فاقد الشيء يعطيه.. كفيفة تقدم 300 كتاب صوتي للطلاب المكفوفين
فاقد الشيء لا يعطيه، تلك المقولة التي وقعت على أذاننا دومًا، ولكن ظهرت الكثير من النماذج الطيبة من حولنا التي لا تدعم صحتها المطلقة في كل الأحوال، فهناك أُناس تفقد بعض الأحاسيس، ولكنها أصبحت أكثر معرفة بالألم الذي يعقب فقد هذا الإحساس، مما جعلهم يسارعون في منحه إلى من هم في نفس حالتهم حتى لا يشعرون بما عاشوه.
هذا ما قامت به الشابة إسراء محمد، من محافظة أسيوط، والتي لم تُرزق بنعمة البصر، ولكن الله أراد أن يبدلها لها بنعمة البصيرة، فبعد أن أصبحت باحثة في الماجستير بسبب تفوقها الدائم في دراستها بسبب الكتب الصوتية، قررت أن تنشر فكرة تسجيل الكتب الدراسية عبر الأصوات، وتضم فريقا كبيرا من الأشخاص المبصرين لتقديم خدمة الكتب مسموعة للمكفوفين.
روت إسراء محمد، 27 عاما، والباحثة في ماجستير الشريعة الإسلامية، لـ القاهرة 24، إنها لم تر أي شيء في عالمها منذ ولادتها، حيث خرجت من رحم أمِها كفيفة بسبب إصابتها بالتهاب في الشبكية، ولدت في غرفة مظلمة ليس لها ملامح ولا نهاية لأسوارها العالية.
قررت إسراء أن ترسم عالمها بنفسها وتخلق له بداية ونهاية وأحداث هي جزء منها، ولم تستسلم لإعاقتها التي من دورها أن تحرمها من أشياء عدة، من بداية المرحلة الابتدائية، كانت أسرتها تساعدها في الدراسة حتى تمكنت أن يكون لها دورًا وسط الطلاب المتفوقين طيلة مراحلها الدراسية.
من هنا جاءت الفكرة، كانت إسراء ترغب في تعلم وحفظ القرآن الكريم، لذلك أتى والدها بشرائط كاسيت حتى تستمع إلى كلام الله العزيز بسهولة، ومن خلال تلك الشرائط استطاعت إسراء أن تحفظ كتاب الله.
أصبحت مذاكرة الدروس بنفس الطريقة، حيث استطاعت إسراء مساعدة الآخرين من حولها بتسجيل الكتب الدراسية الخاصة بها صوتيًا والمذاكرة بهذه الطريقة، حتى التحاقها بكلية الشريعة الإسلامية.
عمري ما حسيت إني كفيفة دايمًا بشوف وبحس بقلبي، بهذه العبارة وصفت إسراء حياتها التي زرعت بها الأمل، رغم ما تتعرض له يوميًا من تنمر من الآخرين بسبب فقدانها نعمة البصر.
اضطرت إسراء أن تذهب إلى المدينة الجامعية وتعيش بها، وهناك طلبت من الفتيات تسجيل الكتب الدراسية بأصواتهن، نوعًا من مساعدتها في الدراسة، ومن هنا جاءت إليها فكرة جمع الشباب لتسجيل كافة الكتب لجميع المراحل الدراسية ونشرها لكل الطلاب الأكفاء.
وتابعت إسراء خلال حديثها مع القاهرة 24: عممت الفكرة وكبرت ووصلت كمان لكليات تانية غيرنا بمختلف الفرق، أصبح معانا حوالي 150 متطوعا يسجلون الكتب الدراسية بأصواتهم وإرسالها للطلاب.
واستكملت حديثها: سعيدة جدًا بما نقوم به، فهناك الكثير من الأمهات يتواصلن معنا لأنهن غير قادرات على المذاكرة لأبنائهن المكفوفين، ولا يملكون المال لجلب آخرين لمساعدتهم من البيت، فيقوم المتطوعون لدينا بتسجيل المواد صوتيًا وإرسالها للطلاب بمختلف الطرق حتى نضمن وصولها له، سواء عن طريق تطبيق واتساب أو تليجرام أو حتى فلاشات، كل شخص وله الطريقة المفضلة لديه.
تقول إسراء إن حياة الشخص الكفيف مبنية على الصوت، فهو دليله لأي شيء يقوم به في حياته، لذا هذه الطريقة أفضل من برايل، فساعدتها خلال دراستها والأن تساعد غيرها بنفس الوسيلة.
سجل فريق إسراء أكثر من 300 كتاب حتى الآن، فبمجرد إعلانهم بصدور الكتب الدراسية، تبدأ شابة أسيوط باستلامها وتوزيعها على الفريق لتقديم العمل العظيم الذين يقومون به، وكل ما يتمنونه هو استمرار عملهم النبيل.