في بلدنا الحلوة
● في السطور الجاية قصص، ومواقف سريعة حصلت أو عملها خلال آخر شهر مجموعة من المصريين الجدعان اللي بيثبتوا إن بلدنا حلوة، وناسها حلوة.
● مريم زيدان شابة مصرية جميلة من قرية ميت حبيب التابعة لمركز سمنود محافظة الغربية.. كانت من الطلبة المتفوقين على مستوى الجمهورية من ابتدائي للثانوية العامة ومن حفظة القرآن الكريم من وهي عندها 9 سنين.. للأسف قبل دخولها الجامعة لأول مرة الشهر قبل اللي فات أصيبت بـ كورونا، واتوفت بسببها!.. بسبب محبة كل زميلاتها ليها في المدرسة الثانوية، وإنها دايمًا كانت بتقابل الكل بابتسامة وبسبب تعلقهم بيها؛ قررت كل البنات زميلاتها في المدرسة إنهم يساهموا في عمل خيري يكون ذكرى وصدقة جارية على روح صديقتهم الطيبة.. خلّي بالك إحنا بنتكلم عن مجموعة بنات عمرهم مش بيزيد عن 18 سنة.. عملوا إيه؟.. جمعوا من بعض كل واحد باللي يقدر عليه من أول 10 جنيه لـ 200 جنيه، وكان إجمالي المبلغ 6850 جنيه وراحوا بالفلوس لمستشفى ميت حبيب الخيري التابعة للجمعية الشرعية، وتم تخصيص المبلغ عشان يدخل في وحدة الغسيل الكلوي، وبالفعل تم شراء سرير للغسيل الكلوي باسم مريم الله يرحمها.. بيموت الإنسان وبتفضل بعده سيرته الحلوة، ومحبة الناس له، ولطفه معاهم.. لُطفه معاهم اللي بيثبت إنه كان إنسان جميل، ووفائهم له اللي بيثبت إنهم كانوا ولاد أصول ويستحقوا اللُطف ده.. ربنا يرحم الطالبة الجميلة مريم زيدان، ويرزقها الجنة.
● عم محمد الجزار، نقاش بسيط عنده 47 سنة من البساتين.. قرر إنه يخصص يومين في الأسبوع يشتغل فيهم ببلاش عشان يخفف الأعباء على الشباب أصحاب الشقق اللي بيشطبوا شققهم! والسبب؟.. هما سببين الحقيقة من وجهة نظره.. الأول عشان ربنا يرزقه ويكفيه شر الأمراض زى ما بيقول.. والتاني عشان يساعد الشباب بعد ما الأسعار بقت غالية.. بيقول عم محمد، في حواره مع الصحفي أنس سعد، إنه ماتعاملش مع الموضوع بأنانية وكان حريص إنه يبص على الشباب وظروفهم خصوصًا المقبلين على الجواز!.. لو فيه شاب بيشطب شقة هيجيب عامل هياخد يومية 250 جنيه بسعر السوق، وطبعًا مش هيجيب عامل واحد بس ده ممكن اتنين وتلاتة ويمكن أربعة!.. ولما تحط على يومية العامل منهم ثمن الخامات والمونة اللي هيشتغلوا بيها فإحنا بنتكلم تقريبًا في 2000 جنيه في اليوم.. وده مش هيخلص بين يوم وليلة وأكيد هيستمر أيام.. من هنا جت فكرته بالشغل يومين ببلاش.. بدأ الشهر اللي فات ينفذ فكرته، ومقرر إنه يكمل فيها.. عم محمد، راجل مصري أصيل وعلى قد بساطته على قد احترامه وجماله.. حس بغيره، وصمم إنه يكون له دور من خلال الحاجة اللي بيفهم فيها.. دون ما يطنش أو يعمل نفسه مش واخد باله وكده كده ماكنش حد هيلومه بس اللي حركه كان جدعنته وأصله الطيب.
