يمكن أن يكون اتفاقًا ثلاثيًّا بإدراج أمريكا ضمن الاتفاق، وإنما هو اتفاق ثنائي تحت رعاية طرف ثالث، والاتفاق موقع بين أمريكا والمغرب ويشمل اعترافها بمغربية الصحراء، وأن تعمل أمريكا على ترجمة هذا الاعتراف من خلال بناء قنصلية بالداخل، ثم الاتفاق المغربي الإسرائيلي والذي شمل استئناف العلاقات بإعادة فتح مكتب الاتصال، وربط رفع العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى سفارة بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، ولا يشمل اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء.
المغرب والجزائر
وبسؤالها عن تطورات العلاقات الجزائرية المغربية، أجابت شامة درشول، بأن العلاقات بين البلدين كانت دائمًا متوترة لدرجة وصلت إلى مواجهة عسكرية فيما يعرف بحرب الرمال، وطرد الجزائريين للمقيمين المغاربة في منتصف السبعينيات وإغلاق الحدود في التسعينيات، ودعم غير مشروط من قبل الجزائر لجبهة البوليساريو في محاولة من الجزائر لإيجاد نافذة على المحيط الأطلسي - على حد قولها.
وتابعت بأنه لا يمكن اعتبار ما تقوم به الجزائر إلا تشويشًا من أجل إبقاء المغرب في دائرة الدول المتحكم فيها من القوى الغربية، وأنه لا يمكن القول بأن الجزائر غضبت من المغرب بسبب تطبيعه مع إسرائيل، وإلا لماذا لم تعلن هذا الغضب من الإمارات، مؤكدة في حديثها أن الجزائر تجمعها علاقات غير علنية مع إسرائيل، وأن الجزائر تحاول الاحتماء بالقضية الفلسطينية من أجل التهرب من أزماتها الداخلية، كما تفعل حين ترمي المغرب بكل التهم، لدرجة أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اتهم المغرب بأنه يقف وراء فشل المنتخب الجزائري لكرة القدم.