عاطف محمد عبد المجيد يكتب: الحسين خضيري فارس على كرسي متحرك
هناك في الأقصر يعيش حياته، ينام نهارًا ويسهر ليلًا في أغلب الأحيان، يرافقه كرسيه المتحرك، الذي بات يلازمه أينما ذهب، الطيبة تنبت من قلبه، ويزهر الحب حينما يلامس فؤاده، يحب الجميع، يتمنى لهم كل ما يسعدهم، إذا حدّثك تشعر بصوته المبتسم البشوش، وإذا مازحك أعجبتك ضحكته الوديعة.
يترجم وهو الشاعر، ويكتب الشعر وهو المترجم، ويبدع في كليهما، لا يشغل نفسه سوى بها، ولا ينافس إلا ذاته، ولا يهتم بغير ما نوي أن ينجزه. يقضي وقته في صومعته الخاصة به بين القراءة والترجمة والكتابة، وهذا هو عالمه الذي ارتضاه لنفسه وأحب وجوده داخله.
الحسين خضيري الصعيدي الذي يقيم هناك حيث آثار الفراعنة ومعابدهم، يبني معبده الخاص به، حبًّا وشعرًا، سواء أكان هذا الحب لمحبوبته أو لقصيدته التي تأتي فصيحة أحيانًا وبالعامية أخرى.
منذ سنوات تعرفت إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين ونحن نتواصل بشكل مستمر يسألني في أمور تخص الكتابة والنشر، ويفرح لي حين أنشر مقالًا أو أعلن عن قرب صدور كتاب لي، دائما ما يتواصل معي ليطمئن عليّ، وكثيرًا ما أفعل ذلك معه.
منذ أن عرفت الحسين خضيري وأنا أشعر أن الحياة لا يزال بها من يسعدوننا، من يجعلوننا لا نفقد الثقة في كل من حولنا، وأنها لا يزال بها أناس طيبين قلوبهم بيضاء نقية لم يلوثها أي شيء.
الحسين خضيري هو واحد من أولئك الذين يجعلوننا نحب الحياة أو نتصالح معها، يجعلوننا نتحمل ما قد يعترض طريقنا من عوائق، يجعلوننا نصمد ونقاوم ونرفض الاستسلام والخضوع.
نعم يتحرك الحسين خضيري على كرسي متحرك، لكنه فارس عظيم يفوز في كل سباق يشارك فيه.
ومن المُحبب إلى نفس الحسين خضيري دومًا، أن يُطلق لنفسه العنان، متجولًا في هدأةِ الليل، أو عند بزوغ الفجر، وفي بواكير الصباح، ليستنشق النسيم البكر، الذي داعب الحقول، فمنَّت بعبيرها عليه، مصطحبًا أغنيةً محببة إلى قلبه، من فيروز التي يعشق أغنياتها، أو صوت فايزة أحمد الذي يُشجيه، أو صوت العندليب حين يشرد به قلب العاشق، وكتابًا أو ديوان شعر.
أما طقسه المُحبَّب فهو الشتاء، إذ في الشتاء كما يقول تأوي القلوب إلى حزنها الشفيف، ترقى به وبه تسمو، وأحبُّ أوقات اليوم إليه في الشتاء هو وقت الغروب، ووقت هطول المطر، فحينما يتوارى البعض عند هطول المطر، آوين إلى بيوتهم، نجده قد تأهَّبَ للقاء رسول السماء، الذي نادرًا ما يزور الصعيد.
من أحب الأصوات إليه، صوت أُم كلثوم، لكنه يعشق أكثر ما يعشق، أُم كلثوم السنباطية، وأحب أغنياتها إليه من أجل عينيك، وحديث الروح، والأطلال.
بقي أن نذكر أن من أكلاته المفضلة الملوخية والأرز باللبن، والبسبوسة.