● فيه موقف عربيات سرفيس ميكروباصات في حلوان اسمه موقف عرب غنيم.. طبعًا في بداية كل يوم الصبح الدنيا بتبقى زحمة ناس عايزين يركبوا عشان يروحوا أشغالهم واللي عايز يلحق مصالحه، وطبعًا في الفترة الأخيرة ومع دخول الدراسة؛ الزحمة زادت عشان آلاف الطلبة اللي بيكونوا هما كمان عايزين يلحقوا مدارسهم!.. الفكرة إن الموضوع بيكون محتاج معافرة من الركاب عشان الكل عايز يركب بسرعة فبيحصل تدافع وطبعًا الطلبة الصغيرين مش بيكون ليهم الحظ الأوفر في الوصول للعربية.. بس المسؤولين عن موقف عرب غنيم ومعاهم السواقين أخدوا قرار مهم!.. المسؤولين عن الموقف اتفقوا مع السواقين إن كل سواق ينقل كل يوم 4 من أطفال المدارس بتوع ابتدائي مجانًا ويكون ليهم الأولوية في الركوب كمان!.. يوميًا؟!.. أيوه يوميًا.. والسبب؟.. بيقول واحد من مسؤولين الموقف إنهم عملوا كده عشان مايبقاش الأطفال مضطرين يتدافعوا وهما بيركبوا المواصلات وفي نفس الوقت عشان يخففوا على الأهالي جزء من مصاريف المواصلات!.. الموضوع مش مقتصر على الذهاب للمدارس بس لكن كمان السواقين بيوصلوا الأطفال وهما راجعين.. يعني ببلاش رايح جاي كل يوم!.. طب لو فيه حد من السواقين أعترض أو رفض؟.. مسؤولين الموقف قبل التنفيذ اتفقوا مع الكل إن هيبقى فيه عقوبة على أى سائق يرفض بأنه هيتوقف عن العمل لمدة أسبوع في الموقف بس العقوبة دي ماتمش تطبيقها لإن الكل كان راضي وموافق والموضوع حصل بإجماعهم.. تصرف فيه شهامة وجدعنة مصرية أصيلة مش هتلاقيها في أى مكان تاني غير بلدنا.
● لو زورت محافظة سوهاج خلال الأيام دي، وارد تكون شوفت وأنت بتتمشى في الشارع مجموعة من الشباب واقفين في الطريق العام بعلب نظيفة مقفولة فيها أكل سخن زى أكل بيوتنا بتاع أمهاتنا وغالبًا ريحة الأكل الشهية هتلفت نظرك عشان تعرف مين دول!.. دول مجموعة شباب جدعان عملوا مبادرة وسموها دفء سوهاج، قرروا من خلالها إنهم يلفوا في الشوارع ويوزعوا أكل سخن وصحي على المشردين والمحتاجين في الشوارع وقدام المستشفيات!.. الجميل في الحدوتة إنهم قسموا نفسهم مجموعات، وماكانتش التبرعات مادية.. كلها تبرعات عينية وبالمجهود.. ناس بتتبرع بالأكل، وناس بتتبرع بالطبخ، وناس بتتبرع بالتغليف، ثم ناس بتتبرع بالتوصيل والتوزيع.. شيرين واحدة من الشباب المشاركين في المبادرة بتقول في حوار مع الصحفية آية حسنين السباعي، إنهم اتفقوا إنهم مايزعجوش الناس اللي نايمة في الشوارع وبيحطوا الأكل جنبهم بهدوء وبيخبطوا على رجليهم برفق وبيمشوا بسرعة عشان ما يحسوش بأى إحراج.. الشباب اللي مالهومش أى انتماء لأى مكان غير بلدهم وحبهم ليها واللي عملوا كده من دماغهم وبدون ما حد يقول لهم؛ لقوا تعاون عظيم من ناس كتير منهم أصحاب مخابز أو محلات فاكهة ماكانوش بيرضوا ياخدوا فلوس مقابل الأكل اللي بيشاركوا بيه!
