البصيرة تقودنا.. قصة ضرير يحمل صديقه يوميا لاستكمال دراسته بجامعة الأزهر في طنطا│ صور
أن يضحي الأب من أجل ولده فهذا أمر مشروع، كذلك أن تضحي الزوجة من أجل زوجها أو العكس فذلك طبيعيًا، أما أن يضحي طالب جامعي بمجهوده من أجل طالب آخر من ذوي الإعاقة لاستكمال دراسته فهو أمر وارد أيضًا، لكن أن يكون ذلك الطالب المساعد صاحب إعاقة بصرية أو الـ ضرير أزهري، ولديه عرج في إحدى قدميه فذلك لم يعهده أحد.
الشيخ علي محمد، الطالب بالفرقة الثانية بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر الشريف فرع طنطا والـ ضرير أزهري، أحد هؤلاء الأبطال الذين يمتلكون قصة ربما لم يشاهد أحد مثلها من قبل، حيث يساعد ذلك الـ ضرير زميله أحمد صبحي الطالب بالفرقة الأولى بكلية أصول الدين والدعوة وصاحب الإعاقة الحركية، على الرغم من كون علي محمد نفسه صاحب إعاقة بصرية، فضلًا عن وجود عرج في إحدى قدميه.
الضرير الأزهري حكى لـ القاهرة 24، تفاصيل القصة وكيف يخدم زميله أحمد صبحي؟، الذي يأتي من المحلة الكبرى وكذلك ما دفعه لفعل ذلك رغم كونه هو الآخر يحتاج إلى المساعدة؟
لوجه لله واقتداء بالنبي
يقول محمد إنه لا يفعل أي شيء إلا لوجه الله سبحانه وتعالى ولا يبتغي من وراء ذلك أي شهرة ولا أي مكاسب، مشيرًا إلى أنه يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي حث المسلمين على الوقوف بجوار بعضهم.
ويضيف الـ ضرير أزهري: أنا لا أعرف أحمد وليس قريبي ومعرفتي به كانت من خلال الجامعة فقط، حيث رأيت أحد الآباء وهو يحمل ابنه من ذوي الإعاقة، فقررت من هذه اللحظة أن أتولى خدمة أحمد وما يحتاجه وهذا لوجه الله.
أرى على بعد نصف متر فقط
ويكمل الشيخ علي محمد: أنا لا أرى سوى على بعد نصف متر لكن كوني أشبه بالضرير أو أن قدمي بها إعاقة لا يعد ذلك مانعًا لفعل الخير أو بذل التضحيات من أجل الآخرين، فالرسول يقول: الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة، وبالتالي لا يُعدم الخير في هذه الأمة، وأتمنى أن أكون من هؤلاء الذين يبذلون الخير في الأمور المحمدية.
من الميكروباص للمجمع للدور الخامس
ويتابع الطالب بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر: أنتظر أحمد وأحمله من الميكروباص ثم أسير به داخل مجمع الكلية وأصعد به الدور الخامس في الجامعة ثم أذهب لحضور محاضراتي، ثم بعد ذلك أقوم بالعودة إليه لأحمله مرة أخرى وأذهب به إلى الميكروباص الذي يتجه إلى المحلة، حيث يحضر أحمد إلى الجامعة يومين في الأسبوع.
خدمته على قلبي زي العسل، هكذا يرد الـ ضرير أزهري على من يقول إن ذلك الأمر حملًا عليه؛ لأنه هو الآخر صاحب إعاقة، قائلًا: خدمة أحمد على قلبي زي العسل وأنا مبسوط جدًا بهذا الفعل ولا ابتغي من ورائه إلا أن يتقبله الله سبحانه وتعالى فقط.
لا أحتاج لنفسي شيئًا
ويختتم حديثه: أتمنى من الله أن توفر له الدولة كرسي متحرك وأن تساعده في إكمال دراسته، أما أنا فلا أريد شيئًا والله ولا أبتغي من وراء هذا الفعل إلا وجه الله، وأرجو من الله أن أجد هذا أمامي يوم القيامة، هذا كل ما أرجوه.
يسجل لنا المحاضرات
وفي السياق نفسه، يقول نصر عبد الحكيم، الطالب بالفرقة الثانية بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر الشريف فرع طنطا، إن صديقه محب للخير كما يبذل ما في وسعه من أجل مساعدة الآخرين، كاشفًا: لا يقوم بهذا الفعل فقط بل يسجل لنا المحاضرات وإذا أراد أحد شيئًا يوفر له ما يطلبه.
ويضيف عبد الحكيم لـ القاهرة 24 أن زميله علي يحب الخير للجميع ولا يتوانى عن ذلك، متابعًا: محترم لدرجة لا يمكن تصورها وحامل لكتاب الله عز وجل كما بسيط، والمفاجأة أنه لا يرى جيدًا وإحدى قدميه بها عرج نسبيًا ورغم ذلك يساعد أحمد.
ويواصل عبد الحكيم: وما يدل على حبه للخير وأنه صاحب فطرة نقية وأنه لا يعرف أحمد بل وجده كذلك فأخبر والده بأنه سيتحمل عنه كل شيء، وألا يحمل أي همّ على الإطلاق.
ويختتم عبد الحكيم حديثه قائلًا: الأزهر والدين يعلمان طلبة الأزهر ذلك، فهناك دافع لعلي على القيام بذلك، وبالطبع ليس كل واحد منا يمكن أن يقوم بذلك، لكن من لديه خير ويسعى إلى خدمة الناس ويحمل كتاب الله ليس ببعيد عنه ذلك.