● مروة الصاوي، بتشتغل مديرة علاقات عامة في شركة.. من كام أسبوع ركبت تاكسي في طريق رجوعها لبيتها.. الطبيعي إن أي حد بعد نهاية يوم شغله بيبقى مرهق وتعبان والتركيز بيبقى في أقل دراجاته بسبب هدة الحيل، وهو ده اللي حصل مع مروة.. للأسف لما وصلت البيت كانت نسيت اللاب بتاعها في التاكسي!، واللي صعب الموضوع أكتر إنها ما أخدتش بالها من كده إلا تاني يوم وهي في الشغل!.. وطبعًا مفهوم إن اللاب كان عليه كل شغلها، واللي قيمته العملية أكبر بكتير من المادية!.. استقبلت اتصالات متتالية من رقم غريب على موبايلها ولما ردت اكتشفت إنه عم عيد، سواق التاكسي بتاع امبارح، واللي لما ردت عليه اعتذر لها على تأخيره في التواصل معاها وإنه لما فتح شنطة اللاب لقى كلام بالإنجليزي مافهمش منه حاجة فاضطر ينتظر ابنه عشان يترجم له ويحاولوا يلاقوا أى حاجة توصلهم لصاحب أو صاحبة اللاب لحد ما حصل ولقوا رقم مروة، وتواصلوا معاها وسلموها الأمانة بتاعتها وكتبت الموقف على فيسبوك عشان تشكره.. عم عيد، كان ممكن ياخد اللاب لنفسه وكده كده غالبًا محدش كان هيعرف عنه حاجة بس لأنه راجل محترم وأخلاقه عالية كان تصرفه مختلف.. على فكرة التاكسي مش بتاع عم عيد، لكن بيشتغل عليه بس، وعنده ابنين واحد طالب في طب أسنان، والتاني طالب في كلية هندسة، وحلم حياته إنهم يفرح بيهم وبتخرجهم ويشوفهم أحسن ناس في الدنيا.. ربنا يوسع رزقه ويبارك فيه وفي أولاده اللي أكيد برضه تربيتهم كانت سلمية زي أبوهم.
● أستاذ علاء الجابري، مدير في التربية والتعليم من قرية شنتا الحجر، محافظة المنوفية وفي الخمسينات من عمره.. من حوالي 4 سنين شاف قطعة أرض فاضية في القرية ومش مستخدمة.. وبسبب وظيفته كان عارف إن كتير من أطفال القرية في المرحلة الابتدائية بيضطروا إنهم يمشوا على رجليهم مسافات طويلة عشان يروحوا مدارس في قرى تانية جنبهم.. عشان كده قرر إن يكون له تصرف مختلف شوية.. اجتمع بمجموعة من أهل القرية وأخد رأيهم في الفكرة بتاعته إن يتم بناء مدرسة على الأرض الفاضية دي.. الكل وافق.. قدموا طلب للجهات المعنية وتم الموافقة عليه وقبل ما تمر سنة كانت هيئة الأبنية التعليمية بدأت في بناء مدرسة محمد عمر الابتدائية.. علاء ماكنش مكتفي بأنه اقترح الفكرة بس، وسعى إنه ياخد الموافقة على إنشاء المدرسة.. لأ.. ده كمان كان بيشتغل بإيده في بناء المدرسة، وكان بيشيل طوب على كتفه لحد ما انتهى بناءها بشكل كامل!.. من اللقطات اللطيفة برضه إن أستاذ علاء صمم إنه يرسم لوحة فنية عبارة عن شجرة بفروع وأوراق على حيطة رئيسية في المدرسة الجديدة وسماها شجرة المشاركة، وكمان بمساعدة أهالي القرية والطلاب نفذوا حديقة فيها أكتر من 40 شجرة!
● مهما كانت الظروف كلنا بنتأكد من مواقف كتير إن مصر محفوظة بـ طيبة وجدعنة أهلها ودعواتهم الحلوة.. دي الحقيقة اللي بتأكدها آلاف المواقف اللي بتحصل كل يوم وكل واحد فينا بيصادف منهم على الأقل موقف أو اتنين خلال يومه أو بيكون هو نفسه بطل موقف منهم في عيون غيره.. مش صدفة إننا البلد الوحيدة اللي اتذكرت في كل الكتب السماوية القرآن الكريم، الإنجيل، والتوراة.. مش صدفة إن ربنا يختص في القرآن الكريم مكانين بـ الأمن، والأمان هما البيت الحرام في مكة، ومصر!.. بلدنا حلوة، وناسها حلوة.. هي هتفضل كده، وإحنا هنفضل كده.